كيف تعمل من المنزل إن لم يكن لديك مكتب؟

نصائح تساعدك على التركيز والراحة

من تصميمات المكاتب العملية وصغيرة  الحجم
من تصميمات المكاتب العملية وصغيرة الحجم
TT

كيف تعمل من المنزل إن لم يكن لديك مكتب؟

من تصميمات المكاتب العملية وصغيرة  الحجم
من تصميمات المكاتب العملية وصغيرة الحجم

ضرب فيروس كورونا العالم من دون إنذار، مما أثر على حياتنا وطريقة عيشنا، وحول بيوتنا إلى أماكن للعمل. لم يكن يعلم أي أحد بأن الوضع سيتأزم بهذا الشكل، ما اضطر كبرى الشركات لإقفال مكاتبها ليبدأ الموظفون عملهم من المنزل بغض النظر عما إذا كان مكاناً مجهزاً أو مناسباً للعمل. لكن بعض الشركات ساهمت في تسهيل العملية على الموظفين من خلال إرسال معدات خاصة مثل الكومبيوترات والكاميرات وقاعدات مثلثة الأرجل تساعد على تثبيت الكاميرات لإجراء المقابلات واتصالات الفيديو وغيرها من الأدوات التكنولوجية الأساسية بحسب حاجة طبيعة كل عمل.
ولكن يبقى السؤال الأهم، كيف يمكن أن تعمل من المنزل إن لم يكن لديك غرفة مخصصة للمكتب؟ في هذه الفترة يعتبر الموظف مرفهاً إذا كان منزله كبير الحجم وبالأخص إذا كان يملك مكتباً بالعلو المناسب وكرسياً مخصصاً للجلوس لساعات طويلة يتناسب علوه مع المكتب.
للأسف هناك نسبة كبيرة من الموظفين حول العالم الذين يعيشون في شقق ضيقة، ولديهم أطفال ما يضطرهم للجلوس على طاولة الطعام التي تكون مفتوحة على المطبخ الذي يعتبر عصب المنزل وتدور فيه شجارات الصغار، ويعتبر مملكة المرأة، ولكن في هذه الفترة، يصعب على المرأة والرجل التأقلم بالوضع، فالسيدة بحاجة للوجود في المطبخ لتحضير الطعام، وشريكها يؤدي عمله، وفي حالات كثيرة يكون الشريكان بحاجة إلى مساحة خاصة للعمل من المنزل أيضاً.
بحسب استطلاع للرأي قامت به إحدى شركات تصميم ديكورات البيوت تبين أن نسبة تزيد على 50 في المائة من الموظفين يعملون على طاولة المطبخ أو طاولة صالة الطعام.
النصيحة الأولى، إيجاد نقطة قوية لالتقاط الواي فاي في المنزل، والنصيحة الثانية إيجاد زاوية هادئة في المنزل في أماكن قد تغيب عن بالك مثل مدخل البيت أو إحدى زوايا غرفة النوم.
إذا كنت مضطراً للعمل من المطبخ لساعات طويلة، تنبه إلى مسألة علو الطاولة، ولهذا يتعين عليك وضع أرائك تحتك لترفعك إلى مستوى الطاولة. وفي اتصال مع طبيب العيون الدكتور جان كلود بستاني، قال إنه من المهم التنبه إلى مسألة النظر والمحافظة عليها خلال الحجر المنزلي؛ أولاً لأن استخدام الهاتف المحمول سيكون لساعات أطول، كما أن النظر إلى شاشة الحاسوب المحمول على منصة عالية، تضر العين ولهذا ينصح بالجلوس على أرائك، وإذا كانت الطاولة منخفضة العلو، ضع الحاسوب على تلة من الكتب لتجعل نظرك متساويا مع الشاشة، فلا يجوز أن تكون الشاشة أعلى من مستوى حاجبيك.
مسألة الضجيج في المنزل، تلعب دوراً كبيراً جداً في التأثير على إنتاجية العمل، فإذا كنت مضطراً للعمل في الغرفة نفسها التي يوجد بها أفراد آخرون من العائلة، يمكنك الاستماع لموسيقى خاصة تساعد على التركيز، يمكن أن تجدها على مواقع إلكترونية كثيرة، وهي مخصصة للعمل وتضعك في عزلة تساعدك على التركيز، الحل الآخر استخدام سماعات عالية الجودة عازلة للأصوات الخارجية، واستمع للموسيقى الخاصة بالعمل وستجد أعصابك هادئة وإنتاجيتك أفضل.
خذ الكثير من أقساط الراحة، لا تجلس على الكرسي لوقت طويل. ابدأ يومك بتنظيم ما ستفعله، واكتب النقاط التي ستتبعها في يومك كالاتصال بأحدهم، أو كتابة شيء ما على ورقة صغيرة، وضعها أمامك.
تقوم المواقع الإلكترونية حاليا مثل «أمازون» بعرض عدة معدات صغيرة تساعدك على العمل من المنزل، مثل لوح من الفلين يمكنك أن تضع عليه أفكارك وتهندس عليه آلية عملك.
لفتني أمر مهم جداً على شبكات التواصل الاجتماعي، وهو إعلانات لمكاتب صغيرة الحجم لا يزيد عرضها على المتر الواحد، يمكنك طيها بعد الانتهاء من العمل عليها، وهي متوفرة بأقل من مائة دولار أميركي، ويتم توصيلها إلى المنزل، من أفضلها موجود على موقع «وايفير». ومن الحلول الأخرى، شراء مكتب على شكل سلم عمودي مخصص للكتابة ووضع الكومبيوتر المحمول عليه، مع إمكانية وضع أوراق وحاجيات مهمة أخرى على الرفوف العليا، سعره 130 جنيهاً إسترلينياً ويمكن أن تجده على موقع «مايد دوت كوم». وميزته أن تصميمه جميل ويمكن استخدامه في المستقبل لوضع الصور العائلية عليه وحاويات الزهور. وتتوفر مثل هذه المكاتب العملية بأحجام صغيرة جداً على موقع «إي باي».
وإذا كنت تملك حديقة، يمكنك أن تضع فيها قاعدتك الخاصة بالعمل أيضاً، فليس من الضروري بأن تكون موجوداً داخل المنزل.
ومن المهم أيضاً التنبه لمسألة الإنارة، والعمل في زاوية تصل إليها الضوء الطبيعي من الخارج، هناك من يفضل المكتب المزدحم أي المكتب الذي توضع عليه الأوراق والصحف... وهناك الموظف المنظم الذي يفضل المكتب شبه الخالي ويكتفي ربما بوضع صورة عزيز على قلبه، وهناك من يعمل أفضل إذا وضع روزنامة على المكتب، فينصح الأخصائيون هنا، بنقل نمط المكتب الخاص بك في مكان العمل إلى المنزل في هذه الفترة، لكي تشعر وكأنك في المكتب الحقيقي.
وبما أن الأزمة مستمرة ولا أحد يعرف متى نرجع إلى مكاتبنا، فمن الضروري تهيئة أجواء صحية للعمل، وإلا فسيزيد التعب النفسي والجسدي، وستكون الإنتاجية منخفضة، وسيؤدي هذا الأمر إلى التأثير على العلاقات الزوجية، فتذكروا أن هذا الوضع غير طبيعي وغير مسبوق، وبما أن الإنسان كائن مصمم على قدرته على التأقلم، فيمكنه ذلك من خلال التنظيم، وإيجاد الحلول البسيطة، كشراء كرسي صغير الحجم مخصص للعمل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».