الجيش الليبي يلمح مجدداً إلى «قرب تحرير طرابلس»

قوات السراج تتأهب في سرت بعد إسقاط طائرة مسيّرة

TT

الجيش الليبي يلمح مجدداً إلى «قرب تحرير طرابلس»

لمح الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، مجدداً، أمس، إلى قرب تحرير العاصمة طرابلس، وقال إن أيام من وصفهم بالإرهابيين المتحالفين مع تركيا أصبحت معدودة، في إشارة إلى قوات حكومة الوفاق المدعومة دولياً، برئاسة فائز السراج، التي أعلنت في المقابل رفع درجة استعداداتها القصوى في مدينة سرت (غرب البلاد)، وقالت إنها أسقطت طائرة للجيش قرب مصراتة.
وبشرت شعبة الإعلام الحربي للجيش الوطني «الليبيين بأن تحرير طرابلس من براثن الإرهابيين المتحالفين مع الغُزاة الأتراك قد اقترب»، وعدت أن «أيامهم أصبحت معدودة، وسنحتفل بالنصر المُؤزَر بساحة الشهداء قريباً»، في إشارة إلى ميدان الشهداء، أحد أهم ميادين العاصمة.
ونقلت الشعبة، في مقطع فيديو مصور بثته في ساعة مبكرة من صباح أمس، تهاني من مقاتلي وجنود الجيش الوطني من مختلف محاور القتال إلى الليبيين كافة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.
وفي المقابل، أعلنت عملية «بركان الغضب» التابعة لميليشيات السراج، في بيان لها أمس، عن مقتل شخصين، وإصابة 3 آخرين، إثر تعرض منزلهم بمنطقة الشريدات، بالقرة بوللي التي تبعد نحو 49 كيلومتراً إلى الشرق من العاصمة طرابلس، للقصف من قبل قوات الجيش الوطني التي اتهمتها أيضاً باستهداف البنية التحتية للكهرباء، مشيرة إلى أنها ألحقت أضراراً بخطوط النقل، وبأكثر من 5 محطات، وأكثر من 20 محولاً.
وقالت قوات الوفاق إن التقديرات المالية للأضرار التي لحقت بمكونات الشبكة الكهربائية في جنوب طرابلس تبلغ نحو 230 مليون دينار ليبي، موضحة أن ما وصفته بالعدوان على طرابلس سبب فراغاً أمنياً استغله أصحاب النفوس المريضة في سرقة الأسلاك الكهربائية والإضرار بالشبكة العامة، كما أوقف عمليات الصيانة الدورية لمحطات توليد الكهرباء، مما قد يؤدي إلى وقوع أضرار تشغيلية بها.
ونشرت العملية لقطات فيديو قالت إن فرق الرصد والاستطلاع بالكتيبة (301) التابعة لقوات المنطقة الوسطى رصدت خلاله ما سمته بلحظة سرقة قوات الجيش أعمدة الكهرباء بمنطقة مشروع الهضبة، جنوب العاصمة طرابلس.
ونقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة الوفاق عن أحد قادتها الميدانيين حدوث ما وصفه بمناوشات بسيطة في محور عين زارة، بجنوب طرابلس.
وبدوره، أعلن المتحدث الرسمي باسم غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، التابعة لحكومة السراج، أن قواته أسقطت طائرة مسيّرة تابعة للجيش الوطني، كانت تحاول قصف مواقع لقوات السراج في منطقة الوشكة، على الطريق بين سرت ومصراتة (غرب البلاد)، مشيراً إلى أن قواته دمرت عدداً من الآليات العسكرية للجيش الوطني التي حاولت التسلل في محور جنوب منطقة أبو قرين، على بعد 120 كيلومتراً جنوب مدينة مصراتة.
وقال في إيجاز صحافي قدمه صباح أمس إن عدداً لم يحدده من المدنيين أصيب بعد انفجار سيارتين بسبب وجود ألغام في الطريق بين أبو قرين والجفرة، لافتاً إلى قواته رفعت الاستعداد للدرجة القصوى.
وكانت هذه القوات قد أعلنت قبل نحو أسبوعين صدها لهجوم هو الثالث من نوعه خلال شهر واحد لقوات الجيش الوطني في المنطقة نفسها.
