رياح «كورونا» تهب بعكس ما تريده سفن بوتين

«ربما» لا تكون من السوء بمثل انهيار عام 1991

لا مؤشرات لخروج بوتين من المشهد الحالي كما فعل في أزمات سابقة (أ.ف.ب)
لا مؤشرات لخروج بوتين من المشهد الحالي كما فعل في أزمات سابقة (أ.ف.ب)
TT

رياح «كورونا» تهب بعكس ما تريده سفن بوتين

لا مؤشرات لخروج بوتين من المشهد الحالي كما فعل في أزمات سابقة (أ.ف.ب)
لا مؤشرات لخروج بوتين من المشهد الحالي كما فعل في أزمات سابقة (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهامه من مقر إقامة رسمي خارج موسكو، حيث يعقد اجتماعاته عبر مؤتمرات الفيديو. وكان يوم الأول من أمس الأربعاء هو اليوم الذي يفترض أن يصوت فيه الناخبون الروس على تغيير الدستور.
وبسبب الوباء تأجل التصويت على التعديلات، التي وصفها خصومه بأنها بمثابة تشديد قبضته على السلطة، إلى أجل غير مسمى. وتأجل كذلك استعراض عسكري في ذكرى مرور 75 عاما على الانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية وهو حدث تاريخي لطالما استغله بوتين ضابط المخابرات السابق لدعم ما يردده عن صحوة روسيا بفضله. كل هذا لم يكن بحسبان بوتين. الوباء فاجأ بوتين مثل ما فاجأ كل قادة العالم. بوتين أمضى ذلك اليوم وهو يفكر في سبل احتواء تداعيات فيروس «كورونا» التي أصبحت من أكبر الأزمات خلال سنواته في الحكم. ووصلت شعبيته إلى أدنى مستوياتها منذ 2013 فبلغت 63 في المائة وفقا لاستطلاعات مؤسسة ليفادا الروسية.
كما أظهر استطلاع جديد للرأي، أن الغالبية العظمى من المواطنين في روسيا، يساورهم القلق بسبب الأزمة الاقتصادية، وذلك بحسب ما نشرته وكالة أنباء «تاس» الروسية أمس الخميس. وأعربت نسبة 84 بالمائة ممن شاركوا في الاستطلاع الذي أجراه مركز أبحاث «أول راشين»، عن القلق حيال الأزمة الاقتصادية.
وقال سيرغي جوريف الاقتصادي المرموق الذي رحل عن روسيا عام 2013: «لن يحدث انهيار على مستوى الاقتصاد الكلي، لكني أشعر بالقلق على السكان؛ خشية أن يفقدوا مصادر رزقهم». ويقول وزير المالية السابق أليكسي كودرين، كما اقتبست منه «رويترز» في تحقيقها من موسكو، إن عدد الروس العاطلين عن العمل قد يرتفع لثلاثة أمثاله ليصل إلى ثمانية ملايين عاطل هذا العام.
قال سيرغي ميدفيديف الأستاذ بكلية الاقتصاد العليا في موسكو: «كل هذه الأشياء مجتمعة تعادل أكبر تحد يواجهه بوتين خلال أعوامه العشرين في السلطة». وأضاف «المشهد تغير تغيرا جذريا. الاستقرار أصابه الدمار وتراجعت بشدة شرعية بوتين وربما كانت المعارضة توشك على التفجر بين النخبة (على الصعيد السياسي والأعمال)».
وسبق أن خرج بوتين سالما من أزمات عديدة وما من مؤشرات على أنه في سبيله للخروج من المشهد. غير أن المشاكل تتراكم على كاهل الرجل الذي هيمن على الساحة السياسية في روسيا منذ العام 2000.
كذلك ظهرت بعض البوادر المبكرة على الاضطرابات الاجتماعية بسبب الوضع، فشهد جنوب روسيا احتجاجا على القيود المفروضة لاحتواء الفيروس، وشهدت شبكة الإنترنت بعض الاحتجاجات والشكاوى المتنامية من جانب الشركات من أن السلطات لا تبذل جهدا كافيا لمساعدتها على تجاوز الأزمة.
