قيود حوثية على حركة الموظفين الأمميين بذريعة الفيروس

يمنيون على جسر وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون على جسر وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

قيود حوثية على حركة الموظفين الأمميين بذريعة الفيروس

يمنيون على جسر وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون على جسر وسط صنعاء (إ.ب.أ)

فرضت الجماعة الحوثية في صنعاء وبقية المناطق اليمنية الخاضعة للانقلاب قيوداً تمنع حركة موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، زاعمةً وجود ثلاث حالات اشتباه بينهم بالإصابة بفيروس «كورونا المستجد»، وذلك حسب ورقة تداولها ناشطون يمنيون، ولم يخرج من سلطات الحوثيين أو الأمم المتحدة شيء لنفيها، أو تأكيدها أيضاً.
كانت الجماعة قد استغلت مخاطر انتشار الوباء خلال الأسابيع الماضية لكسب المزيد من الأموال ومنع حركة اليمنيين بين المناطق الخاضعة لها والمناطق الخاضعة للشرعية، وهو ما أدى إلى تكدس آلاف المسافرين في المنافذ التي استحدثتها الجماعة بين المحافظات.
ولم تسجل في اليمن سوى إصابة حالة واحدة مؤكدة بالمرض في محافظة حضرموت (شرق) حسبما أعلنت الحكومة الشرعية ومنظمة الصحة العالمية.
وجاءت المزاعم الحوثية وجود إصابات بين الموظفين الأمميين في صنعاء في مذكرة صادرة عن مجلسها الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية قررت فيها منع تحرك الموظفين الأمميين وفرض الإقامة الإجبارية عليهم في منازلهم ومنع وجودهم في مكاتبهم أو التنقل بين المحافظات.
وفي حين أشارت الوثيقة الحوثية المتداولة إلى اكتشاف ثلاث حالات اشتباه بالإصابة بفيروس «كورونا» داخل سكن موظفي الأمم المتحدة، اتهم قادة الجماعة منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي، بأنها امتنعت عن الإفصاح عن أسماء المشتبه بإصابتهم، وهو ما دفعهم لوقف تحركات المنظمات الأممية بين المحافظات ومنع وجود الموظفين المحليين والأجانب في مكاتبهم في صنعاء ابتداءً من يوم الخميس الماضي.
ولم تعلق وكالات الأمم المتحدة في صنعاء على الإجراءات الحوثية بحق موظفيها، غير أن عاملين في مجال الإغاثة في صنعاء يرجحون أن تكون القيود الحوثية على صلة بالصراع المحتدم بين الجماعة وبين الوكالات الأممية حول آلية توزيع المساعدات والانتهاكات المستمرة للوصول الإنساني.كانت الجماعة الحوثية قد هددت بطريقة «ابتزازية» برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ببث «مقاطع فيديو» في مسعى لإرغام البرنامج على البدء بتنفيذ المرحلة التجريبية لصرف المساعدات الإنسانية في العاصمة صنعاء نقداً.
وجاء التهديد الحوثي في تغريدة على «تويتر» للقيادي في الجماعة وابن عم زعيمها محمد علي الحوثي، الذي يعد الحاكم الفعلي لمجلس حكم الانقلاب، في حين لم يعرف بعد تفاصيل المحتوى المصور الذي هددت به الجماعة.
وكان البرنامج الأممي قد ضاق ذرعاً خلال السنوات الماضية بعراقيل الجماعة الحوثية أمام الوصول الإنساني، فضلاً عن فساد قادة الجماعة وسعيهم لتحويل المساعدات لدعم أتباعهم ومجهودهم الحربي.
وشهد الشهران الماضيان اجتماعات مكثفة بين قادة الجماعة ومسؤولي البرنامج الأممي على أمل أن يتوصل البرنامج إلى حلول تحدّ من هدر المساعدات الإنسانية وتضع حداً لفساد الجماعة الحوثية وعراقيلها أمام وصول الإغاثة إلى مستحقيها.
واشترطت الجماعة الحوثية، على المنظمات الحصول على موافقة مسبقة من قادة الجماعة على المشاريع الإغاثية كافة التي تعتزم تنفيذها في مناطق سيطرة الميليشيات وتحديد السقف الزمني للتنفيذ إضافة إلى القبول برقابة الجماعة على تنفيذ المشاريع. وفق ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» عاملون في المجال الإنساني.
وعلى الرغم من إعلان الجماعة أن برنامج الغذاء العالمي سيبدأ في صرف المساعدات النقدية في صنعاء في مارس (آذار) الماضي، فإن عراقيل أخرى فرضتها الجماعة أدت إلى عرقلة إنجاز المشروع التجريبي.
وقال البرنامج في بيان سابق إنه «لا يمكن إطلاق المرحلة التجريبية إلا بعد حل القضايا العالقة»، كما أوضح أنه «سيبدأ تقديم المساعدات النقدية إلى الأسر المستحقة عند توفر آلية التحقق البيومتري (نظام البصمة) لضمان وصول المساعدات النقدية للأسر المستحقة».
وتخوض الوكالات الأممية وبخاصة برنامج الغذاء العالمي صراعاً مستمراً مع قيادة الميليشيات الحوثية من أجل الاستمرار في توزيع المساعدات على الفئات الأكثر فقراً والتوقف عن إعاقة وصول العمل الإنساني أو السطو على المساعدات وتأخير توزيعها.
وخلال فبراير (شباط) الماضي، قال برنامج الغذاء العالمي إنه قام بإيصال المساعدات الغذائية المنقذة للأرواح إلى 12.4 مليون من اليمنيين في شتى المناطق اليمنية.
وجددت الحكومة اليمنية في أحدث تصريحاتها دعوتها لمراجعة أداء الوكالات الأممية الإنسانية العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية على خلفية التقارير الغربية الأخيرة حول قيام الجماعة بإعاقة العمل الإنساني وابتزاز المنظمات وتحويل شق كبير من المساعدات لمصلحة مجهودها الحربي.
وأشارت التصريحات الحكومية إلى أن 30% من المساعدات الإنسانية تذهب لتمويل المجهود الحربي للميليشيات الحوثية، واستغلالها في التصعيد العسكري والحشد لجبهات القتال، بدلاً من تخصيصها لإعانة ملايين اليمنيين الذين يتضورون جوعاً ويفتقرون للرعاية الصحية والخدمات الأساسية في مناطق سيطرة الجماعة.
وبينما تتخوف الأمم المتحدة من توقف نحو 30 برنامجاً إغاثياً في اليمن ابتداءً من هذا الشهر بسبب نقص التمويل، يقول عاملون يمنيون في برنامج الإغاثة إن الميليشيات الحوثية عادةً ما تقْدم على احتجاز كميات الغذاء لفترات طويلة أو تقوم بمنع توزيعها من المخازن ما يجعلها عُرضة للتلف.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.