السلطة الفلسطينية تهدد إسرائيل بـ«لحظة الحسم»

بعد مصادرة 450 مليون شيقل من أموال الضرائب

TT

السلطة الفلسطينية تهدد إسرائيل بـ«لحظة الحسم»

أصدرت «المحكمة المركزية» الإسرائيلية في القدس، أمراً يقضي بالحجز على 450 مليون شيقل من أموال العوائد الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، بصفتها مسؤولة عن عمليات سابقة ضد إسرائيليين، وهو قرار هددت معه السلطة بالتعجيل باتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بإلغاء الاتفاقيات.
وقال حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، إن القرار الإسرائيلي يمثل قرصنة وسرقة للأموال الفلسطينية. وأضاف أنه «قرار قرصنة جديد وسرقة لأموالنا مما يسمى محكمة الصلح الإسرائيلية، تلبية لدعوى من قبل المستوطنين ضد السلطة»، مشدداً على «أن هذه القرارات تقربنا يومياً من لحظة الحسم، وتنفيذ كامل لقرارات المجلسين الوطني والمركزي».
وتحدث الشيخ عن إلغاء الاتفاقيات مع إسرائيل، وتعليق الاعتراف المتبادل، وهي قرارات لوح بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤخراً، إذا ما أقدمت إسرائيل على ضم أي جزء من الضفة.
وتم اتخاذ القرار في المحكمة الإسرائيلية، بموجب قرار سابق للمحكمة، حمل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن العديد من العمليات والهجمات الموجهة ضد إسرائيليين. وقالت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية «كان»، إن منظمة «شورات هدين» تقوم منذ عدة سنوات بتحريك هذه الدعوى القضائية، التي شملت طلباً للمحكمة بفرض أمر حجز على 1.7 مليار شيقل من أموال السلطة الفلسطينية. وطالبت المنظمة، المحكمة، بحجز مبلغ تعويضات بقيمة 10 ملايين شيقل عن كل ضحية، ولكن في هذه المرحلة، أصدرت المحكمة أمراً بقيمة 450 مليون شيقل، يضاف إلى أمر حجز سابق بحوالي 57 مليون شيقل.
كانت «المحكمة المركزية» في القدس، أصدرت في شهر يوليو (تموز) من عام 2019، قراراً يقضي بتحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن 17 عملية ضد إسرائيل، وبإمكانية تعويض أهالي القتلى بمبلغ قد يصل إلى أكثر من مليار شيقل.
ووفقاً للقرار، فإنه تم إصدار أمر حجز مؤقت لجميع أموال السلطة الفلسطينية المجمدة من قبل إسرائيل، وفي المرحلة الثانية، إذا لزم الأمر، تم إصدار أمر حجز بقيمة 50 مليون شيقل من أموال دافعي الضرائب المحولة إلى السلطة الفلسطينية، حتى يتم الوصول إلى مبلغ التعويضات المطلوب. ويمكن قرار المحكمة الإسرائيلية، كل من أصيب أو تضرر جراء العمليات من تقديم دعاوى تعويضات مالية ضد السلطة الفلسطينية، علماً بأن العديد من الملفات والدعاوى موجودة أمام المحكمة منذ 20 عاماً.
وجاء توقيت القرار في أسوأ ظرف مع تفاقم المعاناة المالية للسلطة، بسبب جائحة «كورونا».
ويعاني الاقتصاد الفلسطيني من تراجع قبل جائحة «كورونا»، وهو ما يجعله يئن الآن تحت وطأة هذه الجائحة. وتتوقع السلطة أن يرتفع عجز الموازنة إلى 1.4 مليار دولار، وفق التوقعات بفعل انخفاض الإيرادات لأكثر من 50 في المائة، فيما تبلغ قيمة الخسائر الإجمالية للاقتصاد الفلسطيني 3.8 مليار دولار.
ويعود كل ذلك إلى فقدان السلطة نسبة كبيرة من أكبر دخل تعتمد عليه، وهي إيرادات المقاصة، مع فقدان نسبة كبيرة من الدعم الخارجي. واشعل ذلك مخاوف محلية بعدم قدرة السلطة على الإيفاء بالتزاماتها، بما في ذلك دفع رواتب موظفيها.
وتشكل فاتورة الراتب العبء الأكبر على السلطة. وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، ألمح سابقاً إلى أن السلطة قد لا تستطيع توفير كامل رواتب الموظفين في الشهور المقبلة، بعدما تم توفيرها كاملة هذا الشهر. وتقدر فاتورة رواتب الموظفين العموميين في السلطة الفلسطينية بحوالي 550 مليون شيقل.
وقال الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم، رداً على سؤال في إيجازه اليومي حول قدرة السلطة على دفع رواتب موظفيها كاملة، إن ذلك رهن بما سيدخل خزينة الدولة خلال الشهر الحالي، مضيفاً أن وزارة المالية ستقيّم ذلك، ثم تقرر ما هي النسبة التي يمكن أن تدفع للموظفين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».