حملة أميركية لإبقاء «عزلة دمشق» ومنع الأسد من «الفوز بالسلام»

ورقة أوروبية تقترح على صناع القرار تفعيل مساعدة السوريين ومقاربة «خطوة مقابل خطوة»

عائلة سورية وسط الدمار في بلدة النيرب بريف إدلب شمال غربي البلاد أمس (رويترز)
عائلة سورية وسط الدمار في بلدة النيرب بريف إدلب شمال غربي البلاد أمس (رويترز)
TT

حملة أميركية لإبقاء «عزلة دمشق» ومنع الأسد من «الفوز بالسلام»

عائلة سورية وسط الدمار في بلدة النيرب بريف إدلب شمال غربي البلاد أمس (رويترز)
عائلة سورية وسط الدمار في بلدة النيرب بريف إدلب شمال غربي البلاد أمس (رويترز)

بدأت واشنطن شن حملة دبلوماسية مضادة، لمنع الحكومتين الروسية والسورية من الإفادة من وباء «كورونا» في فك العزلة السياسية المفروضة على دمشق وتخفيف العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأميركية عنها، في مقابل جهود روسية لإثارة ملف العقوبات «الأحادية وغير الشرعية»، في وقت برزت أصوات أوروبية تقترح مقاربة مرنة ودعم «مسار خطوة - خطوة» بين دمشق والغرب.

الموقف الأميركي
يقوم الموقف الأميركي، وفق مسؤولين غربيين، على أن «النظام السوري يشن حملة تضليل ممنهجة بدعم روسي لاستغلال وباء كورونا كوسيلة لتخفيف العقوبات المفروضة عليه رداً على الحرب الشنيعة التي يشنها النظام ضد الشعب السوري. ويزعم أن العقوبات الأميركية تُلحق ضرراً بجهود مواجهة الوباء، مع انتقادات للأمم المتحدة» وأن «حملة التضليل الحكومية ترمي لتقويض الإجماع الدولي بشأن ضرورة عزل النظام سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً».
ويوضح الأميركيون أن العقوبات «لا تستهدف منع توفير السلع الإنسانية والأدوية والمواد الغذائية، بل إن واشنطن تقدم إعفاءات وتراخيص لهذه الأغراض وتواصل توفير الإعفاءات منذ سنوات بما في ذلك المساعدات الإنسانية في مناطق النظام». ويعرضون قائمة بالاستثناءات والمساعدات، إذ إنه في 9 أبريل (نيسان) أصدرت وزارة الخزانة بيانات تؤكد على التزام توفير وتدفق المساعدات، خصوصاً لمكافحة «كورونا»، كما أعلنت في 26 الشهر الماضي تخصيص 16.8 مليون دولار إلى سوريا لمواجهة الوباء من أصل 10.6 مليار دولار، قيمة المساعدات التي قدمتها واشنطن في كافة أرجاء البلاد منذ بداية الحرب في 2011».
وتلقي واشنطن باللوم على بكين وموسكو لـ«إعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق في سوريا بسبب منعهما تجديد قرار الأمم المتحدة 2165 بشأن المساعدات عبر الحدود في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأجبرتا مجلس الأمن على خفض نقاط عبور المساعدات من أربع نقاط إلى نقطتين، مما يسفر عن تقليص المساعدات ذات الصلة بـ(كورونا) إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام».
وفي إطار المحاججة لإبقاء العزلة والعقوبات، ذكرت واشنطن دولاً أوروبية وعربية بـ«الإدانة الدولية للعنف الممنهج من النظام، إذ إن فريق تحقيق أمميا أفاد في 6 أبريل بأن النظام وحلفاءه من روسيا وإيران شنوا هجمات عسكرية استهدفت تدمير المستشفيات والمنشآت الطبية في شمال غربي سوريا. كما توصل فريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في 8 أبريل إلى أن القوات الجوية السورية قد شنت 3 هجمات باستخدام الأسلحة الكيماوية في اللطامنة وسط البلاد، في مارس (آذار) عام 2017».
وقال مسؤولون أميركيون إنه «على مدار أكثر من 9 سنوات، سعى النظام إلى التخفيف من العزلة الدولية السياسية والاقتصادية مع التحرك المستمر لتحقيق الانتصار العسكري في المناطق غير الخاضعة حالياً له. لكن السواد الأعظم من المجتمع الدولي يعتقد أن إرساء الاستقرار لن يكون إلا عبر تسوية سياسية بموجب القرار 2254»، مؤكدين ضرورة «مواصلة ممارسة الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية المطلوبة لدفع النظام لإحراز التقدم على مسار التسوية السياسية للصراع بموجب القرار 2254».

الموقف الروسي
لم توفر موسكو منبراً أممياً أو ثنائياً لم تثر فيه ملف العقوبات والعزلة. واستندت روسيا والصين إلى نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لـ«وقف نار شامل» في سوريا لمواجهة «كورونا»، كي توجه له مع ست دول أخرى رسالة إلى الأمم المتحدة للمطالبة بـ«الرفع الكامل والفوري لتدابير الضغط الاقتصادي غير القانونية والقسرية» لاعتقادها أن «التأثير المدمر للتدابير القسرية الانفرادية، يقوض الجهود المستمرة لمكافحة (كوفيد - 19). لا سيما من جهة فعالية وتوقيت شراء المعدات واللوازم الطبية». وطالبت بـ«عدم تسييس مثل هذا الوباء».
وشن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف حملة عن سياسة العقوبات، وقال قبل أيام: «العقوبات من جانب واحد هي غير شرعية. والعقوبات التي تقلل من القدرة على مواجهة الأوبئة في الوضع الحالي غير أخلاقية ولا إنسانية، خصوصاً أنه تم تبنيها في تجاوز واضح لمجلس الأمن الدولي».
وكانت موسكو قد طالبت برفع العقوبات المفروضة على الحكومة السورية لتمكينها من مواجهة «كورونا» وسعت لإعادة دمشق إلى الجامعة العربية و«العائلة العربية». وأشار لافروف إلى أنه خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة تم تبني قرار بمبادئ مكافحة الفيروس، معرباً عن أمله أن يتبع ذلك قرار آخر يتعلق بـ«مشكلة العقوبات غير الشرعية من جانب واحد». ولفت إلى أن العقوبات المفروضة على دمشق وبلدان أخرى «شكّلت ضرراً مباشراً على الناس العاديين. لذلك، فإن موضوع العقوبات غير الشرعية، وعدم جواز انتهاك أي معايير إنسانية سيكون أكثر أهمية بعدما نخرج من حالة الأزمة الراهنة».

