وزير الصحة العراقي ينتقد المستوى العلمي للأطباء... ونقابتهم تهاجمه

في ذروة مواجهة البلاد لـ«كورونا»

TT

وزير الصحة العراقي ينتقد المستوى العلمي للأطباء... ونقابتهم تهاجمه

أثارت انتقادات لاذعة وجهها وزير الصحة العراقي، جعفر علاوي، بشأن المستويات العلمية التي يتمتع بها بعض الأطباء العراقيين، موجة انتقادات حادة وعدم قبول من قبل جهات طبية كثيرة، ضمنها نقابة الأطباء العراقيين التي هاجمته بشده، وطالبته بتقديم اعتذار فوري. وتأتي انتقادات الوزير علاوي، وما سببته من أزمة داخل الأوساط الصحية، في ذروة انشغال البلاد بمواجهة فيروس كورونا الذي تسبب حتى الآن بأكثر من 1500 إصابة، ووفاة 82 مريضاً. كما جاءت في ظل قيام الكوادر الطبية العراقية هذا الأيام ببذل جهود كبيرة لمواجهة المرض، والحد من انتشاره، رغم الإمكانيات المتواضعة التي يشتكي منها القطاع الصحي منذ سنوات.
كان علاوي قد أجاب، خلال مقابلة تلفزيونية، عن سؤال حول نوعية الطلبة المتخرجين من كليات الطب، قائلاً: «لا أعرف، (المتخرج) لا يساوي مستوى طبيب، بل لا يساوي مستوى ممرض، والأساتذة بحاجة إلى تأهيل». ورأى علاوي أن النظام الصحي في العراق يفتقر إلى نظام التأهيل المتواصل للأطباء مثلما يحدث في أوروبا والغرب وبقية دول العالم.
وفي حين لم يصدر أي بيان عن علاوي، يشرح أو يفسر طبيعة الانتقادات التي وجهها والهدف من ورائها، هاجمت نقابة الأطباء، أمس، الوزير بشدة، معتبرة أن «النظام المحاصصي ما جاء به إلى الوزارة»، وطالبته بالاعتذار الفوري لجميع أطباء العراق عن «الإساءات والتهم» التي كررها على منابر الإعلام.
وسبق أن وجه الوزير علاوي انتقادات مماثلة لما سماه «جشع بعض الأطباء».
وقالت نقابة الأطباء، في بيان، إنه «في الوقت الذي تتبارى دول العالم للإشادة بدور أطبائها وهم يقودون الجهود لمكافحة أعتى وباء تواجهه البشرية، ويقدمون التضحيات من العمل المضاعف والابتعاد عن الأهل، والتعرض لمخاطر العدوى وما ينتج عنها، نفاجأ مرة بعد أخرى بهجوم غريب من وزير الصحة».
وتساءل بيان النقابة: «هل هذا جزاء الجهود التي تقدمها الكوادر الطبية العاملة في وزارته وهم يعملون في أصعب الظروف وأردأ الأنظمة الصحية؟! وهل قدر الوزير المردود السلبي لهذه التصريحات في نفوس آلاف الأطباء المختصين وغيرهم ممن تعتمد عليهم وزارته؟!».
وعدت النقابة أن «إحدى سلبيات نظام المحاصصة المقيتة في اختيار المناصب هو أنه أهمل دور الكفاءة والخبرة في اختيار الشخوص الذين يتسنمون مناصب الدولة المهمة، ومنها وزارة الصحة التي سلمت بيد الوزير، وهو الذي قضى حياته المهنية يخدم في بريطانيا، ولا خبرة له بالنظام الصحي العراقي، وما يعانيه من مشكلات».
وأشارت إلى أن «هجوم الوزير على عمل الأطباء في القطاع الطبي الخاص يعكس عدم فهمه للثغرات الكبيرة في القطاع العام، التي سببتها سياسات إدارة الدولة الخاطئة، والتي كان من ضمن نتائجها الإتيان به وزيراً للصحة».
وهددت النقابة بأنه «سيكون لها موقف آخر في حال تكررت هذه الإساءات لأطباء العراق الغيارى الحاضرين في مواقف كثيرة واجهت مصير العراق غاب عنها الوزير». وبدوره، دعا رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية، قتيبة الجبوري، أمس، الوزير علاوي إلى «التراجع عن تصريحاته، وتقديم اعتذار رسمي للكوادر الطبية، بدلاً من الانشغال بالتقليل من شأن جهودهم». كما طالبه، في بيان، بـ«الالتفات لمكافحة الفساد الإداري في وزارته من أجل تقديم أفضل الخدمات لشعبنا العزيز، مع عدم السماح بتسييس هذه الوزارة المهمة لصالح أي جهة سياسية». وقال الجبوري: «نبدي استغرابنا من التصريحات الصادرة عن وزير الصحة التي لا تتناسب مع الدور المهم الذي تقوم به ملاكاتنا الطبية، ولا سيما كوادر خط التصدي الأول للوباء في المستشفيات والمراكز الصحية».
وطلب الجبوري من الملاكات الطبية «عدم اللجوء إلى الإضراب عن العمل في هذا الظرف الطارئ؛ إننا اليوم في أزمة، والمواطن لا ذنب له فيما يصدر من تصريحات من أي جهة».
ومن جهة أخرى، اقترح وزير الصحة، أمس، على اللجنة العليا للسلامة الوطنية، 12 إجراءً لتخفيف حظر التجوال خلال شهر رمضان، ضمنها رفع جزئي له، والسماح بالعمل لكثير من أصحاب المهن بشروط محددة، ومباشرة 50 في المائة من الموظفين الحكوميين لأعمالهم.
وأظهرت الوثيقة الرسمية التي تقدم بها وزير الصحة أن «يكون حظر التجوال من الساعة السابعة مساءً إلى الساعة السادسة صباحاً (خلال شهر رمضان)، ويكون دوام دوائر الدولة بنسبة لا تتجاوز 50 في المائة من الموظفين».
كذلك كشفت الوثيقة عن «السماح لأصحاب الحرف، مثل الحدادين والنجارين والحلاقين وميكانيك السيارات، بالعمل نهاراً، على أن يراعى عدم وجود أكثر من 3 أشخاص في المحل، وسمحت لسيارات التاكسي بالعمل، على ألا يزيد عدد الركاب فيها على 3 أشخاص». كما اقترحت «فتح محلات الأجهزة الكهربائية والموبايلات والحاسبات، على ألا يوجد داخل المحل أكثر من 3 أشخاص، والسماح لأصحاب العدد اليدوية، وما شابهها، بفتح المحلات، على ألا يوجد داخلها أكثر من 3 أشخاص، ويسمح بفتح المطاعم لأغراض التوصيل فقط، دون تقديم وجبات الطعام داخل المطعم».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.