رئيس الشاباك الأسبق يحذر من اغتيال قضاة في إسرائيل

تحدث خلال مظاهرة «الأعلام السوداء» في تل أبيب

مظاهرات الأعلام السوداء في تل أبيب ضد سياسة نتنياهو والائتلاف مع غانتس
مظاهرات الأعلام السوداء في تل أبيب ضد سياسة نتنياهو والائتلاف مع غانتس
TT

رئيس الشاباك الأسبق يحذر من اغتيال قضاة في إسرائيل

مظاهرات الأعلام السوداء في تل أبيب ضد سياسة نتنياهو والائتلاف مع غانتس
مظاهرات الأعلام السوداء في تل أبيب ضد سياسة نتنياهو والائتلاف مع غانتس

حذر الرئيس الأسبق للشاباك (جهاز المخابرات العامة)، كرمي جيلون، من تنفيذ اغتيالات بحق قضاة في إسرائيل «نتيجة للتحريض الدامي الذي نشهده ضد الجهاز القضائي».
وقال جيلون، الذي كان يتحدث أمام حوالي ألفي متظاهر في تل أبيب رفعوا شعار محاربة الفساد، إن «إسرائيل تشهد مرحلة ظلامية في تاريخها بسبب المحاولات لتدمير الأسس الديمقراطية وفي مقدمتها استقلالية القضاء». وحمل المسؤولية عن ذلك لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو «الذي يقود هذا التحريض»، وبيني غانتس، الذي تحالف مع نتنياهو على اتفاق ائتلافي ينص على المساس بصلاحيات المحكمة العليا ويحطم السلطة التشريعية.
وكشف جيلون، الذي كان رئيسا للمخابرات في زمن اغتيال رئيس الوزراء، إسحق رابين، سنة 1995، إنه كان قد اجتمع مع نتنياهو في ذلك الوقت. ووجه كلامه إلى نتنياهو مباشرة، وقال له: «يا سيد نتنياهو. أذكرك بأنني جئت إليك إلى مكتبك في الكنيست في شهر أغسطس (آب) من سنة 1995. أنا كنت رئيسا للشاباك وأنت كنت رئيسا للمعارضة، وحذرت أمامك من أن ما يسمع في خطاباتك من تحريض وما يسمع في خطابات سياسيين آخرين من المعارضة ورجال دين يهود، من شأنه أن يؤدي إلى اغتيال رئيس حكومة. قلت لك، يومها، أنه يكفي أن يأخذ شاب واحد هذا التحريض إلى زاوية عملية حتى نرى ذلك القتيل. لكنك لم تصغ إلي. ولم تغير ولم تبدل شيئا من الطريق الذي اخترته. وها أنا أتوجه إليك اليوم أيضا مرة أخرى، بالتحذير: سيد نتنياهو. أنت اليوم رئيس حكومة. سلامة القضاة في إسرائيل ملقاة على عاتقك. أصغ اليوم لي جيدا. إذا لم توقف التحريض على القضاء وعلى قضاة محكمة العدل العليا، أنت ورفاقك، فإننا سنشهد اغتيالا لأحدهم. دماؤهم على كفك».
وكانت هذه المظاهرة واحدة من ثلاث مظاهرات جرت مساء السبت، وأضيفت لها مظاهرة رابعة، أمس الأحد، ضد سياسة الحكومة الحالية وضد الائتلاف الذي أقامه نتنياهو وغانتس للحكومة القادمة. وهي تجري في ظل الأعلام السوداء، رمزا للحداد على الديمقراطية. وفي يوم أمس أقيمت مظاهرة خامسة، بمشاركة رجال الأعمال وأصحاب المتاجر والمصالح الخاصة، الذين يشكون من أن الحكومة لا تكترث لأزماتهم الاقتصادية الناجمة عن الإغلاق ولا تدفع لهم تعويضات كافية عن خسائرهم الفادحة.
وتظاهر آلاف الإسرائيليين السبت احتجاجا على الاتفاق المبرم بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس البرلمان بيني غانتس لتشكيل حكومة وحدة.
وسار متظاهرون في مدينة تل أبيب الساحلية تنديدا بالاتفاق باعتباره مناورة من نتنياهو الذي يواجه اتهامات بالرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن نحو ألفي شخص شاركوا في المظاهرة السبت، وقد راعوا خلالها قواعد التباعد الاجتماعي إضافة إلى وضعهم كمامات للوقاية من فيروس «كورونا» المستجد. ويرفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «الشعب ضد الحكومة»، ملوحين بالأعلام الإسرائيلية.
وكان نتنياهو وغانتس قد وقعا الاثنين اتفاقا لتشكيل حكومة وحدة وطوارئ بعد تصريف حكومة نتنياهو الأعمال على مدى 16 شهرا تخللتها ثلاثة انتخابات تشريعية.
وسيتولّى نتنياهو المتّهم بقضايا فساد والذي أرجئت محاكمته بسبب أزمة «كوفيد - 19»، رئاسة الوزراء خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى من عهد الحكومة، لتنتقل بعدها رئاسة الحكومة إلى غانتس خلال الأشهر الـ18 المتبقية.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».