الرئيس التونسي يطلب مراجعة نتائج التحقيق في صفقة الكمامات

TT

الرئيس التونسي يطلب مراجعة نتائج التحقيق في صفقة الكمامات

إثر إعلان الهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية الحكومية عن الانتهاء من نتائج التحقيق الإداري حول صفقة مشبوهة من الكمامات الطبية التي تورط فيها كل من وزير الصناعة في حكومة الفخفاخ وجلال الزياتي النائب في البرلمان التونسي عن كتلة «الإصلاح الوطني» المنضمة إلى الائتلاف الحاكم، طلب الرئيس التونسي قيس سعيد تمكينه من التقرير الذي أعدته الهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية حول هذه الصفقة، ومن المنتظر أن يتباحث مع رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ حول هذه المسألة بعد اطلاعه على التقرير النهائي المنتظر أن تعلن نتائجه اليوم (الاثنين).
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الرئيس التونسي قد دعا إلى محاسبة أي طرف مهما كانت صفته إذا ما ثبت ارتكاب جريمة فساد وتضارب مصالح وانتهاك للقانون، وهو ما سيؤثر على موقف رئيس الحكومة التونسية الذي دافع عن صالح بن يوسف وزير الصناعة على الرغم من مخالفته مراحل الحصول على الصفقات العمومية.
ويرى مراقبون أن إمكانية الخلاف حول هذا الملف واردة بين الرئيس التونسي ورئيس الحكومة؛ إذ إن الرئيس التونسي سيكون مدافعاً عن القانون ومكرساً للدستور الذي يمنع نواب البرلمان من الحصول على صفقات تجارية خلال فترة انتخابهم في البرلمان، فيما سيتمسك رئيس الحكومة بمبدأ الدفاع عن فريقه الحكومي وسيعدّ تكليف وزير الصناعة للنائب البرلماني بتصنيع مليوني كمامة طبية خلال فترة لا تزيد على أسبوعين، من قبيل «حرية المبادرة لأعضاء الحكومة خلال الفترة الاستثنائية التي تمر بها تونس».
يذكر أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهي هيئة دستورية، قد كشفت عن أكثر من 11 تبليغاً عن شبهات فساد وتضارب للمصالح في صفقة مشبوهة من الكمامات الطبية عددها مليوني كمامة، وذلك إثر الكشف عن وجود نائب برلماني تمتع بهذه الصفقة من خلال اتصال هاتفي مباشر مع وزير الصناعة، الأمر الذي جعلها تقوم بعمليات تقصٍّ كانت نتيجتها إحالة الملف إلى القضاء.
وأذنت النيابة العامة التونسية منذ يوم 17 أبريل (نيسان) الحالي بفتح تحقيق قضائي حول هذه الصفقة المشبوهة، وأكد محسن الدالي المتحدث باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي، أن فرقاً أمنية أجرت سلسلة من التحقيقات لمدة 5 أيام، ومن المتوقع أن يكون جلال الزياني النائب البرلماني عن كتلة «الإصلاح الوطني» ويوسف بن صالح وزير الصناعة الحالي وغيرهما من كبار موظفي وزارة الصناعة ضمن قائمة المستمَع إليهم أو المنتظَر سماعهم في هذا الملف المثير للجدل.
على صعيد آخر، اتهم «الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال)»؛ الطرف الاجتماعي القوي، عدداً من أصحاب المؤسسات الاقتصادية بالتلكؤ في تنفيذ الاتفاق المبرم مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال) ووزارة الشؤون الاجتماعية، ممثلة للطرف الحكومي، والقاضي بتكفل الوزارة بتمكين العمال من مائتي دينار تونسي (نحو70 دولار) من أجرة عمال القطاع الخاص على أن يتولى أصحاب المؤسسات صرف بقية راتب شهر أبريل الحالي.
وأكد سامي الطاهري، المتحدث باسم نقابة العمال، على أن التزام رجال الأعمال غير مشروط بأي نوع من الشروط، على غرار استكمال رصيد العطل السنوية أو اعتبار الأجر سلفة أو تسبقة على بعض المنح العينية مثل لباس الشغل أو غيره، ودعا إلى الالتزام بالاتفاق وخلاص الأجور دون محاولة الالتفاف عليه، على حد تعبيره.
يذكر أن نسيج المؤسسات في تونس يضم نحو 735 ألف مؤسسة؛ منها 570 ألفاً أشخاص طبيعيون ممارسون لنشاط مهني لحسابهم الخاص، غير أن هذا النسيج المتشابك توقف أغلب الناشطين به بمقتضى قانون الحجر الصحي الشامل. ودفع هذا الوضع الاستثنائي بالدولة التونسية لاتخاذ إجراءات خاصة مثل ما انتفع به أعوان وإطارات القطاع العام، وقدمت تعويضات مالية للمؤسسات المتضررة وُجهت خاصة لصغار التجار والحرفيين.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».