تقرير حقوقي مغربي يوصي بإلغاء عقوبة الإعدام

TT

تقرير حقوقي مغربي يوصي بإلغاء عقوبة الإعدام

أوصى «التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019» الحكومة المغربية بـ«إلغاء عقوبة الإعدام من القانون ومن الممارسة». كما أوصى بـ«إجراء تحقيقات سريعة ونزيهة بشأن كافة حالات الوفيات التي تقع داخل أماكن الحرمان من الحرية»، و«تقوية آليات مكافحة إفلات مرتكبي التعذيب وسوء المعاملة من العقاب، نظراً لخطورة جريمة التعذيب؛ خصوصاً أنها ترتكب غالباً من طرف مرؤوس تحت الرقابة الفعلية لرئيس أو من يقوم مقامه»، مع «إضافة مقتضى جديد في مشروع القانون الجنائي، ينص على عدم تقادم جريمة التعذيب».
وفيما يخص الحق في التظاهر والتجمع، أوصى التقرير الذي أصدره «المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، بـ«فتح إمكانية التصريح القبلي لتنظيم المظاهرات عبر البريد الإلكتروني، تفعيلاً لمبدأ الخدمات الإدارية الرقمية»، مع «ضمان حق التظاهر والتجمع السلمي، وإن لم يستوف مسطرة التصريح أو الإشعار»، و«التنصيص على إخضاع عملية استعمال القوة لمراقبة النيابة العامة»، و«على مقتضيات تضمن بشكل صريح حماية كافة المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك الصحافيون ومهنيو الإعلام الذين يقومون بتغطية المظاهرات السلمية».
وبخصوص حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك حرية الصحافة، أوصى المجلس بـ«تجميع كافة المقتضيات التشريعية ذات الصلة بالصحافة بمدونة النشر»، و«عدم مساءلة المبلغين والمصادر الصحافية إلا في الحالات المنصوص عليها قانوناً، واعتماد سياسات ترتكز على الشفافية لتمكين العموم من الولوج إلى المعلومة؛ خصوصاً تلك التي تهم المصلحة العامة، ولا تمس بالأمن القومي والحياة الخاصة للأفراد»، مع «دعوة السلطات القضائية إلى التشبث بمبدأي الضرورة والتناسب، بما لا يمس الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة، وجعلهما في منأى عن كل عقوبة سالبة للحرية». وتطرق التقرير الذي جاء من 82 صفحة، إلى سبعة محاور أساسية تناولت «حماية حقوق الإنسان»، و«تعزيز ثقافة حقوق الإنسان»، و«العلاقة مع المؤسسة التشريعية»، و«حقوق الإنسان والإعلام»، و«التعاون والعلاقات الدولية»، و«متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة»، و«الآليات الوطنية لتعزيز حماية حقوق الإنسان».
واختُتم التقرير بتوصيات عامة ناهز عددها الـ30، رأى المجلس أن تفعيلها يكتسي «أهمية خاصة في تجسير الفجوة الموجودة على المستوى الحمائي للمنظومة الوطنية لحقوق الإنسان»، باعتبارها «توصيات مهيكلة موجهة إلى السلطات العمومية». وفي هذه التوصيات، أوصى التقرير بـ«الانضمام إلى ما تبقى من صكوك دولية لحقوق الإنسان» المتعلقة بـ«البروتوكول الاختياري الثاني، الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام»، و«البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية».
كما أوصى التقرير بـ«تعزيز الجهود والمبادرات الرامية إلى تمتيع المواطنين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، من خلال إعطائها الأولوية في النموذج التنموي الجديد، والخطط الوطنية الرامية إلى بلوغ أهداف التنمية المستدامة».
وقالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس، إن «توسيع الحريات بالفضاء العام»، والذي «ما انفك» المواطنون «يطالبون به»، يطرح، دون شك: «أكبر تحدٍّ تواجهه مؤسسات ديمقراطيتنا الناشئة».
ورأت بوعياش، في معرض كلمتها التي تصدرت التقرير، أن «حرية التعبير» تبقى «السؤال الذي ينبغي أن يجيب عليه مجتمعنا بطريقة منتظمة ومستمرة». وشددت على أن المجلس يعتزم أن «يلعب دوراً ريادياً باستلهام التجارب الدولية»، لافتة إلى أنه «كيفما كانت الإجابات التي ستقدم، فإنه لا يمكن التضحية بالتنوع الثقافي والهوياتي لبلدنا، وكذلك الأمر بالنسبة لحرية كل فرد».
واعتبرت بوعياش التقرير «فرصة لجميع الفاعلين للتوقف لتقييم اللحظات القوية التي طبعت الأحداث ذات الصلة بحقوق الإنسان في المغرب خلال سنة»؛ مشيرة إلى أن أحد أهداف التقرير يتمثل في «تقديم مجموعة من المعلومات الموثوقة والمحققة للقارئ (ة)، ومن ثم الحكم على مدى التقدم الذي أحرزته بلادنا في مجال حقوق الإنسان، وتشخيص الأسباب التي تقف وراء التعثرات والفجوات والإخفاقات».
وخلصت بوعياش إلى القول إن المجلس «لن يفوت اغتنام الفرصة للتذكير بأنه لا يمكن أن يكون هناك استثناء لمبادئ الشرعية والضرورة والتناسب والمساواة، وعدم التمييز في دولة الحق والقانون التي تحكمها قوانين يمكن التنبؤ بها على نحو كامل، تنبثق من الإرادة العامة كأداة للدولة التي تحمي حقوق المواطنين وحرياتهم ومصالحهم».
وجاء في تقديم التقرير أن إعداده جاء «في سياق تحقيق مجموعة من المكتسبات خلال سنة 2019» بالمغرب في مجال حقوق الإنسان. وشدد على أن التقرير سعى لـ«إجراء تقييم موضوعي وتحليل شامل لأوضاع حقوق الإنسان» في البلاد «بارتباط مع المهام الموكولة إلى المجلس في مجالات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها»، من خلال «اعتماد مقاربة تتوخى مراعاة طبيعة المجلس كمؤسسة مستقلة وتعددية وذات اختصاصات موسعة». وعلى المستوى الوطني، أشار التقديم إلى «تواصل الدينامية بالمغرب سنة 2019 في ظل تأثر الواقع الوطني بانعكاسات السياق الدولي، رغم المكتسبات المهمة المحققة في مجال حقوق الإنسان والحريات، إلا أن بلوغ المستوى المنشود، وفق الدستور، يعرف تحديات جديدة، من أبرزها تنامي أشكال التعابير العمومية المتعددة والمتنوعة، وبروز نموذج ناشئ للحريات العامة». كما سجل المجلس، وفق ما جاء في تقديم التقرير: «التفاوت الكبير بين التكريس الدستوري للحريات الفردية، نصاً وروحاً، وضعف الترسانة القانونية التي تضمن تمتع الجميع بهذه الحريات على أرض الواقع»، ما «يستدعي الانخراط الجدي والمسؤول في حوار رصين، وتعددي لمعالجة الإشكاليات الحقوقية التي تطرحها ممارسة الحريات الفردية».


