ساحة الدومو.. قلب ميلانو النابض

ثالث أكبر كنيسة في العالم تدهش أعين السياح

ساحة الدومو.. قلب ميلانو النابض
TT

ساحة الدومو.. قلب ميلانو النابض

ساحة الدومو.. قلب ميلانو النابض

من الصعب أن يتعانق التاريخ مع الحضارة، لكن هذا يحصل في وسط ميلانو عاصمة الاقتصاد والفنون الإيطالية، وتحديدا في ساحة كاتدرائية الدومو، التي تعد القلب النابض للمدينة ومقصد السياح من مختلف دول العالم، هناك يتمازج التاريخ مع الهوية المعاصرة، في معلم يشهد على فن العمارة الإيطالية، ويصنع الدهشة في أعين كل من يزوره لأول مرة.
وتعد الدومو من كبرى الكنائس في العالم، وقد تم بناؤها في عام 1386، واستغرق استكمال بنائها خمسمائة عام تقريبا، وعلى الرغم من طول المدة التي استغرقتها عملية البناء واستكمال مشاريع الإصلاح والتطوير حتى هذه الساعة، فإن ذلك لا يبدو مستغربا لمن يرى الدقة والاحترافية التي تحيط بالمبنى الذي يطل على ساحة شاسعة الامتداد.
وساحة تعني «بيازا» باللغة الإيطالية، وعندما نتكلم عن «الدومو بيازا» فهذا لأنها تقع على مساحة كبيرة أمام الكاتدرائية الضخمة التي تشتهر بواجهتها مثلثية الشكل والمصممة من الطوب والمغطاة بالرخام، فضلا عن النوافذ الزجاجية الملونة، وأبراج الرخام التي يبلغ عددها 130 برجا، بالإضافة إلى 3400 تمثال. وتعد ساحة الدومو ملتقى السياح في المدينة، حيث توجد المقاهي والمطاعم ومحطة المترو ومكتب خدمة السياح والكثير من المتاجر الفاخرة.

* مقاهي الساحة

* من هذا المكان العريق، تبدو تجربة احتساء الكابتشينو الإيطالي فكرة باذخة الترف، حيث تحيط المقاهي بالكاتدرائية شاهقة الارتفاع، وهو ما يجعل مرتادي هذا المكان يغوصون في جماليات المبنى العتيق وهم يتناولون وجبتهم، حيث تضج الفخامة الإيطالية على إيقاع الموسيقى التي يرددها عازفو الطرق الذين ينتشرون ليلا في الساحة، وهم يدندنون المقطوعات الإيطالية الشهيرة، ومن بينها موسيقى فيلم «العراب»، بناء على طلب السياح الذي يعيشون أجواءهم الحالمة مع مختلف الفنون الإيطالية في هذه الساحة الساحرة.

* صور تذكارية

* وللحمام في ساحة الدومو قصة أخرى، حيث ينتشر نهارا ليغطي الأرض في مشهد حالم، يغري السياح بشراء بعض الحبوب والتصوير برفقة الحمام أمام الكاتدرائية، وهي ما تعد واحدة من أكثر اللقطات تقليدية ورواجا بين رواد المكان الذين يحرصون على توثيق لحظاتهم في زيارة هذا المعلم العالمي، وهو ما يبدو واضحا من خلال وميض الفلاش الذي يسطع طيلة الوقت.
وتتحول الساحة في بعض الأحيان إلى قاعة احتفالات مفتوحة ليلا، حيث تقام فيها العروض الغنائية المجانية في مسرح كبير يتم نصبه وتجهيزه أمام الكاتدرائية، ويتوافد الإيطاليون هناك بحثا عن البهجة والصخب، وتكثر هذه الفعاليات في فصل الربيع ومع بداية الصيف، على اعتبار أن شتاء ميلانو قاس ولا يساعد على إقامة مثل هذه الاحتفالات المفتوحة.

