مطالبات في الجزائر بالإفراج عن كل «سجناء الرأي»

بمناسبة مرور 40 عاماً على أحداث «الربيع الأمازيغي»

TT

مطالبات في الجزائر بالإفراج عن كل «سجناء الرأي»

طالب أهم أحزاب المعارضة الجزائرية بـ«الإفراج عن جميع سجناء الرأي»، مندداً بـ«استمرار القمع على خلفية الهدنة أحادية الجانب المعلنة من طرف الحراك»، وذلك في إشارة إلى اعتقال وسجن عشرات المتظاهرين منذ أن علَق نشطاء الحراك الاحتجاجات قبل ستة أسابيع. ودعا «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، في بيان أمس بمناسبة مرور 40 سنة على أحداث «الربيع الأمازيغي»، في 20 أغسطس (آب) عام 1980، التي ترمز إلى نضال سكان منطقة القبائل في الشرق، من أجل اعتراف السلطات بـ«الهوية البربرية للجزائر»، إلى «الاحتكام للعقل» في تسيير الأزمة السياسية التي خلَفها رحيل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الحكم، وردَة الفعل الشعبية الرافضة لتنظيم الانتخابات التي جاءت نهاية العام الماضي بعبد المجيد تبون إلى السلطة.
وهاجم الحزب رئيس الجمهورية واعتبره «واجهة مدنية لقيادة عسكرية هرمت وهي ضالعة في الفساد»، وقال إن تبون «لن يمكنه بأي حال كبح إرادة الشباب المصمم على تقرير مصيره بنفسه، إذ آن الأوان لإقامة دولة قانون حقيقية وإرساء نظام ديمقراطي، وفي ذلك ضمانة أكيدة لعدم استنساخ نظام سياسي قام بمصادرة جميع الحريات ومنع تطور بلادنا». وأضاف أن «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية كان وسيظل واقفاً إلى جانب كل الذين يناضلون من أجل كرامة واستعادة سيادة الشعب». ويقود الحزب، محسن بلعباس وهو من أشد المعارضين للسلطة ولقضية تدخل الجيش في السياسة. كما أن أعضاء الحزب كانوا دائماً في الصفوف الأولى للحراك الشعبي، واعتقل وسجن العديد منهم بسبب حمل الراية الأمازيغية في المظاهرات.
وأكَد بيان «التجمع»، أن الاحتفال بـ«الربيع البربري»، فرصة بالنسبة له للتأكيد على أن «الحل الإيجابي والسلمي الوحيد لبلدنا، يمرّ عبر مرحلة انتقالية تحدد الآليات الضامنة لانتخابات حرة تنبثق عنها مؤسسات لها مصداقية تضمن الفصل بين السياسة والدين والمال، وتضمن التناوب على الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، كما تضمن ممارسة الحريات الفردية والجماعية، والمساواة في الحقوق، وتوفير خدمات عامة ذات جودة للجميع».
وكانت بعض الكتل السياسية قد طرحت فكرة «مرحلة انتقالية» عندما أصرَ الجيش على تنظيم انتخابات رئاسية العام الماضي، وذلك كبديل مؤقت تتاح فيه فرصة لشخصيات سياسية مستقلة عن السلطة لتسيير البلاد لفترة لا تقل عن سنة يتم العمل خلالها على توفير ظروف انتخابات رئاسية ديمقراطية. ورفضت السلطة هذا التوجه بشدَة، وعدَته «دعوة إلى ضرب استقرار البلاد»، رغم أن العديد من أحزاب المعارضة ظلت تنادي بمقترح الفترة الانتقالية. وحذر «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، المحسوب على التيار العلماني، من «خطر انفجار كارثة إنسانية» بسبب الأزمة الاقتصادية التي خلَفتها الأزمة الصحية، جراء توقف كل النشاط الاقتصادي الذي كان أصلاً ضعيفاً. وأشار إلى أن البلاد «فقدت السيطرة على الواقع وعلى مستقبلها منذ زمن طويل، طالما أن كل شيء يعتمد على الريع النفطي».
من جانبها، أمرت الحكومة أمس الشركات الاقتصادية بعدم تسريح أي عامل، فيما كانت المصارف قد أعلنت منذ أسبوع عن تدابير مالية لمساعدة المؤسسات العاجزة. لكن أكبر مشكلة تواجه الجزائريين من الناحية الاقتصادية هي توقف الملايين عن النشاط ممن يكسبون قوتهم اليومي من الاقتصاد الموازي الذي يشكل أكثر من 60 في المائة من النشاط الاقتصادي بالبلاد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.