بيب كلوتيت: «كوفيد ـ 19» علّمنا كيفية التكيّف مع الظروف الصعبة

يتعين علينا، كمديرين فنيين، أن نستفيد من الوضع السيئ الذي نعاني منه الآن، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، والذي نتمنى أن ينتهي سريعاً. وكلما أتحدث مع نظرائي من المديرين الفنيين، تعود المحادثات إلى الموضوع نفسه: حقيقة أنه في حياتنا المهنية يمكننا القيام ببعض الأشياء الإيجابية.
وبينما يتعين على اللاعبين أن يحافظوا على لياقتهم البدنية أثناء فترة توقف النشاط الرياضي، فإن عملنا يركز بالقدر نفسه على الحفاظ على تركيزنا الذهني. وهذا هو السبب في أن الكثير منا يستغل هذا الوقت لإعادة تقييم الكثير من الأمور والخطوات، والابتعاد عن الضغط المستمر المتمثل في ضرورة تحقيق الفوز كل أسبوع، والنظر إلى الكثير من الأشياء المهمة في الحياة.
لا يعد هذا شيئاً سهلاً عندما تكون منغمساً في هذه الوظيفة، التي أعمل بها منذ عقدين من الزمان، والتي يعمل بها الكثير من زملائي لفترة أطول من ذلك بكثير. لذلك؛ فإننا نتعلم بعض الدروس القيّمة، لأنه في كرة القدم نكون أحياناً منغلقين عن أنفسنا وبعيدين كل البعد عن الحياة الواقعية. إننا نقدر الحاجة إلى رعاية بعضنا بعضاً، وتعلم كيفية التواصل مع أنفسنا بطرق نادراً ما تكون ممكنة ونحن مشغولون بالنشاط الرياضي.
وفي ظل توقف المنافسات والأنشطة الرياضية بسبب تفشي فيروس كورونا، أجد نفسي أفكر في الأمر بطريقة المديرين الفنيين أيضاً، من خلال التفكير في كيفية الحصول على أفضل النتائج من الوضع الحالي. إن التخلص من الضغوط يعني أنه يمكنك التركيز على أساليبك الخاصة، وعلى الطرق التي يمكن أن تحقق النجاح والأخرى التي لا يمكن أن تنجح، ورؤية الأشياء التي قد لا تلفت انتباهك خلال انشغالك بالمباريات وبكرة القدم.
وتكتشف أيضاً أننا كمجتمع وكأفراد أكثر مرونة مما نعتقد. صحيح أن كرة القدم تتعلق بالمرونة والانضباط الذاتي، لكن هذا الأمر ينطبق على الوضع الحالي كذلك. وقد يعاني الكثيرون، بما في ذلك المديرون الفنيون، من العزلة في الوقت الحالي، وبالتالي يتعين علينا أن نجد طريقة لإنشاء جدول زمني لليوم، والالتزام به ومواصلة التركيز على عملنا، على الرغم من حالة الشك وعدم اليقين التي تسيطر على كل شيء، والأخبار المروعة التي تحيط بنا. في الحقيقة، لا يرغب أي شخص في أن يخوض اختباراً مثل هذا، لكن هذا الوضع يجعلنا نتعلم أشياء مثيرة للاهتمام حول قدرتنا على التكيف مع الظروف الصعبة.
وبينما يلتزم لاعبو فريقي بالخطط المتعلقة بالنواحي البدنية والتغذية على النحو الأمثل – وهو الأمر الذي يخضع لمراقبة من فريق من النادي – فهناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن نقوم بها في وقت فراغنا. ويمكن قضاء اليوم المعتاد بثلاث طرق: الأولى هي التحليل المتعمق لموسم يحتل فيه فريقنا، برمنغهام سيتي، المركز السادس عشر في جدول ترتيب دوري الدرجة الأولى. وقد يكون ذلك مثمراً، لأنه يجعلنا نفكر في الكثير من الأشياء التي يمكننا تحسينها وتطويرها، لكنه يجعلني أيضاً أدرك أننا كنا نقوم بالكثير من الأشياء بشكل أفضل مما كنت أعتقد في ذلك الوقت. إنني أشعر بأنني أتعرف الآن على الفريق بشكل أكثر عمقاً.