* مبان تاريخية

* وفي الجانب الأيسر من ساحة الدومو، يقع المبنى الفاخر «غاليريا فيتوريو ايمانويل الثاني»، وهو عبارة عن ممر مزدوج يتكون من رواقين اثنين يلتقيان بزوايا قائمة متقاطعة بشكل مثمن، وتفيد موسوعة «ويكيبيديا» بأن هذا المبنى تمت تسميته «فيتوريو ايمانويل الثاني» تيمنا بأول ملك لإيطاليا الموحدة، حيث تم تصميمه عام 1861.
ويزخر هذا المبنى الذي يعد من أجمل المباني في العالم، بالكثير من المتاجر الراقية لأشهر الماركات العالمية مثل (لوي فيتون، برادا، أرماني، غوتشي)، بالإضافة إلى مقهى غوتشي الشهير الذي يقدم الشوكولاته المختومة بالعلامة التجارية الفاخرة، وفي مقابله مقهى آخر يوفر جلسات مفتوحة لمرتاديه تمكنهم من رؤية جماليات الغاليريا الفاخر وهم يحتسون القهوة ويتناولون الحلويات الإيطالية الشهية، وعلى رأسها «التراميسو» التي يفتخر الإيطاليون باختراعها.
وفي هذا المبنى العتيق، الذي يُطلق عليه بالإيطالية «غاليريا»، لا يبدو غريبا رؤية بعض العرسان الذين اختاروا هذا المكان لالتقاط صور ليلة العمر، ويلفت نظر الزائر كذلك وجود شركات تجميل عالمية تصور آخر مستحضراتها وعطورها في هذا المكان الذي يرمز إلى الأناقة الإيطالية، حيث تقف العارضات أمام واجهته الأنيقة، في مراحل إعداد إحدى الحملات الإعلانية ذات الطابع الراقي.

* احذر

* وخارج الغاليريا، تمتد الشوارع التجارية من كل مكان، حيث يبدو التسوق لذيذا وممتعا لهواته الذين يتوافدون من مختلف دول العالم إلى ميلانو لاقتناء أفخر ما أنتجته الماركات الإيطالية ذائعة الصيت، حيث تمتد الواجهات الزجاجية للمتاجر العالمية، مما يتيح لزوار ساحة الدومو إمكانية قضاء يوم كامل في التجول سيرا بين هذه المواقع المدهشة، دون الحاجة لاستخدام السيارة، وهو ما يدفع كثيرا من السياح للسكن في الساحة التي تعج بالفنادق، مع الإشارة إلى وجود باص سياحي مكشوف يأخذ زائر المكان في جولة على الدومو بـ20 يورو للكبار و10 يوروات للصغار.
وربما أكثر ما يثير الحذر عند التجول في ساحة الدومو ليلا، هو كثرة المحتالين الذين يحاولون استدراج السياح لبضائع رخيصة بهدف الاستيلاء على ما في جيوبهم، إلى جانب باعة الورد الذين يلحون على السياح بصورة مزعجة لشراء ما في حوزتهم، إلا أن ذلك لا يجعل ساحة الدومو مخيفة، حيث تنتشر سيارات الأمن في كثير من زوايا الساحة تحسبا لأي مشكلة قد تحدث مع التوافد الكبير على الساحة.



«المعمورة»... شاطئ «الزمن الجميل» في مصر

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)
شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)
TT

«المعمورة»... شاطئ «الزمن الجميل» في مصر

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)
شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

بفضل نسمات البحر اللطيفة والمناظر الطبيعية الخلابة، تقدم المدن الساحلية بمصر صيغة رابحة للاستمتاع والاسترخاء عبر شواطئها الممتدة، وتُعد الإسكندرية (شمال البلاد)، أو كما يطلق عليها «عروس البحر المتوسط»، إحدى هذه الوجهات التي تحقق لك ما تبحث عنه؛ سواء كنت ترغب في الاسترخاء على شاطئ من الرمال البيضاء، أو الانغماس في التاريخ والثقافة، أو السباحة في مياهها، ستجد ضالتك في بعض هذه الشواطئ، وعلى رأسها شاطئ «المعمورة».

على الرغم من أن ثمة أمكنة أخرى في مصر باتت تنافس المدينة المصرية العتيقة بشراسة، وتجتذب منها الكثير من روادها، فإنها لا تزال تملك الكثير لعشاقها؛ وواحدة من مميزاتها هي إشباعها للإحساس بالحنين للماضي وذكرياته، وكأنها تؤسس لنوع جديد من السياحة هو «سياحة النوستالجيا» التي تستهوي المولعين بزيارة أمكنة قضوا فيها لحظات عزيزة، ونادرة من العمر، لا يمكن تعويضها حتى في أكثر المقاصد السياحية رفاهيةً وفخامةً؛ لأنها جزء من الطفولة، شاركهم فيها أشخاص فرّقتهم الحياة.

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

«المعمورة» هي إحدى الوجهات السياحية الرئيسية في المدينة التي توقظ الحنين للماضي، يقع الشاطئ على بُعد نحو 1 كم شرق حدائق المنتزه الملكية، بعيداً عن الطريق الرئيسي، مما جعل له مكانة خاصة منذ القدم بوصفه مكاناً منعزلاً هادئاً مناسباً للاسترخاء والاستمتاع بأشعة الشمس، وفي الوقت نفسه هو مقصد حيوي للغاية، يلبي احتياجات رواده.