أفكار أوروبية
جاء في دراسة أعدها «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» وتصدر اليوم: «بعد مرور أكثر من 9 سنوات على الصراع، يحقق الرئيس الأسد الانتصارات في ساحات معارك بلاده. لكن رغم أنه نجح في تأمين بقائه على سدة السلطة، يواجه المزيد من التحديات الهائلة، ومن أبلغ هذه التحديات وأشدها الاقتصاد المدمر». ووفقاً لبيانات البنك الدولي، فإن خسائر الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2011 و2016 ترقى إلى 226 مليار دولار، مما يساوي أربعة أضعاف الناتج المحلي، الأمر الذي سبب أضراراً فادحة باحتياطي رأسمال الحرج وثلث المخزون السكني، ونصف المرافق الصحية والتعليمية. وتقول الحكومة إن تكلفة الإعمار تبلغ 400 مليار دولار، الأموال التي تفتقر إليها الحكومة، فضلاً عن أن الجهات الداعمة لها مثل إيران وروسيا غير مستعدة لسداد هذه المبالغ.
وقالت الورقة الأوروبية التي ترسل إلى صناع القرار: «على خلفية المشاكل الناجمة عن فساد النظام، مع تركيزه الشديد للحفاظ على القبضة الأمنية، فإن آفاق التوقعات قاتمة. ورغم الانخفاض الملحوظ في أعمال العنف، لا تزال الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية قيد التدهور السريع والكبير. واعتباراً من مارس لعام 2019. قدرت الأمم المتحدة أن 83 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، مع وجود العديد من المواطنين الذين يحاولون راهناً العيش في ظروف أسوأ حتى مما كانت عليه خلال سنوات الصراع الأولى».
وهناك عنصران يزيدان تفاقم الأوضاع: أولاً، الأوضاع الآخذة في التدهور في لبنان «رئة سوريا الاقتصادية» وتقيد التدفقات الدولارية مع إضعاف الليرة السورية لدرجات مفزعة. ثانياً، العقوبات الأميركية والأوروبية طويلة الأمد. وقالت الدراسة: «تعثر الأوضاع الاقتصادية يزيد الاستياء والسخط الشعبي، بما في ذلك من أولئك غير الراغبين منذ فترة طويلة في توجيه الانتقادات إلى الحكومة داخل فئات المجتمع الموالية للنظام الحاكم. وتتزايد حالات الاحتجاج والسخط العام الموجهة صوب عدم فعالية الأداء الحكومي وانتشار الفساد دون التعرض بالانتقاد للرئيس».
وتشير إلى أن البلدان الغربية، وعلى رأسها أميركا «تنظر إلى المجال الاقتصادي كمنطلق لضمان عدم قدرة الأسد بالفوز بالسلام. وتهدف حملة الضغوط التي تتزعمها واشنطن إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية للدفع بحزمة من التنازلات بعيداً عن متناول الأسد. وتنتظم تلك الضغوط ضمن الهدف الأميركي الأوسع مجالاً الذي يتمثل في حرمان روسيا وإيران من تحقيق الفوز في الحلبة السورية... وانسحاب القوات الإيرانية»
ويشكل «قانون قيصر» الذي يبدأ تنفيذه في منتصف يونيو (حزيران) محور الضغط الجديد في هذه الاستراتيجية، حيث يفرض عقوبات لمنع كافة أشكال التعافي والانتعاش الاقتصادي تحت سلطة النظام. وقالت الورقة: «يكمن موقف أميركا في أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إبراز التنازلات من النظام، على أنها تغيير في السلوك بدلاً من كونها انتقالاً للسلطة. لكن في واقع الأمر، تهدف هذه الاستراتيجية إلى إسقاط النظام». وتنقل الورقة عن أحد المسؤولين الأوروبيين قوله: «لم نتراجع أبداً عن محاولات تغيير النظام»، وقال مسؤول آخر: «قلنا إننا نريد عملية سياسية فحسب، لكن نهاية هذه العملية سيكون انتقال السلطة لا محالة».
وإذ تقول الورقة إنه «طالما أن النظام يرفض تقديم التنازلات الكبيرة والغرب لا يقبل بقاء النظام على سدة الحكم، من المحال أن نتصور تسوية سياسية» وإن «حملة الضغط التي تقودها واشنطن، ستؤذي المجتمع السوري من دون التخلص من الأسد»، تقترح على المسؤولين الأوروبيين «نهجاً أكثر ذكاء، بأن يتوقف الأوروبيون عن التفكير في الانتقال السياسي والتركيز على السوريين حتى لو كان ذلك بطرق صغيرة باعتبار أن ذلك وسيلة محتملة للاستقرار والتغيير على المدى الطويل»، ثم قدموا أفكاراً محددة، بينها «زيادة طبيعة المساعدة الإنسانية، وتوجيه الدعم المباشر للسوريين داخل الدولة، وتوسيع وضمان التنفيذ الفعال لإعفاءات عقوبات الاتحاد الأوروبي». ويختمون: «القول إن الحضور داخل الدولة مثل الوجود الدبلوماسي في دمشق، يضفي الشرعية على الأسد، يجب إعادة معايرته»، إضافة إلى تفعيل لمقاربة خطوة من دمشق مقابل خطوة من الغرب وإرفاق نهج «الضغط الأقصى» على دمشق بفتح باب التفاوض معها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.