أما الطريقة الثانية، فهي مشاهدة مباريات للأندية التسعة التي سنواجهها عندما يتم استئناف الموسم، لكي نتأكد من استعدادنا لهذه المواجهات قدر الإمكان. وتتضمن الطريقة الثالثة الاتصال الوثيق بقسم الكشافة لدينا بالنادي، والتفكير في كيفية تدعيم صفوف الفريق بشكل قوي خلال الموسم المقبل. إنني أكتب هذه المقالة بعد قضاء صباح في إكمال تقييمي الرابع للاعب قد يكون إضافة قوية لفريقي عندما تبدأ فترة انتقالات اللاعبين. في الحقيقة، يمكننا التعرف على أهدافنا بشكل جيد للغاية في فترة كهذه.
وتتغير العلاقة مع اللاعبين قليلاً في الوقت الحالي. ففي الأوقات العادية، كنا نخرج من ملعب التدريب ونتحدث معاً عن الخطط التكتيكية، وعن كرة القدم بشكل عام، وكذلك الأمور الشخصية. أما الآن، فقد أصبحت اتصالاتنا فردية بشكل أكبر، حيث أتحدث إليهم جميعاً للتأكد من أنهم على ما يرام وأنهم ما زالوا متحمسين وسعداء. ويحتاج بعض اللاعبين إلى مثل هذا النوع من المحادثات أكثر من غيرهم، لكننا فوجئنا برد فعلهم الإيجابي. ويبدو أنهم جميعاً يشغلون أوقات فراغهم بشكل جيد، ويحافظون على لياقتهم البدنية والذهنية. وفي هذه الظروف، أعتقد أن فريقنا جيد من الناحية البدنية والذهنية.
إنها فترة عصيبة بالتأكيد على اللاعبين الأصغر سناً، خاصة إذا كانوا يعيشون بمفردهم. لدينا فريق مكون من لاعبين متعددي الجنسيات، وقد أمضى بعض اللاعبين موسماً بعيداً عن بلادهم لأول مرة، ويمكنني أن أشعر بالتعاطف معهم إلى حد ما. لقد سافرت زوجتي وطفلي - أحدهما يبلغ من العمر عاماً واحداً والآخر في الثالثة من عمره - إلى إسبانيا في منتصف مارس (آذار)، وكان من المفترض أن ألحق بهم خلال فترة توقف المسابقة نتيجة إقامة المباريات الدولية. لكن في اليوم نفسه، تم إغلاق مدينة إغوالادا التي تقيم فيها عائلتي، قبل أن يتم إغلاق باقي المدن الإسبانية. ليس من السهل التعامل مع أمور كهذه، لكننا نتواصل بشكل مستمر، والأهم هو أن يكون الجميع في أمان.
إنني أشعر بالفخر بكيفية تعامل النادي مع هذا الموقف الصعب. ويجب الإشارة إلى أن ملاك النادي صينيون، وهم يخطروننا بكل شيء يتعلق بهذا الفيروس منذ ظهوره لأول مرة في الصين. رئيس النادي موجود في المملكة المتحدة منذ ديسمبر (كانون الأول)؛ لذا ساعدنا في الاستعداد بشكل جيد. لقد مرت الصين بالكثير من مثل هذه التجارب من قبل، وكانت رؤية ملاك النادي تتمثل في أن الصين ستكون مجهزة للتعامل مع هذا الموقف أفضل من الكثير من البلدان في العالم الغربي.
يمكنك أن ترى كيف كان رد فعل الأسواق العالمية على هذه الأزمة، ومن الواضح أننا سنشهد قريباً وضعاً لم نعشه من قبل. لقد كنا نعلم أن شيئاً صعباً قادماً وكنا قادرين على تجهيز اللاعبين لذلك قبل توقف النشاط الرياضي وفرض الحظر على الحركة. وفي المرة القادمة التي ينتشر فيها فيروس مثل هذا في مكان ما، لن يمزح أي شخص في العالم بشأنه وسيكون الجميع على أهبة الاستعداد. لا أعتقد أن أي فريق سيزعم أن فترة التوقف الحالية قد جاءت في مصلحته، لكن خلال المباريات المتبقية سوف نرى بعض الأندية التي ستقدم مستويات مختلفة عما كانت تقدمه قبل هذا التوقف الطويل.