«الهاجس الصحي» يطغى على تحضيرات المغاربة للشهر الفضيل

تحظى الاستعدادات لاستقبال رمضان بأهمية كبيرة لدى المغاربة عبر التحضير المسبق لعدد من الحلوى التقليدية والفواكه الجافة ولوازم بعض الأكلات والحساءات المرتبطة بالشهر الفضيل. ورغم أن رمضان هذا العام يأتي في خضم فرض حالة الطوارئ الصحية جراء انتشار فيروس «كورونا»، فإن طقوس الاستعداد له حافظت على مستواها، وغلب عليها الهاجس الصحي أكثر من السابق، إما رغبة في زيادة مناعة الجسم، وإما لاستغلال هذه الفترة في اكتساب عادات صحية كان يصعب تحقيقها تحت مبرر الانشغال بالعمل وضيق الوقت.
جولة عابرة في المحال تظهر جلياً أن أجواء رمضان على الأبواب، لكنها تختلف عما مضى. ذلك أنه رغم أن اقتناء الأغراض الخاصة بأطباق الشهر الكريم، يتطلب من الناس الانتظار طويلاً في صفوف متباعدة، فإن عزيمتهم لا تكلّ في سبيل ذلك، سواء لدى النساء والرجال الذين أصبحوا هذه الأيام يملكون كثيراً من الوقت وصار بإمكانهم استغلاله في الانخراط في طقوس التحضيرات، وهو ما يساعد على إبعاد هاجس الوباء عن مخيلة أفراد الأسر داخل المنازل، كما أنه يشكل فرصة للموظفين الذين اعتادوا شراء أكلات جاهزة، للعودة إلى المطابخ والانغماس في تحضير الأطباق وتذوق متعة تناولها، بعد أن منعت السلطات بيع الحلوى الرمضانية خشية التجمعات.
وقال عبد الله مكرم، وهو صاحب محل لبيع الحلوى لـ«الشرق الأوسط»، إن الإقبال على تبضع السلع الرمضانية لم يعرف أي انخفاض مقارنة بالعام الماضي، مشيراً إلى أن «المغاربة ما زالوا يحتفظون بعاداتهم الشرائية قبيل الشهر الكريم، وربما زادت قليلاً على المعتاد، لأن أغلب الأسر ستعتمد على تحضير الحلويات والأطباق الرمضانية في المنازل بدل شرائها من الخارج». ويرى مكرم أن اقتناء الأكل من الخارج «لم يعد خياراً مناسباً لدى كثير من المغاربة، لكنهم، رغم إصرارهم على التبضع، ملتزمون بالتباعد والاحتياط اللازم، رغم أن الأمر يكلفهم كثيراً من الوقت أثناء الانتظار في صفوف طويلة ومتباعدة».
في السياق ذاته، قالت حنان مبسط، وهي صاحبة محل تجميل في عقدها الثالث، إن رمضان هذا العام سيكون استثنائياً، وسيكون بالنسبة لها فرصة لممارسة طقوس الشهر الكريم دون ضغط الوقت والعمل. وأضافت أن التحضيرات قبيل شهر الصيام «لها متعتها ولذّتها الخاصة، وغالباً ما كُنا نُحرم منها بداعي ضيق الوقت، وضغط العمل، ونستعين بطلب كل شيء من الخارج، حتى إن تحضيرات المنزل لا تكون مكتملة تماماً، كما أن الأسر مجتمعة سيشارك جميع أفرادها في المساعدة على خلق أجواء رمضانية مبهجة». وأضافت مبسط أن تحضير أطباق رمضان مسألة لا غنى عنها، لكنها ستحرص على أكل صحي ومتوازن لحماية أسرتها وتقوية مناعة أجسامهم.
الرجال أيضاً كان لهم نصيب من استعدادات رمضان هذا العام، فأوقات الفراغ الطويلة كانت كفيلة بجعلهم يفكرون في الدخول إلى المطبخ لتحسين مهاراتهم واكتشاف مواهبهم في الطبخ، وتنفيذ ما يجول في مخيلتهم من أطباق يشاهدون صورها طوال اليوم على شاشات الهاتف الجوال أو عبر مواقع الطبخ. بينما دفعت هذه الظروف فئة أخرى منهم إلى مساعدة أمهاتهم أو زوجاتهم، بعد أن كانوا مجرد مستهلكين متفرجين.
في هذا الصدد، يقول عادل العربي، وهو محاسب، إن تجربة العزوبية جعلته يعتمد على «اقتناء الأكل الجاهز من خارج المنزل، والشيء نفسه ينطبق على شهر رمضان»، ففور اقترابه يقوم باقتناء كل احتياجاته الغذائية جاهزة؛ رغم أنه يعاني من مشكلات صحية تتطلب منه أكلاً متوازناً. ويضيف العربي أن حالة الطوارئ الصحية التي تعرفها البلاد حالياً جعلته يعتمد على نفسه لتحضير وجباته الغذائية حتى يضمن أنها متوازنة وصحية في هذه الفترة الحرجة، وبالتالي أصبح المطبخ هو المكان الذي يمضي فيه الوقت الأطول من يومه.