الخرطوم تدخل «الإغلاق الشامل» وسط أزمة خانقة في غاز الطهي

الزحام على المخابز ضمن أزمات الخرطوم الاقتصادية المتفاقمة (أ.ف.ب)
الزحام على المخابز ضمن أزمات الخرطوم الاقتصادية المتفاقمة (أ.ف.ب)
TT

الخرطوم تدخل «الإغلاق الشامل» وسط أزمة خانقة في غاز الطهي

الزحام على المخابز ضمن أزمات الخرطوم الاقتصادية المتفاقمة (أ.ف.ب)
الزحام على المخابز ضمن أزمات الخرطوم الاقتصادية المتفاقمة (أ.ف.ب)

تعاني العاصمة السودانية الخرطوم، أزمة جديدة عنوانها انعدام غاز الطهي من محال التوزيع مع ارتفاع أسعاره، ويلهث مواطنو الخرطوم في حالة بحث دائم عن الغاز منذ أسبوعين، رغم تدخل وزارة الطاقة والتعدين بتوزيع الغاز مباشرة في الميادين على المواطنين بمحليات الخرطوم السبع.
ورغم دخول حظر التجوال الشامل حيز التنفيذ بالخرطوم أمس، الذي فرضته السلطات بالبلاد لمواجهة انتشار فيروس كورونا، اكتظت الميادين التي خصصتها وزارة الطاقة والتعدين لتوزيع الغاز على المواطنين الذين انتظروا ساعات طويلة، وبعضهم عاد دون الحصول على أسطوانة غاز، حيث لم يتمكن كثير من ناقلات الغاز من استخراج أذونات الحركة، بحسب وزارة الطاقة والتعدين، ما أدى لتكدس المواطنين المنتظرين بالميادين المخصصة للتوزيع.
ويتكرر مشهد أزمة غاز الطهي في الخرطوم والولايات المختلفة من حين لآخر، دون إيجاد حلول مستدامة تسهم في توفيره واستقرار أسعاره التي تتأرجح نتيجة الشح والندرة التي تحدث غالباً لتأخر عمليات الاستيراد من الخارج الذي يواجه عقبة عدم توفر موارد النقد الأجنبي، ما يؤدي إلى زيادة فجوة العجز في الغاز.
وكحال كثير من السودانيين، قضت الحاجة عائشة محمد مصطفى، نهارها - كما تقول - تزاحم الآخرين للحصول على «أسطوانة غاز» في ميدان أبو سعد مربع «9» الذي خصصته وزارة الطاقة والتعدين، كمنفذ مباشر لتوزيع الغاز على المواطنين في محاولة لتوفير السلعة والتحكم في أسعارها بعيداً عن السماسرة والوسطاء الذين تتهمهم الحكومة بتسريب غاز الطهي للسوق السوداء والمغالاة في أسعاره.
وقالت عائشة لـ«الشرق الأوسط»: «أمضيت نهار الجمعة، منذ الصباح وحتى قبيل مغيب الشمس في انتظار وصول ناقلة الغاز التي وعدت بها وزارة الطاقة، وعدت بأسطوانة الغاز فارغة، وعاودت المحاولة السبت للظفر بأسطوانة غاز»، وقالت إنها لا تدري أسباب اختفائه من محال التوزيع أو مبرراً لارتفاع أسعاره.
من جهته، قال مدير إدارة الإمدادات بوزارة الطاقة والتعدين السودانية جمال حسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن أزمة الغاز الراهنة نتجت عن عدم استيراد الغاز المخصص للولايات، ما أدى إلى أن تأخذ تلك الولايات حصتها من الغاز المخصص للخرطوم، وقال إنه يجري تخليص باخرة غاز مستورد في الميناء ستسهم في انفراج الأزمة.