ولطالما كانت المعمورة هي الاختيار الأول للمصطافين بمختلف فئاتهم على مدار عقود ماضية، حتى كان من الأمور المعتادة أن ترى الفنانين والمشاهير جنباً إلى جنب المصطافين من أهالي الإسكندرية أو القاهرة، لا أحد يزعج الآخر، أو يعكر عليه صفو استجمامه، أو يلح لالتقاط صور معه.

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

«المعمورة هو المعنى الحقيقي للذكريات»، هكذا يصف المرشد السياحي يحيى محمود، الشاطئ المصري العريق، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع له ذكريات مع المعمورة؛ فقد كان مصيف العائلات من مصر ومختلف الدول العربية».

ويتابع: «أيضاً كانت المعمورة مصيفاً لمعظم الفنانين، ومن يقم بزيارتها فسيستمع إلى الحكايات المتداولة عنهم، ومنها حكايات شادية وتحية كاريوكا ومديحة يسري، ومريم فخر الدين، ونيللي، ووحش الشاشة فريد شوقي، وفؤاد المهندس، وحسن يوسف، فضلاً عن رجال السياسة والمجتمع».

ولذلك، ستجد هناك من يشير إلى مكان ما، ويروي لك علاقته بالمشاهير، ففي هذه الكابينة كان يقضي فريد شوقي أياماً من عطلته الصيفية مع زوجته هدى سلطان وابنتيه، وتلك الفيلا التي تقبع في أعلى مكان في المعمورة اشترتها مريم فخر الدين وكانت تتردد عليها مع ابنتها، وتشاركها إطلاق الطائرات الورقية التي يصنعها زوجها الفنان محمود ذو الفقار، بينما كانت كابينة تحية كاريوكا ملتقى الفنانين، وغير ذلك من ذكريات.

وستجد أهل المكان يفتخرون بأن المعمورة اجتذبت الفنانين للعمل أيضاً؛ فهنا تم تصوير الكثير من الأعمال الفنية الشهيرة مثل «أبي فوق الشجرة»، و«أين عقلي»، و«أجازة صيف»، وهنا أقيم الكثير من الحفلات الغنائية والموسيقية لأشهر الفنانين قبل أن تنتقل إلى الساحل الشمالي والعلمين، وكان الاستمتاع بجلسة غداء مع العائلة ولعب الطاولة والكوتشينة والشطرنج في إحدى الكبائن أو تحت الشمسية، من طقوس زائريها من مختلف الفئات في ذلك الوقت.

ولا يزال شاطئ المعمورة يحتضن محبيه، ويقدم لهم خدماته؛ فبسبب هدوئه النسبي مقارنة بشواطئ الإسكندرية الأخرى لا يزال رواده يستطيعون الاستمتاع بالسباحة، والاستلقاء على رمال الشاطئ، وقراءة الكتاب المفضل، وركوب الدراجات، أو ممارسة صيد السنارة، والتجول في الممشى السياحي بأسواقها الداخلية، وتناول الطعام والمشروبات والآيس كريم من أكشاك الأكل السريع المنتشرة هناك.

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

ويزين المكان بعض من أفضل المطاعم في مصر، والتي ستمنح الجميع متعة شهية؛ حيث تقدم المطاعم بعضاً من أجمل الأطباق اللذيذة التي تعطي مذاقاً يدوم طويلاً، كما تتوفر في «المعمورة» ملاهٍ ومنطقة الألعاب للأطفال وصالات السينما ومراكز التسوق المختلفة.

وتستطيع زيارة «المعمورة» في مختلف شهور السنة؛ حيث تتمتع بطقس رائع طوال العام، لكن بالتأكيد إذا كانت زيارتك لها بغرض نزول البحر والاستمتاع بالشاطئ نفسه، فعليك زيارتها في الصيف، وفي كل الأوقات تستمتع بالألعاب الشاطئية المتنوعة التي تتيحها لك؛ مثل الكرة الطائرة وكرة القدم الشاطئية وكرة التنس، وركوب قوارب الموز والتزلج على الماء، والغوص، فضلاً عن الاسترخاء في أثناء الاستمتاع بحمامات الشمس تحت أشعة الشمس.

يجتذب الشاطئ هواة المشي لمسافات طويلة مع التمتع بجمال الطبيعة؛ إذ يتميز المكان بتصميم هندسي يوفر مسارات ويجعل الكورنيش ساحة مفتوحة للتنزه، في أمان ونظام، وخلال السير يمكنك تناول الآيس كريم أو الجيلاتي الإسكندراني، وغيرهما من المرطبات التي تشتهر بها المدينة.