البرهان يصعد ضد رموز نظام البشير ويتوعد بالقبض عليهم ومحاكمتهم

اتهمهم بمحاولة الوقيعة بين مكونات القوات المسلحة ونشر الشائعات

عبد الفتاح البرهان
عبد الفتاح البرهان
TT

البرهان يصعد ضد رموز نظام البشير ويتوعد بالقبض عليهم ومحاكمتهم

عبد الفتاح البرهان
عبد الفتاح البرهان

حذر رئيس مجلس السيادة الانتقالي السودان، «حزب المؤتمر الوطني» المنحل ورموز نظام الرئيس المعزول البشير، من محاولات بث الفتنة بين المكونات العسكرية، ومن محاولاتهم لاستمالة بعض أطرافها ومن السعي للقيام بانقلابات تستهدف إفشال الفترة الانتقالية.
وتوعد عبد الفتاح البرهان، بإلقاء القبض على بعض الأشخاص، وتقديمهم لمحاكمات عاجلة، ووجه أصابع الاتهام لحزب المؤتمر الوطني - حزب البشير - بقوله: «المؤتمر الوطني هو المتضرر الوحيد من انحياز القوات المسلحة للشعب، لذلك يحاول الوقيعة بين فصائل القوات المسلحة، وبث الفتنة بين مكونات قوى الثورة».
وقطع البرهان الذي كان يتحدث في مقابلة بثها تلفزيون السودان الرسمي مساء أمس، بأنهم يملكون دلائل، كما وصلتهم رسائل عبر وسائل متعددة بأن أنصار النظام المعزول لن يسمحوا بعبور الفترة الانتقالية بسلام، وأن سعيهم لتقويض الحكومة الانتقالية ليس مخفياً على أحد، وأعلن عن تكوين «جسم مشترك» من القوات الأمنية كافة، لملاحقة وإلقاء القبض على مروجي الإشاعات التي تستهدف وحدة قوى الثورة، وإلقاء القبض عليهم وفتح بلاغات ضدهم وتقديمهم لمحاكمات عاجلة، وتقديم كل من يهددون الثورة ممن سماهم «الهاربين والمندسين» للمحاكمة العادلة.
وأضاف البرهان: «وصلتنا رسائل مباشرة من أعضاء بالمؤتمر الوطني، وتنظيمات سابقة تابعة له، تتضمن تهديدات بزعزعة استقرار الفترة الانتقالية»، وتابع: «تتضمن تلك التهديدات بالترويج لانقلابات وسط القوات المسلحة، والتشكيك في وحدتها، ظلت مستمرة منذ بداية الثورة»، واستطرد: «المعلومات تؤكد أن هناك تنظيمات سياسية تسعى لإنشاء تنظيمات سياسية داخل القوات المسلحة، في محاولة منها لاختراق الجيش».
وكشف البرهان عن اتفاق تم بينه ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك على إجازة قانون لجرائم المعلوماتية، لمواجهة خطط وإشاعات أفراد النظام المعزول، على السوشيال ميديا أو الصحافة، التي تهدف لإثارة البلبلة وإضعاف الفترة الانتقالية، وتقديمهم للمحاكمة.
وأكد رئيس مجلس السيادة على وجود توافق تام بين شريكي الحكم العسكريين والمدنيين، وجميع مكونات الحكومة الانتقالية، وقال: «لا يمر يوم دون لقاء أو اتصال برئيس الوزراء، عبد الله حمدوك للتشاور في القضايا التي تواجه الفترة الانتقالية بالبلاد».
وانتقد البرهان المواكب الاحتجاجية التي سيرها رموز النظام السابق للقيادة العامة، ونفى سماح القوات المسلحة بقيامها ووصولها أمام القيادة العامة، وقال: «القوات النظامية تقف مع ثورة الشعب السوداني، ولن تستجيب لأي هتافات تقف ضد التغيير في البلاد»، وتابع: «نحن نعرف أن الهتافات التي نادوا بها هي ليست هتافات ثورة الشعب».
وأبدى البرهان أسفه على حدث «فض الاعتصام» من أمام القيادة العامة رمضان الماضي، وراح ضحيته مئات القتلى من المدنيين والجرحى، وهي الأحداث التي تحقق فيها لجنة تحقيق برئاسة المحامي نبيل أديب، وقال البرهان: «نتمنى أن تكشف التحقيقات المتورطين في تلك الأحداث».
من جهة أخرى، وعد البرهان بإخضاع المؤسسات الاقتصادية العسكرية ذات الطابع المدني لسلطة وزارة المالية، وتحويلها لشركات مساهمة عامة، لتدعم الاقتصاد الوطني.
وبشأن لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا، قال البرهان إن أمر العلاقات الخارجية للبلاد بيد الجهاز التنفيذي، وهو الذي يقرر بشأنها، وفقاً لمصلحة السودان، وإنه وحده يحدد كيفية تطوير علاقات السودان الخارجية.
وتوقع البرهان حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في وقت قريب، بقوله: «قريباً سيحذف اسم السودان من تلك القائمة، لأن السودان وشعب السودان لم يكن إرهابياً، وإن القضية يتحمل وزرها النظام السابق الذي لم يعد موجودا الآن»، وأوضح أن الحكومة السودانية نفذت المطلوبات الأميركية لحذف اسمه من قائمة الإرهاب كافة، وأضاف: «تلقينا منهم وعوداً برفع العقوبات قريباً».
وكشف البرهان في آخر مقابلته سيناريو عزل الرئيس عمر البشير، وقال إنه كلف مع اثنين آخرين بإبلاغه بقرار الإقالة، بيد أنه ذهب وحده ولم يسأل الاثنين الآخرين حتى الآن عن سبب تخلفهما، كما أوضح أن المجلس العسكري الأول برئاسة عوض بن عوف ذهب بضغوط من قبل القيادة العسكرية بعد إبلاغهم بعدم قبول الشعب بهم.
وفي الوقت ذاته، كشف البرهان لأول مرة عن مجموعات داخل القوات المسلحة كانت تخطط للانحياز للشعب إبان الثورة الشعبية، وأن قيادة الجيش ما لم تسارع بإعلان انحيازها للشعب، فإن هذه المجموعات كانت ستتولى الأمر وتنحاز للثورة الشعبية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».