مصر تطوي مخاوف تجمعات «شم النسيم» بتشديد أمني

استرداد نحو 3 ملايين متر من أراضي الدولة بعد التعدي عليها خلال الجائحة

TT

مصر تطوي مخاوف تجمعات «شم النسيم» بتشديد أمني

طوت الحكومة المصرية، أمس، المخاوف المتصاعدة في البلاد منذ أيام، وتمكنت عبر تشديدات أمنية موسعة، من كبح تجمعات كانت متوقعة للمواطنين بغرض الاحتفال بعيد الربيع «شم النسيم»، وهو ما كانت تُحذر الجهات الطبية من خطورته على انتشار العدوى بفيروس «كورونا المستجد». وأظهرت بيانات وصور بثّتها جهات رسمية ووسائل إعلام محلية، فضلاً عما رصدته «الشرق الأوسط»، أمس، انتشاراً أمنياً موسعاً قرب المتنزهات العامة بالمحافظات المختلفة والحدائق، وكورنيش النيل في المدن المختلفة التي يمر بها.
ودأبت السلطات المصرية على إطلاق مناشدات للمواطنين بتجنب التجمعات أو الاتجاه للشواطئ خلال احتفالات «شم النسيم» ذات الشعبية الواسعة، كما حذرت باستخدام «أقصى قوة» لمنع مخالفي التدابير المفروضة، بهدف وقف انتشار العدوى بين المواطنين.
وبَدَت الأجهزة التنفيذية في مصر في حالة تأهب وطوارئ، وأجرى المحافظون جولات في الشوارع الرئيسية في البلاد، بصحبة قيادات أمنية، وبحضور لافت لقوات الشرطة، التي جابت في حملاتٍ مناطقَ مختلفة بالبلاد، لمراجعة إغلاق منافذ بيع المنتجات غير الغذائية، المقرر من قبل الحكومة.
بدوره، قال اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، إن المحافظين «قاموا بجولات لمتابعة الغلق الكامل للمولات والمحال التجارية، وكل المتنزهات والحدائق العامة والشواطئ، لمنع أي تجمعات للمواطنين من أبناء المحافظة أو من المحافظات المجاورة، وكذا إيقاف جميع وسائل النقل العام والخاص».
وأفاد الوزير أن المحافظات تمكنت من «استرداد 3 ملايين و168 ألف متر مربع من أملاك وأراضي الدولة و6880 فدان بعد التعدي عليها من بعض المواطنين خلال الفترة الماضية بمختلف المحافظات وإقامة مبانٍ وزراعتها وإقامة أسوار عليها، مستغلين الظروف التي تمر بها الدولة خلال الفترة الحالية أثناء تطبيق الإجراءات الخاصة بمواجهة انتشار فيروس كورونا».
وعلى صعيد لوجيستي، أعلنت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي «خطة وجهود تجهيز أماكن العزل الطبي، بالتنسيق مع وزارات الصحة والسكان، والتعليم العالي والبحث العلمي، والشباب والرياضة». وأوضحت الوزيرة أن المقار التي «يتم تجهيزها تتضمن مدناً جامعية ومراكز شباب ومقار أخرى، بحيث تستقبل حالات إيجابية تعالج من فيروس كورونا، لا تعاني من أعراض شديدة». وبحسب بيان رسمي، فإن الأماكن التي تم تشغيلها تشمل «9 مقار بالمحافظات، بإجمالي طاقة 4305 أسِرّة»، فيما لا تزال هناك 3 مقار قيد التجهيز بإجمالي طاقة 2680 سريراً.
وفيما يستعد البرلمان المصري، اليوم، لانعقاد جلسة عامة، جرى تعجيل موعدها، الذي كان مقرراً نهاية الشهر الحالي، سلّمت «وزارة الإنتاج الحربي» إلى «مجلس النواب» 4 كبائن تعقيم للأفراد، مزودة بعدد من الرشاشات للمواد المطهرة، كما تم تزويدها بجهاز لقياس درجة حرارة المارّ بداخلها، وكذا جهاز حساس يعمل عند دخوله، ويفصل أوتوماتيكياً عند الخروج.



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».