«صفقة مشبوهة» بطلها برلماني تُحرج الحكومة التونسية

«شبهات فساد» تحوم حول مسؤولين حاولوا «الإثراء» من وباء «كورونا»

 النائب البرلماني جلال الزياتي
النائب البرلماني جلال الزياتي
TT

«صفقة مشبوهة» بطلها برلماني تُحرج الحكومة التونسية

 النائب البرلماني جلال الزياتي
النائب البرلماني جلال الزياتي

كشفت النيابة العامة التونسية أنها فتحت تحقيقات حول شبهات فساد تتعلق بصفقة كمامات طبية حصل عليها رجل أعمال يشغل منصب نائب في البرلمان التونسي، وعضو لجنة الصناعة بالبرلمان. وجاء ذلك بعد أن أكدت عدة دوائر قضائية وحقوقية، في مقدمتها «هيئة مكافحة الفساد» (هيئة دستورية)، هذه الحادثة، وهو ما ضاعف منسوب الإحراج داخل حكومة إلياس الفخفاخ، خاصة أن النائب البرلماني ينتمي إلى كتلة الإصلاح الوطني الداعمة بقوة للائتلاف الحاكم.
وحول تفاصيل هذه الصفقة العمومية المشبوهة، أكد النائب البرلماني جلال الزياتي، الذي يمثل حزب «البديل التونسي» في كتلة الإصلاح المنضمة إلى الائتلاف الحاكم، عضو لجنة الصناعة البرلمانية المتهم في هذا الملف، أنه تلقى مكالمة هاتفية من وزير الصناعة لصنع مليوني كمامة طبية، بصفته صاحب مؤسسة مختصة في هذا المجال، وليس بصفته نائباً في البرلمان، وذلك قبل صدور الشروط التي حددتها الحكومة، الرامية إلى تصنيع نحو 30 مليون كمامة طبية قبل رفع الحجر الصحي بصفة تدريجية.
وأضاف الزياتي موضحاً أن وزير الصناعة سأله إن كان قادراً على صنع نحو مليوني كمامة طبية في ظرف زمني لا يزيد على أسبوعين، وبسعر لا يزيد على 1.9 دينار تونسي للقطعة الواحدة (نحو0.65 دولار). غير أن وزير الصناعة يوسف بن صالح نفى أن يكون على علم بأن المصنع، الذي طلب منه صناعة الكمامات الطبية، في ملكية نائب في البرلمان، وقال إن طلبه «لا يندرج ضمن الصفقات العمومية، بل مجرد طلب مباشر لتأمين كمية من الكمامات».
وفي مقابل إنكار الوزير معرفته بالنائب البرلماني، أكدت منظمات حقوقية تتابع أنشطة البرلمان أن الزياتي قدم، في 28 من فبراير (شباط) الماضي، مداخلة خلال الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ، كما أنه أصبح عضواً في لجنة الصناعة والطاقة التي ترأسها عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر، وهي لجنة على علاقة وطيدة بوزارة الصناعة وهياكلها الإدارية المختلفة، وهو ما يجعل من الصعب تصديق أن وزير الصناعة لم يكن يعرف نشاط الزياتي بعيداً عن البرلمان.
وكانت عبير موسي، رئيسة لجنة الصناعة بالبرلمان، أول من اتهم النائب البرلماني باللجنة التي ترأسها بالحصول على صفقة تصنيع مليوني كمامة بطريقة مخالفة للقانون، وأكدت أن الفصل (25) من الدستور يمنع مشاركة نواب البرلمان في صفقات عمومية، مهما كانت نوعيتها، أو الأطراف الموجهة لها.
ومن ناحيتها، قدمت الهيئة التونسية لمكافحة الفساد خلال الأيام الماضية 11 بلاغاً إلى النيابة العامة للتحقيق حول شبهات فساد تتعلق بصفقتي تصنيع كميات من الكمامات الطبية. وقد أكدت الأبحاث القضائية وجود دلائل تثبت الاشتباه في فساد يحوم حول صفقتي تصنيع 30 مليون كمامة واقية غير طبية، ومليوني كمامة من الصنف نفسه لفائدة وزارات الصناعة والصحة والتجارة.
وتعلقت شبهة الفساد على وجه الخصوص بوجود «تضارب مصالح»، إثر تورط نائب في لجنة الصناعة بالبرلمان، يملك مصنعاً في جهة الساحل الشرقي، في هذه الصفقة. كما استنكرت هيئة مكافحة الفساد الحصول على صفقات عمومية شفاهياً، دون التعامل بأوراق رسمية تثبت عملية التفويت، أو عن طريق الهاتف، مما يؤكد، بحسبها، وجود شبهة المحاباة.
وكانت حكومة إلياس الفخفاخ قد تعهدت، ضمن برنامج عملها الذي تقدمت به أمام البرلمان، بمكافحة كل أشكال الفساد الذي عدته «مرادفاً للإرهاب»، وذلك من خلال دعوتها إلى تطبيق بعض فصول قانون مكافحة الإرهاب في حق كبار المحتكرين والمتلاعبين بالأموال العمومية.
وفي سياق ذلك، تحوم شبهات فساد حول بعض كبار موظفي الدولة، بالإضافة إلى عدد من رجال الأعمال الذين حاولوا الاستفادة من تفشي وباء «كورونا»، من خلال احتكار بعض المواد الأساسية المدعومة من الحكومة، أو من خلال اقتناء معظم الأقمشة الموجودة في الأسواق، بعد علمهم بمطابقتها لمواصفات تصنيع الكمامات الطبية. ومن المتوقع الاستماع إلى عدد من المسؤولين عن هذه الصفقات من أجل كشف حقيقة وجود شبهات «فساد» من عدمها.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.