قادة أوروبا منقسمون بين الشمال والجنوب

ميركل: ما نفع «الاتحاد» إذا لم تدافع بلدانه بعضها عن بعض؟

TT

قادة أوروبا منقسمون بين الشمال والجنوب

يبدو القادة الأوروبيون منقسمين أكثر من أي وقت مضى فيما سعوا الخميس لإيجاد سبل تخرج الاتحاد الأوروبي من الركود الناجم عن وباء «كورونا». وتعجز الدول الـ27 في الوقت الحاضر عن التفاهم حول كيفية إعادة تحريك العجلة الاقتصادية. ويقوم الانقسام بشكل أساسي بين الشمال والجنوب، إذ تطالب دول الجنوب المتضررة بشدة من الوباء مثل إيطاليا وإسبانيا بمزيد من التضامن المالي من جيرانها في الشمال، فيما تمتنع دول الشمال الأقل تأثرا بالوباء وفي طليعتها ألمانيا، عن دفع فاتورة دول تأخذ عليها عدم إظهار انضباط مالي خلال سنوات النمو.
وأجرى زعماء أوروبا مشاورات عبر دائرة تلفزيونية مغلقة (فيديو كونفرنس) بشأن تقديم مساعدات اقتصادية مشتركة لمواجهة تداعيات الأزمة.
وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخميس أن بلادها مستعدة لتقديم «مساهمات أكبر بكثير» في ميزانية الاتحاد الأوروبي «في روحية تضامن»، إزاء الركود الاقتصادي الناجم عن الوباء.
تعهدت ميركل بالتضامن مع الشركاء الأوروبيين المتضررين بشدة من أزمة «كورونا»، وحذرت في الوقت نفسه من نزعات الانقسام. وقالت ميركل في بيان الحكومة أمس «بالنسبة لنا في ألمانيا، فإن الالتزام نحو أوروبا الموحدة هو جزء من المصلحة الوطنية، وليس هذا مادة لخطب الأحد، بل إن هذا أمر واقعي تماما». وأضافت ميركل أن «هذه الجائحة أصابت الجميع، لكن ليس بشكل متساو، وإذا لم ننتبه فإنها ستمنح ذريعة لهؤلاء الذين يقومون بتقسيم المجتمع». وقالت إن أوروبا هي جماعة مصيرها مشترك «وعلى أوروبا أن تثبت ذلك في التحدي غير المتوقع للجائحة، ولن تكون أوروبا هي أوروبا إذا لم تقف مع بعضها البعض في أزمة الضائقة التي لم يتسبب فيها أحد». وقالت ميركل إن «خطة أوروبية لتحريك الاقتصاد قد تدعم الانتعاش خلال السنتين القادمتين، وسنعمل على ذلك». لكنها أضافت أن هذه المساهمة «الأكبر» ستكون «لفترة محدودة».
وأوضحت المستشارة في مطلع الأسبوع أنه من الممكن زيادة ميزانية الاتحاد الأوروبي خلال السنوات التي تلي مباشرة الوباء العالمي لمعالجة تبعاته الاقتصادية والاجتماعية. وإن كان الاتحاد الأوروبي يعني بالنسبة لميركل «مصيرا مشتركا»، إلا أنها ترفض في الوقت الحاضر تشارك الديون الوطنية الذي يطالب به عدد من دول جنوب القارة، لأن ذلك يتطلب تعديلا للمعاهدات الأوروبية، وهو ما سيستغرق سنوات. وقالت: «نريد لجميع دول منطقة اليورو أن تنهض باقتصاداتها».
وتابعت «لكن مثل هذا البرنامج يجب أن يتم وضعه في إطار الميزانية الأوروبية، لأن الميزانية الأوروبية المشتركة هي الأداة التي أثبتت فاعليتها منذ عقود لإنجاز المهام المشتركة في الاتحاد الأوروبي».
وواجهت المستشارة انتقادات أخذت عليها عدم تجاوبها مع اقتراحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سابقا لإصلاح الاتحاد الأوروبي، وبدت هذه المرة أكثر تصميما على التحرك. وقالت إنها تعتزم «حض المجلس الأوروبي على معالجة المسائل الجوهرية: ما هي المجالات التي يتحتم علينا التعاون فيها بشكل أكبر على المستوى الأوروبي؟ وهل أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى كفاءات إضافية؟ وما هي الكفاءات الاستراتيجية التي نحن بحاجة إليها مستقبلا في أوروبا؟». وتابعت أن «التضامن الأوروبي ضروري أيضا على صعيد سياسة الهجرة ودولة القانون والسياسة الأوروبية في مجال الأمن والدفاع وحماية البيئة». ورأت أن «أوروبا لن تكون أوروبا إذا لم تقم بلدانها بالدفاع عن بعضها البعض عند الحاجة».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.