وقال مدير الإمدادات بوزارة الطاقة إن استهلاك البلاد من الغاز يبلغ 1500 طن يومياً، وإن الإنتاج المحلي من المصفاة لا يتجاوز 750 طناً، مشيراً إلى أن الفجوة تغطى بالاستيراد من الخارج لتغطية حاجة الولايات، بعد تخصيص الغاز المنتج من المصفاة لتغطية حاجة ولاية الخرطوم. وقال جمال حسن إن تجربة توزيع الغاز بالميادين العامة، تهدف للقضاء على السوق السوداء وبيعه للمواطن بالسعر المعلن 140 جنيهاً للأسطوانة زنة 12.5 كيلو، وقال إن التجربة ستستمر طيلة أيام حظر التجوال الشامل بالخرطوم، مشيراً إلى إخفاقات شابت التجربة في أيامها الأولى ستتم معالجتها خلال الأيام المقبلة لانسياب وصول الغاز إلى المواطنين مباشرة.
ويشكو وكلاء الغاز من عدم عدالة توزيع الغاز بين الشركات، وتأخير ترحيله من الميناء إلى المستودعات، إلى جانب التوسع في استخدام الغاز فى المصانع والمخابز ومصانع الحلويات، ما أدى إلى زيادة نسبة الاستهلاك بالبلاد.
وقال الأمين العام لاتحاد وكلاء وموزعي الغاز بولاية الخرطوم فضل يس فضل لـ«الشرق الأوسط»، إن أزمة الغاز ترجع إلى الشح والندرة، وإن المنتج من مصفاة الجيلي لا يكفي حاجة الاستهلاك، مشيراً إلى أن نسبة كبيرة من الغاز توزع على المخابز والمصانع وأن غاز الطهي للمنازل لا تتجاوز نسبته 35 في المائة مما يخلق الندرة. وقال فضل إن الشركات العاملة في مجال مجال توزيع الغاز 12 شركة، تواجهها مشكلات غياب العدالة في توزيع الغاز بينها، ما يخلق أزمة في التوزيع.
وانتقد فضل خطوة وزارة الطاقة والتعدين، بتوزيع الغاز في الميادين العامة، وقال إنها تسهم في زيادة معاناة المواطنين، بعدم توفره من ناحية، ومن ناحية أخرى إرهاق المواطنين في الانتظار بالميادين ساعات طويلة انتظاراً لوصول شاحنات الغاز.
ومنذ أسبوعين، تفاقمت أزمة الغاز بالخرطوم، وتراصت صفوف المواطنين أمام محطات الوقود وأماكن بيع الغاز بالأحياء بحثاً عن أسطوانة غاز زنة 12.5 كيلو، وصل سعرها إلى خمسمائة جنيه مقابل سعرها الرسمي المحدد بـ140 جنيهاً. وغالباً ما تلجأ الأسر إلى استخدام الفحم بديلاً لانعدام الغاز وترتفع أسعاره حيث لا يكفي فحم بـ100 جنيه لتجهيز وجبة واحدة، ما يضيف معاناة أخرى للأسر التي تفضل الغاز لسهولة استخدامه وقلة تكاليفه.
ومعاناة مواطني الخرطوم في الحصول على أسطوانات غاز الطهي، أرجعها وكلاء غاز التقتهم «الشرق الأوسط» إلى ارتفاع تكلفة الترحيل من وإلى محال التوزيع نتيجة انعدام الوقود بمحطات التزود الرئيسية ولجوء أصحاب ناقلات الغاز إلى التزود بالوقود من السوق السوداء.
وقال محمد عثمان، وكيل توزيع بأم درمان، لـ«الشرق الأوسط»: «ارتفع سعر أسطوانة الغاز من 140 جنيهاً إلى 350 جنيهاً لتغطية تكاليف الترحيل». وأضاف: «بعض مراكز التوزيع في أطراف المدينة وصل سعر أسطوانة الغاز فيها إلى 500 جنيه لبعد المسافة، وبالتالي ارتفاع تكلفة الترحيل التي تحسب حسب المسافة».



