سارة الشرايبي: الماضي منبع لا ينضب لكن المستقبل أجمل

المصممة المغربية تتمتع برؤية عصرية تحترم بيئة المرأة وتفهم مسؤولياتها الجديدة

المصممة سارة الشرايبي في معملها
المصممة سارة الشرايبي في معملها
TT

سارة الشرايبي: الماضي منبع لا ينضب لكن المستقبل أجمل

المصممة سارة الشرايبي في معملها
المصممة سارة الشرايبي في معملها

دخلت سارة الشرايبي عالم تصميم الأزياء بخطوات ثابتة اكتسبتها من تكوينها في الهندسة المعمارية، وتعترف بأنه كان له فضل كبير في إكسابها الدقة اللازمة في إنجاز تصاميمها، التي ترسم معالمها تماما كما ترسم المخططات المعمارية من خلال الحرص على التوازي الهندسي في خطوط الجسم لتبرز نقاط الإبداع وجماليات المرأة في كل تصميم.
بدأ شغف سارة بالخياطة والتصميم في سن المراهقة، ورغم أن الخياطة لا تجذب عادة هذه الفئة العمرية اليافعة فإن سارة أحبتها وتعلمتها من والدتها ثم عن طريق «المعلمة». وهذه الأخيرة في العادة تتكلف بتعليم النساء المغربيات فن الخياطة والتطريز في المنزل، بعدها اتجهت إلى تصميم وخياطة ملابسها الخاصة وملابس صديقاتها عوض شرائها جاهزة. لم يكن الدافع ماديا بقدر ما كان متعة لإشباع هوايتها آنذاك.
ومع ذلك لم يكن العمل في مجال تصميم الأزياء واردا عندما اتجهت لدراسة الهندسة المعمارية بالمدرسة الوطنية للمهندسين في الرباط، لأن فكرة العمل في التصميم المعماري بدأت تدغدغها في ذلك الوقت. وبالفعل أكملت دراستها بباريس، ومرت 10 سنوات قضتها بمدينة الأنوار كانت كفيلة بإحياء شغف التصميم لديها، لا سيما وأن باريس تعتبر عاصمة الموضة والإبداع. فقد أيقظت باريس حس الإبداع لديها لأنها كانت تتنفسه في كل شارع أو متحف أو عمل فني تقع عليه عيناها. وترى سارة أن السنوات الـ10 التي قضتها في باريس كانت فارقة في حياتها المهنية، لأن السفر يعطي الفرصة للمبدع للخروج من عالمه إلى عوالم أخرى تمده بقوة الاقتراح.
عام 2010 كانت الانطلاقة الفعلية لسارة في مجال التصميم عندما شاركت بأول عرض أزياء لها في أسبوع الموضة بالدار البيضاء «festimode casablanca fashion week ». كانت الفعالية فرصة مهمة لها للقاء وسائل الإعلام وشخصيات من عالم الأزياء والموضة، وكذلك لقاء زبونات سيقتنين تصاميمها فيما بعد، وشجعها إقبالهن وإعجابهن على المضي في عالم تصميم الأزياء بخطوات واثقة.
في لقائها مع «الشرق الأوسط» تحدثت سارة عن أسلوبها وأوضحت أن فكرة «المعاصرة» أهم ما يميز تصاميمها، وفي نفس الوقت فهي تصاميم تتميز بالبساطة وتوحي للمتلقي بأنها الشكل «الطبيعي» للتصميم والشكل المثالي الذي يجب أن تكون عليه. وتضيف: «إن فكرة المعاصرة يمكن أن يكون منبعها من الماضي بحيث تأخذ من التاريخ ما هو معاصر، وبالنسبة لي فأنا أرى الموضة بالبحث في الماضي ثم تحويله إلى أفكار جديدة تخاطب العصر».
