الإعلام الفلسطيني على خطى المؤسسات العالمية في التغطية ... بـ «تيك توك»

الإعلام الفلسطيني على خطى المؤسسات العالمية في التغطية ... بـ «تيك توك»
TT

الإعلام الفلسطيني على خطى المؤسسات العالمية في التغطية ... بـ «تيك توك»

الإعلام الفلسطيني على خطى المؤسسات العالمية في التغطية ... بـ «تيك توك»

صار تطبيق «التيك توك» الذي تمّ إطلاقه عام 2016. والمخصص لنشر مقاطع الفيديو القصيرة، من بين أشهر منصات التواصل الاجتماعي عبر العالم التي يستخدمها المراهقون والشباب، وذلك بعد أن تجاوز عدد مرات تحميله المليار والنصف مرّة، وفقاً لأحدث تقارير شركة «سينسور تاور»، الأمر الذي أدخل الوسائل الإعلامية والصحافية صراعاً جديداً، كانت قد عاشته سابقاً وقت ظهور منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، فصار القرار لديها متأرجحاً بين الدخول لذلك التطبيق؛ للوصول لعدد أكبر من المتابعين، أو البقاء بعيداً عن جمهوره الذي يتصف وفقاً لعدد من التقارير بـ«عدم الجدية».
مؤسسات صحافية مشهورة على مستوى العالم مثل صحيفة «واشنطن بوست»، قررت قبل عدّة شهور كسر ذلك التأرجح، واختارت النزول بحساباتٍ تحمل اسمها على التطبيق، وبدأت بنشر مئات المقاطع التي حصدت ملايين المشاهدات في وقتٍ قياسي؛ مما دفع مؤسسات أخرى «عربية وفلسطينية» للتفكير بجدية أكثر بخصوص التطبيق والمساحة التي ممكن أن يمنحها لهم، وقررت أخيراً الولوج لعالم «التيك توك» وطوّعت ميزة سعة الانتشار وسرعة الوصول؛ لأجل إيصال محتواها لأكبر عدد من المتابعين.
ومن بين أوائل المؤسسات الصحافية الفلسطينية التي اتجهت لاستخدام تطبيق «تيك توك» في بثّ الرسائل الإعلامية، كانت شبكة «قدس» الإخبارية، التي تمتلك حسابات على مختلف منصات التواصل يتابعها ملايين الأشخاص، ويتحدث الصحافي حمزة الشوبكي المسؤول عن متابعة حساب الشبكة على التطبيق، أنّهم اختاروا الانطلاق في العمل على «التيك توك» قبل نحو شهرين، بعدما شاهدوا حجم مساحة التداول والانتشار الكبير الذي حققه ذلك التطبيق، لافتاً إلى السمعة التي اكتسبها «التطبيق» في بداية ظهوره قبل أعوام كانت سلبية، لكنّ الأمر مع الوقت والتجربة تغيّر.
وعن طبيعة المواد التي يبثها حساب الشبكة، الذي يتابعه في هذا الوقت نحو 10 آلاف شخص، وحصل على مشاهدات تقترب من النصف مليون مشاهدة، وينشر يومياً 4 مقاطع تقريباً، يشير الشوبكي إلى أنّهم يعتمدون على اختيار أفكار للفيديوهات التي يمكن من خلالها بث الرسائل الفلسطينية المرتبطة بالواقع السياسي والاجتماعي والتراث، حيث إن هناك مواد مصورة تشرح كيفية إعداد الأكلات التراثية والشعبية الفلسطينية، وهناك أخرى تتحدث عن الأماكن التاريخية، وعن أشهر المحاصيل الزراعية، إضافة لتناول الموضوعات الأكثر تداولاً في الشارع المحلي والعربي، كما يبيّن.