«حسابات» الانتخابات الأميركية تسيطر على الأسواق

شارع «وول ستريت» حيث يقع مقر البورصة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
شارع «وول ستريت» حيث يقع مقر البورصة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

«حسابات» الانتخابات الأميركية تسيطر على الأسواق

شارع «وول ستريت» حيث يقع مقر البورصة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
شارع «وول ستريت» حيث يقع مقر البورصة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)

من الأسهم إلى العملات والسلع، سيطرت «حسابات» الانتخابات الأميركية التي تبدأ عقب ساعات قليلة على الأسواق يوم الاثنين. وبينما حنى الدولار رأسه قليلاً، وتراجع قبيل اجتماع مهم للاحتياطي الفيدرالي قد يشهد خفضاً للفائدة، مالت غالبية أسواق الأسهم العالمية إلى الحذر، فيما قفز النفط بنحو 3 في المائة على وقع قرار مهم لتحالف «أوبك بلس» بتأجيل خططها لزيادة الإنتاج شهراً.

ولا تزال المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب متعادلين تقريباً في استطلاعات الرأي عشية الانتخابات المقررة الثلاثاء، وقد لا يُعرف الفائز منهما إلا بعد أيام من انتهاء التصويت.

وكتب محللو «دويتشه بنك»: «(الثلاثاء) سيشكل اتجاه الاقتصاد العالمي والجغرافيا السياسية للأعوام الأربعة المقبلة». وحذروا من أن «هناك درجة كبيرة من عدم اليقين لا تزال قائمة حول النتيجة، بما في ذلك السباق الضيق للغاية في مجلس النواب، ومتى سنعرف ذلك؟».

ويعتقد محللون بأن سياسات ترمب بشأن الهجرة وخفض الضرائب والرسوم الجمركية من شأنها أن تضع ضغوطاً تصاعدية على التضخم وعوائد السندات والدولار، في حين يُنظر إلى هاريس على أنها مرشحة الاستمرارية للسياسات الحالية.

ويشكل الغموض الذي يكتنف نتيجة الانتخابات واحداً من الأسباب التي تجعل الأسواق تفترض أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سيختار خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس يوم الخميس بدلاً من نصف نقطة مئوية.

ويعقد بنك إنجلترا (المركزي) اجتماعاً أيضاً يوم الخميس، ومن المتوقع أن يخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في حين من المتوقع أن يخفف البنك المركزي السويدي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، ومن المتوقع أن يبقي بنك النرويج على الفائدة دون تغيير. ويعقد بنك الاحتياطي الأسترالي اجتماعه الثلاثاء، ومن المتوقع أن يبقي مجدداً على أسعار الفائدة دون تغيير.

وقال محللون في بنك «إيه إن زد»: «بناء على البيانات الحالية، لا نرى سبباً للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية للتسرع في خفض أسعار الفائدة». كما تدعم الانتخابات، وعدم اليقين بشأن المسار المالي المستقبلي الحجج الداعية إلى توخي الحذر في إعادة معايرة السياسة النقدية.

وفي غضون ذلك، هبط مؤشر الدولار 0.1 في المائة إلى 103.80 نقطة. وتراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية خمس نقاط أساس، متخلية عن بعض المكاسب التي سجلتها يوم الجمعة. بينما واصل اليورو مكاسب بدأها منذ بداية يوم الاثنين ليرتفع 0.5 في المائة إلى 1.0891 دولار، وبدا عازماً على الحفاظ على مستوى بالقرب من 1.0905 دولار. وانخفض الدولار 0.6 في المائة أمام العملة اليابانية إلى 152.60 ين.

وقال متعاملون إن انخفاض الدولار ربما يكون مرتبطاً باستطلاع رأي أظهر تقدماً مفاجئاً لهاريس بثلاث نقاط في ولاية أيوا، وهو ما يعود إلى حد كبير إلى شعبيتها بين الناخبات.

وقال فرنشيسكو بيسول، خبير تداول العملات في «آي إن جي»: «يبدو أن الأسواق تقلص بعض الرهانات على فوز ترمب، ونحن نشك في أن اليومين المقبلين قد يشهدان بعض التقلبات غير الطبيعية في قيمة الدولار الأميركي أمام العملات الرئيسية بسبب التحولات الشديدة قبل الانتخابات الأميركية التي تشهد منافسة متقاربة للغاية».

وزادت الأسهم الأوروبية 0.2 في المائة، وكانت أسهم الطاقة من بين أكبر الرابحين، حيث دفع قرار «أوبك بلس» بتأخير خطط زيادة الإنتاج أسعار النفط إلى الارتفاع. وتفوقت الأسهم البريطانية على المؤشرات القارية لتضيف 0.5 في المائة، بمساعدة قطاع الطاقة.

وارتفع مؤشر «إم إس سي آي» للأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادي خارج اليابان بنسبة 0.7 في المائة، متعافياً من هبوطه إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع يوم الجمعة. وارتفعت الأسهم الصينية القيادية بنسبة 1.4 في المائة، مع ارتفاع مؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة 1.2 في المائة.

وكانت «وول ستريت» أيضاً على استعداد لتحقيق مكاسب صغيرة، مع ارتفاع العقود الآجلة لـ«ناسداك»، و«ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة و0.1 في المائة على التوالي.

وارتفعت سندات الحكومة الأميركية، مع انخفاض العائدات على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات بمقدار 8 نقاط أساس إلى 4.28 في المائة.