ولأن لكل مبدع في تصميم الأزياء مصدر إلهام وقدوة تثير إعجابه، سواء كانت مصمما أو عملا معينا، فإن سارة تعشق تصاميم الأزياء في فترة العشرينات والثلاثينات، خصوصا تلك التي أبدعتها المصممة مادلين فيونيه، لأنها قدمت أفكارا جديدة لشخصية المرأة الجديدة وتعاملت بعصرية سابقة لأوانها في ذلك الوقت مع الجسد الأنثوي وكيف تلفه بالأقمشة. من هذا المنطلق، تحرص سارة على أن تبدع تصاميم تحاكي الـ«هوت كوتير» بدقتها وخصوصيتها، وفي الوقت ذاته تخاطب المرأة الواثقة ذات الشخصية القوية والعاشقة للأناقة «لأن الأزياء» حسب رأيها «تزيد من ثقتها بنفسها».
وعن الأزياء المغربية التقليدية ترى أن وصول المصمم المغربي للعالمية ممكن بشرط أن يقدم مشروعا معاصرا ويتعامل مع الأزياء التقليدية مثل القفطان بطريقة عصرية بحيث يخاطب امرأة تعيش في الزمن الحاضر بكل تغيراته ومتطلباته، وهذا يعني في رأيها تصاميم تعبر عن شخصيتها وليست تصاميم تناسبها كامرأة شرقية بغض النظر عن الحقبة الزمنية. كل هذا تقوم به من خلال إبراز ما هو كلاسيكي في الزي التقليدي المغربي مضيفة إليه لمسات عصرية من دون أن تنسى بيئتها وواقعها. أما الزي التقليدي فهو بالنسبة لها منبع تستلهم منه وكنز لا ينضب يمكن أن تتعلم منه دروسا مفيدة ومهمة في الموضة والأناقة، لأنه يحقق معادلة صعبة بين الأصالة والمعاصرة، لهذا يظهر في الكثير من أعمالها بأشكال جديدة تعبر عن طموحاتها وتوجهاتها، من دون أن تنسى مراعاة أن يناسب المرأة أيا كان حجمها أو مقاسها.
واستطاعت سارة تجسيد هذه الأفكار من خلال مجموعتها الأخيرة التي ستقدمها قريبا بعنوان «الشرق» ركزت في مضمونها على استنباط الدروس من الأناقة والمغربية والشرقية بشكل عام عن طريق القفطان المغربي، لكن دائما برؤية عصرية، وتحكي سارة عن أحدث مجموعة من تصاميمها التي استنبطتها من الحضارة الإسلامية في استعمالها لأشكال الطبيعة وبالتحديد في شكل التوريق، ثم استعانت ببعض التقنيات التي تستخدم في الخياطة التقليدية، وهو نوع خاص من التطريز المغربي يعتمد على إضافة لمسة نهائية على القفطان أو الجلابة، هذه التقنية استخدمتها سارة في تزيين حواف الأوراق ثم وزعتها على تصاميمها كل حسب شكله، وقدمت من خلالها مجموعة فريدة تعبر أن أفكارها وتطلعاتها، إلا أن هذا العمل يتطلب إبداع المصمم إضافة إلى حرفية الصانع. وفي هذا الصدد تؤكد سارة أن المصمم ليس هو الحلقة الأهم فقط في مشوار الزي، بل هناك أيضا المبدع في فن الخياطة، وهو الذي يملك «السلطنة» في فن الخياطة.
وتمثل تجربة المصممة سارة الشرايبي مع شركة «شواروفسكي» أهم محطة في مسيرتها كمصممة تسير في الطريق التميز من خلال اختيار الشركة لها ضمن مجموعة من المصممين الشباب في عدد من الدول بالعالم للعمل على أحدث أحجار «شواروفسكي» في عمل يبقى ضمن الأعمال التي تصمم لكل مجموعة معينة من الأحجار تنتجها الشركة، وأعربت سارة عن أنها كانت تجربة غنية فتحت لها المجال أمام أفكار جديدة.
وعن طموحها تقول إنها تسعى للوصول إلى قلوب أكبر عدد من النساء، ليس فقط من حيث العدد وإنما من حيث نوعية النساء ومستواهن الثقافي والفكري. وتقول: «إن ما أقترحه يتماشى مع نوعية معينة من النساء، وهن اللواتي يكنّ على دراية حول سبب اختيارهن لتصاميمي، فبالنسبة لي نصف الطريق هو تصميم العمل والنصف الثاني ارتداؤه من قبل النساء».



4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».