ولا يفصل بلدة أبو قرين الاستراتيجية التي تسيطر عليها قوات حكومة الوفاق منذ انسحابها مطلع العام الحالي من مدينة سرت، ذات الأهمية الاستراتيجية بموقعها في منتصف الساحل الليبي على البحر المتوسط، التي سيطرت عليها قوات الجيش، سوى 140 كيلومتراً غرباً.
وتشن قوات الجيش الوطني منذ الرابع من شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي حملة للسيطرة على العاصمة طرابلس التي تقع على مسافة نحو 370 كيلومتراً شمال غربي سرت، حيث تتواصل الهجمات وتبادل الاتهامات ضد قوات الوفاق، رغم سريان الهدنة الهشة لوقف إطلاق النار، منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.
إلى ذلك، قالت مؤسسة النفط الموالية لحكومة السراج إن إيراداتها بلغت 093.‏1 مليار دولار أميركي خلال الشهر الماضي، بينما تراجعت صادرات النفط بنسبة 30.‏92 في المائة، الأمر الذي كبّد الاقتصاد الليبي خسائر هائلة.
وأوضح بيان للمؤسسة أن انخفاض المنتجات النفطية إلى الصفر خلال الشهر الماضي هو نتيجة لتوقف المصافي بسبب الإغلاق غير القانوني، وانخفض إنتاج الغاز الطبيعي مؤخراً بمعدل 200 مليون قدم مكعب يومياً نتيجة لإقفال صمام منطقة سيدي السائح.
وقال مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة، إن البلاد تكبّدت خسائر هائلة خلال الربع الأول من العام الحالي بسبب الإقفالات غير القانونية التي طالت كثيراً من منشآت النفط والغاز، وحذر من أن يؤدى التآكل الناجم عن النفط الراكد والمياه المالحة داخل الأنابيب إلى أضرار ماديّة كبيرة، مما سيكلّف الملايين لإصلاحها بعد نهاية الأزمة. وأضاف: «هذا الانخفاض في الإيرادات سيؤدّي إلى تأخير الاستثمارات الحكومية في الخدمات العامة، وسيعرقل المساعي الرامية إلى النهوض بالاقتصاد الوطني».
ومن جهة أخرى، نفت وزارة الخارجية الروسية «وجود جندي روسي واحد حالياً في منطقة الصراع العسكري في ليبيا»، وقالت، في بيان لها أمس، إنها لم تتلقَ «أي بيانات موثوقة عن أي مواطن روسي شارك في الأعمال العدائية على الأراضي الليبية، وقتل خلالها».
وعدت الوزارة أن التقارير التي ذكرتها بعض وسائل الإعلام العربية مؤخراً في هذا الصدد تهدف إلى خلق اعتقاد خاطئ بأن موسكو تتدخّل في النزاع المسلح الليبي الداخلي، من خلال انحيازها العلني إلى أحد أطراف النزاع. وأضافت: «في الواقع، تبذل روسيا قصارى جهدها لتسهيل وقف إطلاق النار، وتسوية سياسية للأزمة الليبية، ولم نظهر قط أي نية لدعم أي من طرفي النزاع».
ومن جانبه، أعلن الأردن دعمه للدعوة المشتركة لوزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية إلى هدنة إنسانية في ليبيا، واستلهام روح شهر رمضان المبارك، واستئناف المحادثات في سبيل وقف حقيقي لإطلاق النار، واستئناف محادثات السلام.
وقال أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني، في بيان مساء أول من أمس، إن الأردن يضم صوته إلى الأصوات التي تدعو الفرقاء في ليبيا إلى الحوار ونبذ العنف، والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة، وفي مقدمتها مرض فيروس كورونا، وشدد على أهمية الاستجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لوقف كل النزاعات. وتعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة بين حكومة السراج التي تحظى بدعم المجتمع الدولي، وأخرى في الشرق غير معترف بها، يدعمها مجلس النواب وقوات الجيش الوطني، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم