إسبانيا تمدّد احتجاز قيادي «داعش»... وملف القضية قيد السرية التامة

عبد الباري رفض الإجابة عن أي أسئلة في جلسة انتهت بإحالته إلى الحبس الانفرادي

عبد المجيد عبد الباري قيادي «داعش» لحظة اعتقاله في مدينة ألمريا جنوب إسبانيا مع اثنين من رفاقه أول من أمس (إ.ب.أ)
عبد المجيد عبد الباري قيادي «داعش» لحظة اعتقاله في مدينة ألمريا جنوب إسبانيا مع اثنين من رفاقه أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

إسبانيا تمدّد احتجاز قيادي «داعش»... وملف القضية قيد السرية التامة

عبد المجيد عبد الباري قيادي «داعش» لحظة اعتقاله في مدينة ألمريا جنوب إسبانيا مع اثنين من رفاقه أول من أمس (إ.ب.أ)
عبد المجيد عبد الباري قيادي «داعش» لحظة اعتقاله في مدينة ألمريا جنوب إسبانيا مع اثنين من رفاقه أول من أمس (إ.ب.أ)

بعد ساعات فقط من إلقاء الشرطة الإسبانية القبض على من وصفته بأنه «أحد أخطر الإرهابيين» في تنظيم «داعش»، وإحالته إلى القضاء المختص، قررت القاضية ماريا تاردون إيداعه السجن من غير كفالة، ووضعت ملف القضية قيد السرية التامة.
وكانت أجهزة الأمن الإسبانية قد داهمت يوم الثلاثاء الماضي الشقة التي كان يقيم فيها عبد المجيد عبد الباري، وهو مصري يحمل الجنسية البريطانية (سحبت منه بحسب مصادر أصولية في لندن)، في مدينة ألمريا جنوب إسبانيا، مع اثنين من رفاقه لم يُكشف بعد عن هويتهما.
وقالت المصادر الأمنية الإسبانية إن الأجهزة الأوروبية لمكافحة الإرهاب كانت تتعقب عبد الباري منذ سنوات، بعد عودته من جبهات القتال في سوريا والعراق؛ حيث «تميزت مشاركته في المعارك والعمليات بوحشية غير معهودة، تدل عليها الصور التي نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها واحدة يظهر فيها حاملاً الرأس المقطوع لأحد ضحاياه».
وأفادت الشرطة الإسبانية بأن عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب كانوا يتعقبون عبد الباري منذ فترة، بعد تبلغهم معلومات عن وصوله إلى سواحل الجنوب الإسباني التي تنزل فيها مراكب المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أفريقيا.
وقالت مصادر قضائية إن المحكمة الوطنية في مدريد وجهت إلى المعتقلين الثلاثة تهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية، وإن عبد المجيد عبد الباري رفض الإجابة عن أي أسئلة في جلسة قصيرة انتهت بإحالته إلى الحبس الانفرادي، وتحديد جلسة استنطاق لرفيقيه يوم الأربعاء المقبل. وفي حديث مع «الشرق الأوسط» قال مصدر أمني: «إن الأجهزة القضائية والأمنية في إسبانيا وأوروبا كانت تحاول تعقب عبد الباري منذ سنوات؛ لكنها لم تتمكن من رصد تحركاته بعد مغادرته تركيا أواخر عام 2015، واختفاء أثره، إلى أن وردت معلومات عن وجوده في الجزائر واستعداده للانتقال إلى أوروبا، عن طريق الهجرة غير الشرعية، عبر البوابة الإسبانية». وأضاف المصدر أن السلطات الإسبانية «تسلمت من بريطانيا معلومات وافية عن المعتقل»، مستبعداً أن يتم تسليمه إلى أي جهة خارجية، أو البت في أي طلب لتسليمه، قبل انتهاء التحقيقات الجارية ومحاكمته.
وأضاف المصدر أن المخابرات والشرطة الإسبانية كانتا تتابعان تحركاته منذ وصوله إلى سواحل ألمريا ثم انتقاله إلى المدينة؛ حيث استقر في شقة مع رفيقيه اللذين وصلا معه على الزورق نفسه. وقالت الشرطة إن الثلاثة كانوا نادراً ما يغادرون الشقة، ويرتدون الكمامات عندما يخرجون منفردين خلال فترة الحظر المفروضة بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية، بسبب وباء «كوفيد- 19». ومعروف أن منطقة ألمريا تضم في مثل هذه الأيام من كل عام آلاف العمال الموسميين الأجانب، معظمهم من بلدان شمال أفريقيا، يعملون في قطاع زراعة الخضراوات والفاكهة الذي تشتهر به المنطقة.
وقال المصدر إن عبد الباري على رأس مجموعة من المطلوبين أمنياً لدى أجهزة مكافحة الإرهاب الأوروبية، التي وضعته بين أولوياتها منذ أن بلَّغت الأجهزة البريطانية عنه في عام 2013، بعد مغادرته لندن إلى سوريا عن طريق تركيا.
وتجدر الإشارة إلى أن عبد الباري، المولود في مصر عام 1990، قد انتقل إلى بريطانيا عندما كان في السادسة من عمره وعاش في شمالي لندن؛ حيث كان معروفاً كمطرب «راب» قبل أن يتطرف في الأوساط الأصولية.
وإلى جانب الجنسية المصرية يحمل عبد الباري الجنسية البريطانية التي جردته منها وزارة الداخلية بعد وضعه على لائحة الإرهاب، كما أن والده عادل، القيادي في «جماعة الجهاد» المصرية، يقضي حالياً عقوبة الحبس في سجن أميركي بعد تسليمه إلى الولايات المتحدة، لضلوعه في العمليات الإرهابية التي تعرضت لها سفارتا الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998، وأوقعت 123 قتيلاً.
وتفيد المعلومات الواردة في ملف التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الإسبانية، بأن عبد الباري كان يتواصل مع فتاة إسبانية من بلدة ألمونتي في مقاطعة ويلفا الجنوبية، تدعى ماريا آنجيليس كالا ماركيز، قررت اللحاق به إلى سوريا للزواج منه؛ لكن عندما كانت تستعد للسفر إلى إسطنبول للانتقال من هناك إلى سوريا، ألقت الشرطة القبض عليها في مطار مدريد، بعد أن ضبطت بحوزتها جواز سفر مزور، كانت تعتزم تسليمه لعبد الباري كي يتمكن من العودة إلى أوروبا، منتحلاً هوية شخص آخر. ويستفاد من الملف أن الفتاة قد اعترفت بذلك خلال التحقيقات، ثم حُكم عليها بالسجن عامين، بعد التوصل إلى اتفاق مع النيابة العامة.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.