مقالات ذات صلة

متظاهرون في دوما السورية يطالبون بمعرفة مصير ناشطين مفقودين منذ 11 عاماً

المشرق العربي وقفة احتجاجية للمطالبة بمعلومات عن الناشطين السوريين سميرة خليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم الحمادي الذين اختطفهم مجهولون في ديسمبر 2013 (أ.ف.ب)

متظاهرون في دوما السورية يطالبون بمعرفة مصير ناشطين مفقودين منذ 11 عاماً

تجمّع عشرات المتظاهرين في دوما بريف دمشق، مطالبين بمعرفة مصير أربعة ناشطين فُقدوا قبل 11 عاماً في هذه المدينة التي كانت تسيطر عليها فصائل معارضة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص من معرض سويسري لصور الضحايا في «ملفات قيصر» (أ.ف.ب) play-circle 01:43

خاص «سامي»: في البداية كنت أبكي أمام صور ضحايا الأسد ثم تبلّدت مشاعري

في الحلقة الأخيرة من مقابلته الموسّعة مع «الشرق الأوسط»، يروي «مهرّب» ملفات «قيصر» أسامة عثمان، كيف عاش لسنوات مع صور ضحايا التعذيب «كأنهم أصدقائي».

غسان شربل (باريس)
المشرق العربي وزير الإعلام السوري محمد العمر يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال اجتماع في دمشق (أ.ف.ب)

وزير الإعلام السوري يتعهّد بالعمل على تعزيز حرية الصحافة والتعبير

قال وزير الإعلام السوري الجديد محمد العمر إنه يعمل من أجل «بناء إعلام حر»، متعهداً بضمان «حرية التعبير» ببلد عانت فيه وسائل الإعلام لعقود من التقييد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص يتهم أسامة عثمان «الائتلاف الوطني السوري» المعارضة بأنه «أمد في عمر بشار الأسد» (غيتي) play-circle 03:29

خاص «سامي» شريك «قيصر» لـ«الشرق الأوسط»: «الائتلاف» أمدَّ بعمر بشار الأسد

في الحلقة الثانية من مقابلته الموسّعة، يروي مهرّب «ملفات قيصر» كيف اقترب النظام من كشفه ورفيقه مرتين اضطر في إحداهما إلى إخفاء الكاميرا والأجهزة تحت كومة قمامة.

غسان شربل (باريس)
الولايات المتحدة​ سيدات أفغانيات في العاصمة كابل (متداولة)

الأمم المتحدة تعدُّ قرار «طالبان» منع النساء من العمل بمنظمات غير حكومية «خاطئاً بالكامل»

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إنه يجب على سلطات «طالبان» الحاكمة في أفغانستان إلغاء الحظر الذي فرضته على عمل النساء في المنظمات غير الحكومية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.