ووصف الكرملين الاحتجاج الذي شهده جنوب البلاد بأنه مخالف للقانون، لكنه قال إن من الضروري الإنصات لمخاوف الناس. وقال أيضا إن الحكومة ستبذل جهدا أكبر لمساعدة الشركات إذا اقتضى الأمر. وكانت السلطات طالبت أصحاب الأعمال في القطاع الخاص بوقف نشاطهم ومواصلة صرف مرتبات العاملين. وقالت داريا كامينسكايا التي تملك ورشة لإصلاح السيارات توقف العمل فيها لـ«رويترز» إنها دفعت مرتبات السبعة العاملين لديها من مالها الخاص. وأضافت «هكذا كانت الثورات تقوم في الماضي بادئة بالطبقة الكادحة».
وقال رجل أعمال روسي كبير طلب عدم نشر اسمه خوفا من التداعيات إنه يتوقع موجة من الإفلاسات بين الشركات الصغيرة. وأضاف «ربما لا تكون من السوء بمثل ما حدث عام 1991 (انهيار الاتحاد السوفيتي). لكنها ستكون صعبة. وربما لا يحدث عنف ومظاهرات
كبيرة لكن الناس سيكونون على شفا الغليان».
وقالت تاتيانا إيفدوكيموفا كبيرة الاقتصاديين بشركة نورديا روسيا إن إيرادات النفط والغاز قد تنخفض بمقدار 165 مليار دولار، الأمر الذي سيجبر الحكومة على سحب مبالغ ضخمة من احتياطياتها الدولية لتمويل ميزانية الدولة التي تواجه بالفعل الآن عجزا كبيرا. ويبدو الآن أن الفرص تضاءلت أكثر من أي وقت مضى لرفع مستويات المعيشة، وتحسين البنية التحتية من خلال برنامج هدفه الإسهام فيما سيخلفه بوتين من إنجازات بإنفاق قرابة 26 تريليون روبل (338 مليار دولار).
وسلطت الأضواء على دور بوتين واتهمه منتقدوه بالتغيب في البداية عن الخط الأمامي في معركة احتواء «كورونا».
ورفض الكرملين هذه الانتقادات وقال إن من الصواب السماح للقيادات الإقليمية بالتعامل مع الأوضاع على المستوى المحلي.
ولن تنتهي فترة رئاسة بوتين الرابعة حتى عام 2024، والتلفزيون الحكومي يقف معه، كما أن الشرطة مدربة جيدا على منع المظاهرات، وأبدى القضاء استعداده لاستخدام القوانين الصارمة لمعاقبة المتظاهرين.
ولموسكو احتياطيات دولية تتجاوز 550 مليار دولار، كما أن وزارة المالية تقول إن بإمكان روسيا أن تتحمل أسعار النفط المنخفضة لفترة طويلة.
ولا يواجه بوتين أي خطر فوري ظاهر من المعارضة التي نجح في تحجيمها باستخدام أدوات رسمية. وقد تفرق المتظاهرون في النهاية في الاحتجاجات الضخمة التي شهدتها البلاد عامي 2011 و2012.
غير أن بعض المنتقدين يقولون إن الإضرابات الاقتصادية ومشاعر الاستياء الشعبي من أسلوب إدارة أزمة كورونا قد تخرج عن السيطرة.
وكتب السياسي المعارض فلاديمير ميلوف يقول هذا الشهر: «القمع من قبل الحرس الوطني لن يتمكن من تحقيق الكثير في مواجهة استياء شعبي حقيقي»، مضيفا أن وضعا ثوريا يتشكل. لكنّ آخرين لا يتوقعون أن يتعثر بوتين.
فقد قال الأستاذ الجامعي ميدفيديف: «قد تزداد معاناة الناس وربما يحدث شغب أو اضطرابات، لكن مثل هذه الأمور لن تؤدي إلى تغييرات على الفور في النظام السياسي».



أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

TT

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند)
الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند)

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، بحيث لا يسمح بذلك إلا لمن يبلغون 16 عاماً أو أكثر، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وقال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز للصحافيين في كانبيرا: «لقد تحدثت إلى الآلاف من الآباء والأمهات والأجداد والعمات والأعمام. وهم مثلي يشعرون بالقلق الشديد على سلامة أطفالنا على الإنترنت».

وأضاف: «أريد أن يعرف الآباء والأمهات والعائلات الأسترالية أن الحكومة تساندكم».

ومن المقرر أن تتم مناقشة التشريع المقترح في هذا الشأن، في اجتماع مجلس الوزراء يوم الجمعة ومن ثم عرضه على البرلمان في وقت لاحق من هذا الشهر.

ومع ذلك، قد يستغرق الأمر نحو عام قبل أن تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ، حسبما أفادت هيئة الإذاعة الأسترالية.

تحذيرات علمية

وتتواكب تلك المساعي، مع نمو تحذيرات علمية من تأثيرات استخدام منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال والقُصّر، ومنها ما كشفته دراسة أميركية، في أغسطس (آب) الماضي من أن الإفراط في استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي «يعيق الأطفال عن تكوين صداقات حقيقية في الفصول الدراسية».

والدراسة التي أجرتها مؤسسة «الصحة النفسية للأطفال» بالولايات المتحدة، استهدفت رصد أبرز التحديات التي تواجه الأطفال في تكوين صداقات حقيقية داخل الفصل الدراسي. وأوصت الدراسة بتوفير بيئة مناسبة لتشجيع الأطفال على التفاعل الاجتماعي الحقيقي بعيداً عن الشاشات و«السوشيال ميديا».

تسود مخاوف من أن تمضية الأطفال وقتاً طويلاً أمام الشاشات تؤدي إلى جعلهم أكثر خمولاً (شاترستوك)

العزلة الاجتماعية

وتذهب الدراسة إلى أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من التأثيرات السلبية على الصحة النفسية والجسدية، فقد يتسبب في العزلة الاجتماعية؛ إذ يستبدل الأفراد التفاعلات الافتراضية بالتفاعلات الحقيقية، ما يقلل من جودة العلاقات الشخصية، كما يرتبط بزيادة مستويات التوتر والقلق، ويؤدي إلى انخفاض مستوى التركيز والإنتاجية.

وإضافة إلى ذلك، قد يؤثر الاستخدام المفرط لـ«السوشيال ميديا» سلباً على النوم والصحة البدنية؛ إذ يميل البعض إلى تقليل النشاط البدني وقضاء ساعات طويلة أمام الشاشات، ما يؤثر على نمط حياتهم وصحتهم بشكل عام.

الشاشات أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال (جامعة ولاية أوهايو)

وشملت الدراسة استطلاع رأي أكثر من 1000 ولي أمر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وأفاد نصف الآباء بأن الوقت المفرط الذي يقضيه الأطفال على التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي يعيقهم عن تكوين علاقات اجتماعية ذات معنى في الفصول الدراسية مع بدء العام الدراسي الجديد.

وعلى مستوى رسمي، فإن الاتحاد الأوروبي أطلق تحقيقًا رسميًا مع شركة تيك توك، في فبراير (شباط) الماضي لتحديد ما إذا كانت الشركة تقوم بما يكفي لحماية القاصرين على منصتها، بالإضافة إلى فحص الانتهاكات الأخرى المشتبه بها، لقانون الخدمات الرقمية التاريخي للتكتل الأوروبي.

وذكرت المفوضية الأوروبية في بيان أن «أدوات التحقق من العمر على تيك توك، التي تهدف إلى منع الأطفال من الوصول إلى محتوى غير لائق «قد لا تكون معقولة ومتناسبة وفعالة».