ويتابع حديثه قائلاً: «آليات التصوير وقوالب المونتاج، التي تُستخدم لإنتاج الفيديوهات المناسبة لمنصة (تيك توك)، تختلف عن المستعملة في التطبيقات الأخرى، وذلك تبعاً لخصوصية التطبيق»، منبهاً إلى أنّهم يعملون على تصميم أدوات وخطوط ونصوص خاصّة، ليتماشوا مع نمط استخدامه ويستطيعوا الوصول لأكبر قد من مستخدميه. وفيما يتعلق بالخطوة القادمة في حساب المنصة على «التطبيق» ينوه الشوبكي، بأنّهم سيعملون في الفترة القادمة على منح فرصة للشباب للإدلاء بآرائهم حول مختلف القضايا من خلال فيديوهات قصيرة يسجلونها ذاتياً، الأمر الذي يعزز من انتمائهم مجتمعياً ويساعد على إيصال رسائلهم.
بدوره، ينوه سائد حسونة المختص في الإعلام الاجتماعي، إلى أنّ التطبيق، كغيره من منصات التواصل الاجتماعي، التي يمكن اعتبارها فعّالة في نقل المواد الإخبارية والإعلامية، إذا ما تمّ إنتاجها وإخراجها بصورة تناسب ميزة التفاعل السريع والمرونة التي يحظى بها، لافتاً إلى أنّ أهم عناصر القوة التي يتمتع بها الـ«Tik Tok» تكمن في عدد الحسابات النشطة خلال الدقيقة الواحدة، والذي يفوق عدداً كبيراً من منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، بالإضافة إلى أن الفئة التي تتفاعل مع التطبيق هي فئة الأطفال والمراهقين والشباب وهي الفئة الأكثر تأثيراً، فإذا ما استطاعت الوسيلة الإعلامية تقديم محتوى جذاب ومؤثر لهذه الفئة هي بالتالي حققت الوصول العالي، وبالتالي الصدارة.
وينحو بحديثه قائلاً: «عالم التطبيقات بشكل عام غير ثابت، وهو تنافسي بامتياز فممكن أي تعديل تقني بسيط أو ميزة جديدة تضاف له تنقله من خانة التهميش إلى خانة التطبيقات التي لا يمكن الاستغناء عنها، وهذا ممكن أن يحصل في أي وقت مع التطبيق المذكور، فيزيد الإقبال عليه من المؤسسات الإعلامية»، مبيناً أنّ النظرة السلبية التي رافقت ظهور التطبيق، جاءت من طبيعة الميزات التي أتاحها التطبيق مثل تركيب التسجيلات الصوتية أو الموسيقى الراقصة والهزلية، إضافة إلى استغلاله في عمليات الابتزاز والتنمر الإلكتروني.
ويتوقع حسونة أن يزيد إقبال المؤسسات الصحافية على التطبيق في المستقبل بشكلٍ كبير، الأمر الذي سيؤثر كثيراً على صورته النمطية، وسيدفع الشركة المطورة على اتخاذ إجراءات جدية في تطوير التطبيق ليأخذ المنحى الرسمي، أو على الأقل إضافة بعض الأدوات والتقنيات بما لا يؤدي إلى خسارة عوامل التفاعل والتأثير الأساسية الحالية في التطبيق، مثل مقاطع الفيديو القصيرة والموسيقى المثيرة، والاندماج الكبير مع تصميم التطبيق، منبهاً إلى أنّ «التيك توك» يمكن أن يحتوي على مقاطع فيديو غريبة نوعاً ما وغير موجودة في أي مكان آخر، وغالباً ما تتسم بأنّها ممتعة ومحبوبة من فئات الشباب والمراهقين.
وإضافة للمؤسسات الصحافية، التجأت بعض الشركات التجارية والمصانع للتطبيق، وذلك لما يقدمه من مميزات لها علاقة بسرعة الوصول للجمهور، وكان مصنع «العودة» المتخصص في صناعة البسكويت والحلويات ومختلف أصناف المرطبات، ويقع مقره في مدينة غزة، وتصل منتجاته لعدد من الدول العربية والأجنبية، من أول المؤسسات التجارية التي اتجهت لـ«التيك توك» وأنشأت حساباً عليه يتابعه حالياً 20 ألف شخص، وحصل أحد المقاطع التي نشرها على أكثر من مليون مشاهدة، ويقدم المصنع عبر التطبيق طرق صناعة بعض منتجاته المشهورة، بصورة بسيطة وفي وقتٍ قصير.



كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
TT

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)

أثارت بيانات عن ارتفاع الإنفاق الإعلاني على محتوى الفيديو عبر الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي، تساؤلات حول اتجاهات الناشرين في المرحلة المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الطاقات نحو المحتوى المرئي بغرض تحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات، عقب تراجع العوائد المادية التي كانت تحققها منصات الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة «لاب» LAB، وهي هيئة بريطانية معنية بالإعلانات عبر الإنترنت، كانت قد نشرت بيانات تشير إلى ارتفاع الإنفاق الإعلاني على الفيديو في بريطانيا خلال الربع الأول من عام 2024، وقدّر هذا النمو بنحو 26 في المائة مقارنة بالتوقيت عينه خلال العام الماضي، حين حققت الإعلانات عبر الفيديو عوائد مالية وصلت إلى 4.12 مليار جنيه إسترليني داخل المملكة المتحدة وحدها. وتتوقّع بيانات الهيئة استمرار النمو في عوائد الإعلانات في الفيديو حتى نهاية 2024، وقد يمتد إلى النصف الأول من 2025.

مراقبون التقتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا الاتجاه قد ينعكس على خطط الناشرين المستقبلية، من خلال الدفع نحو استثمارات أوسع في المحتوى المرئي سواءً للنشر على المواقع الإخبارية أو على «يوتيوب» وغيره من منصّات «التواصل».

إذ أرجع الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي ومستشار التكنولوجيا لقناتي «العربية» و«الحدث»، أهمية الفيديو إلى أنه بات مرتكزاً أصيلاً لنجاح التسويق الرقمي. وحدّد من جانبه طرق الاستفادة من الفيديو لتحقيق عوائد مالية مثل «برامج شركاء (اليوتيوب) التي يمكن للناشرين من خلالها تحقيق أرباح من الإعلانات المعروضة في فيديوهاتهم».

وعدّد النجداوي مسالك الربح بقوله: «أيضاً التسويق بالعمولة عن طريق ترويج منتجات أو خدمات من خلال الفيديوهات والحصول على عمولة مقابل كل عملية بيع عبر الروابط التي تُدرج في هذه الفيديوهات... أما الطريقة الأخرى - وهي الأبرز بالنسبة للناشرين - فهي أن يكون المحتوى نفسه حصرياً، ويٌقدم من قبل مختصين، وكذلك قد تقدم المنصة اشتراكات شهرية أو رسوم مشاهدة، ما يوفر دخلاً مباشراً».

ومن ثم حدد النجداوي شروطاً يجب توافرها في الفيديو لتحقيق أرباح، شارحاً: «هناك معايير وضعتها منصات التواصل الاجتماعي لعملية (المونتايزيشن)؛ منها أن يكون المحتوى عالي الجودة من حيث التصوير والصوت، بحيث يكون جاذباً للمشاهدين، أيضاً مدى توفير خدمات تفاعلية على الفيديو تشجع على المشاركة والتفاعل المستمر. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بسياسات المنصة».

ورهن نجاح اتجاه الناشرين إلى الفيديو بعدة معايير يجب توفرها، وأردف: «أتوقع أن الجمهور يتوق إلى معلومات وقصص إخبارية وأفلام وثائقية وتحليلات مرئية تلتزم بالمصداقية والدقة والسرد العميق المفصل للأحداث، ومن هنا يمكن للناشرين تحقيق أرباح مستدامة سواء من خلال الإعلانات أو الاشتراكات».

في هذا السياق، أشارت شركة الاستشارات الإعلامية العالمية «ميديا سينس» إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعاً في استثمارات الناشرين البارزين في إنتاج محتوى الفيديو، سواء عبر مواقعهم الخاصة أو منصّات التواصل الاجتماعي، بينما وجد تقرير الأخبار الرقمية من «معهد رويترز لدراسة الصحافة» - الذي نشر مطلع العام - أن الفيديو سيصبح منتجاً رئيسياً لغرف الأخبار عبر الإنترنت، وحدد التقرير الشباب بأنهم الفئة الأكثر استهلاكاً للمحتوى المرئي.

من جهة ثانية، عن استراتيجيات الاستقرار المالي للناشرين، أوضح أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «العين الإخبارية» وشبكة «سي إن إن» الاقتصادية، أن العوائد المالية المستدامة لن تتحقق بمسلك واحد، بل إن ثمة استراتيجيات يجب أن تتضافر في هذا الشأن، وأوضح أن «قطاع الإعلام يواجه تغيّرات سريعة مع تزايد المنافسة بين المنصّات الرقمية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل (ميتا) و(غوغل) وغيرهما، كما تواجه هذه السوق تحدّيات كبيرة تتعلق بالاستقرار المالي واستقطاب المستخدمين، فلم يعد الاعتماد على نماذج الدخل التقليدية (سائداً)... وهو ما يفرض على وسائل الإعلام البحث عن طرق جديدة لتوفير الإيرادات وتقديم محتوى متميز يجذب الجمهور».

كذلك، أشار العلوي إلى أهمية الاعتماد على عدة استراتيجيات لضمان الاستقرار المالي لمنصات الأخبار. وعدّ المحتوى المرئي والمسموع إحدى استراتيجيات تحقيق الاستقرار المالي للناشرين، قائلاً: «لا بد من الاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع، سواءً من خلال الإعلانات المُدمجة داخل المحتوى، أو الاشتراكات المخصصة للبودكاست والبرامج الحصرية، لكن التكيّف مع التغيرات السريعة في سوق الإعلام يدفع وسائل الإعلام لتطوير وتنويع مصادر دخلها، لتشمل عدة مسارات من بينها الفيديو».