رواتب موظفي إقليم كردستان تدخل على خط أزمة الحكومة العراقية

«تحالف الفتح» يطالب الكاظمي بإنصاف الشيعة... ويتهمه بمحاباة الأكراد والسنّة

TT

رواتب موظفي إقليم كردستان تدخل على خط أزمة الحكومة العراقية

دخلت رواتب موظفي إقليم كردستان على خط الأزمة العراقية. وطبقاً للوفد الكردي الذي زار بغداد مؤخراً بهدف إجراء مفاوضات حول الحكومة والرواتب ونفط الإقليم، فإن هناك ضغوطاً تمارس لإفشال التفاهمات بين حكومتي بغداد وكردستان.
وقال بيان صادر عن مكتب نائب رئيس الوزراء بحكومة إقليم كردستان، قوباد طالباني، إن الأخير «اجتمع في مبنى رئاسة مجلس الوزراء بأربيل مع أعضاء الوفد التفاوضي لإقليم كردستان مع الحكومة العراقية، لبحث آخر المستجدات ونتائج الزيارة الأخيرة للوفد إلى بغداد». وأضاف البيان أن «الوفد عرض في مستهل الاجتماع نتائج زيارته إلى بغداد والوضع المالي في العراق حالياً»، مشيراً إلى «انخفاض العائدات النفطية في العراق بنسبة كبيرة، ووجود فارق كبير بين حجم الإيراد والإنفاق». وأوضح الوفد أن «هذا العجز في بغداد أدى إلى ممارسة ضغوط سياسية لإفشال التفاهمات السابقة بين الإقليم وبغداد». ولفت البيان إلى أن «طالباني قال خلال الاجتماع إن أولوية الحكومة تتمثل بحماية سلامة المواطنين، وتوفير رواتب الموظفين، لذا سنبذل كل ما بوسعنا وسنواصل جهودنا لتأمين معيشة المواطنين والحفاظ على صحتهم»، مشدداً على «التصدي وإفشال كل المحاولات الرامية لمصادرة الحقوق والمستحقات المالية لمواطني إقليم كردستان».
وجاء ذلك فيما عاد بعد 17 عاماً من حكم الشيعة في العراق مصطلحُ «تهميش» المكوّن الشيعي، لكن هذه المرة على يد سياسي شيعي كان اتُهم قبل شهور بـ«التآمر» في عملية المطار، ومن ثم عادوا بتكليفه تشكيل الحكومة وسط إجماع غير مسبوق تم توثيقه بالصوت والصورة.
قبل عام 2003 كان المصطلح الشائع خلال حقبة حكم البعث وصدام حسين هو «المظلومية الشيعية والكردية» بدعوى أن الحاكم الأول في البلاد سُنّي. بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 تغيرت المعادلة؛ حيث وصل الشيعة إلى الحكم وتقاسموا كتابة الدستور الدائم للبلاد مع الأكراد عبر حلف تمت تسميته «الحلف التاريخي» بين الطرفين مقابل تهميش العرب السنّة بحجة أنهم لم يكونوا يملكون تاريخاً ولا قاعدة قوية بالمعارضة ضد نظام صدام.
ومع أن الثابت أن معظم ما سُمّيت مؤامرات الانقلاب على صدام حسين؛ بدءاً من عام 1970 والتي سميت «مؤامرة عبد الغني الراوي» (سُنّي)، إلى عام 1990 حيث مؤامرة «الجبور» السُنّة، ومؤامرة عام 1996 التي قام بها اللواء الركن محمد مظلوم (سُنّي من الأنبار)، كانت كلها سُنّية، لكنها لم تؤسس جبهة معارضة على غرار الأكراد والشيعة.
المفارقة اللافتة هذه الأيام وخلال مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية التي كلف بها مصطفى الكاظمي مدير جهاز المخابرات، هي أنه بدأت تظهر بعض المصطلحات التي لم يألفها القاموس السياسي المتداول منذ عام 2003 وحتى اليوم. فبعد تكليف الكاظمي بإجماع غير مسبوق وبعد تسريب قوائم عدة مزورة من الوزراء، ظهرت القائمة الصحيحة التي اقترحها الكاظمي ووزعها على الكتل السياسية بهدف إبداء آرائهم بها، والتي أثارت ضجة لم تكن متوقعة؛ بحيث كشفت ليس عن عمق الخلافات بين الكتل داخل المكوّن الواحد، باستثناء الأكراد، إنما عمّقت أزمة الثقة بين كل المكونات. بالنسبة للكتل الشيعية، ترى أن الكاظمي، رئيس الوزراء المكلف الشيعي، يحابي العرب السنة والأكراد على حسابهم. رئيس «كتلة الفتح» في البرلمان العراقي محمد الغبان أطلق مصطلح «المسطرة الواحدة» الذي يتوجب على الكاظمي السير بموجبها، وبالتالي، فإن وضعه يبقى مهدداً في حال لم يأخذ بعين الاعتبار مبدأ توزيع الوزارات طبقا لمبدأ «المسطرة الواحدة» على الجميع.
في السياق نفسه، أعلن رئيس «كتلة بدر» في البرلمان العراقي حسن شاكر الكعبي، أن الكاظمي يعمل على تهميش المكوّن الشيعي. الكعبي؛ وفي تصريح له أمس، قال إنه «وخلال بداية تكليف الكاظمي كان الاتفاق على أن تكون هناك عدالة كالمسطرة في التعامل بحوارات تشكيل الحكومة مع جميع المكونات والكتل السياسية». وأضاف أن «القوى الشيعية أعطت مرونة للكاظمي في اختيار مرشحي كابينته، لكنه كان (عليه) بالضرورة أن يخرج بكابينة عادلة، وأن يعطي استحقاق الجميع، فلا نقبل تهميش المكوّن الشيعي كما لا نرضى تهميش أي مكون عراقي أصيل».
من جهته؛ يرى الباحث السياسي العراقي الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اعتماد الكاظمي العمل وفق مفهوم المسطرة الواحدة على صعيد الكابينة الحكومية أو حتى وفق المساحات التي تتعامل معها القوى السياسية، أنا أراها محاولة منه لموازنة الضغوط الموجهة له من قبل القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية، وهذا ربما يكون جزءاً من المناورة السياسية التي يعتمدها»، مبينا أن «الكاظمي يدرك جيداً أن الاعتذار سيرتد بشكل سلبي على هذه الأحزاب التي رشحته لهذا الموقع، وبالتالي فإنه يحاول الوصول إلى مستوى من الضغوط على هذه القوى السياسية بحيث يكون الجميع له الاستحقاق نفسه».
وأوضح الشمري أن «هذا الأمر وفي حال منحه الثقة، فإنه يريد أن يكون له الكلمة الفصل رغم أنه في ظل طبيعة النظام السياسي في العراق هو رئيس مجلس وزراء لا رئيس وزراء، وبالتالي هو يمتلك صوتاً عند التصويت حاله حال بقية الوزراء، لكنه يريد أن يوازن بين موازين القوى؛ بحيث لا تكون هناك إرادة قد تعلو على إرادة أخرى». وأوضح الشمري أن «الانطلاق في العمل وفقاً لمبدأ المسطرة الواحدة فإنه يريد به أن يوجه رسالة إلى الحركة الاحتجاجية بأنه تعامل كرئيس وزراء مكلف مع هذه القوى السياسية بمعيار واحد ولم يتم اعتماد معايير أخرى قد لا ترضي المتظاهرين».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.