لعمامرة يعلن سحب قبوله منصب المبعوث الأممي لدى ليبيا

TT

لعمامرة يعلن سحب قبوله منصب المبعوث الأممي لدى ليبيا

أعلن وزير الخارجية الجزائري الأسبق، رمطان لعمامرة، سحب موافقته على تولي منصب المبعوث الأممي ورئيس بعثة دعم الأمم المتحدة لدى ليبيا، خلفاً لغسان سلامة المستقيل.
ومنذ الإعلان عن اسم لعمامرة لتولي هذه المهمة، ظهرت تقارير تتحدث عن اعتراض بعض الدول، وفي مقدمتها أميركا لتوليه هذا المنصب، الذي تشغله بـ«الإنابة» الأميركية ستيفاني ويليامز.
ونقلت صحيفة «النهار» الجزائرية، عبر موقعها الإلكتروني، عن لعمامرة أمس قوله: إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «عرض عليه شخصياً في السابع من مارس (آذار) الماضي، منصب الممثل الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا»، وتابع موضحاً «لقد منحت موقفي من حيث المبدأ بروح التزام لصالح الشعب الليبي الشقيق، وكذلك تجاه المنظمات العالمية والإقليمية المعنية بحل الأزمة الليبية».
ومضى لعمامرة يقول «غير أنه بعد المشاورات المعتادة، التي يجريها غوتيريش منذ ذلك الحين، لا يبدو أنها ستؤدي إلى إجماع داخل مجلس الأمن والجهات الفاعلة الأخرى، وهو أمر أساسي لإنجاز مهمة السلام والمصالحة الوطنية في ليبيا».
ويعتزم لعمامرة محادثة غوتيريش هاتفياً في الساعات المقبلة، وفقاً لما نقلته الوكالة الألمانية، أمس «ليجدد له شكره على الثقة التي وضعها فيه»، معرباً «عن أسفه لإبلاغه بسحب قبوله من حيث المبدأ على اقتراحه الذي قدمه له».
وأضاف لعمامرة «لن أخفق في التأكيد لغوتيريش أطيب تمنياتي لأعمال السلام، التي يجب على المجتمع الدولي أن يشجعها وينفذها في ليبيا».
ومنذ أن طُرح اسم لعمامرة لهذا المنصب قبل شهر، بدا الأمر أن المنصب «شبه محسوم» له بعدما حظي ترشيحه بـ«شبه إجماع». غير أنّ مصدراً دبلوماسياً نقل أن الولايات المتحدة طرحت منذ ذلك الوقت «أسئلة كثيرة بشأنه، في وقت كان فيه الجميع راضين عن هذا الخيار».
ونقلت الوكالة الفرنسية عن دبلوماسيين، لم تسمهم، أن «الأمين العام للأمم المتحدة يبحث عن شخصية جديدة لتولّي منصب المبعوث بعد الرفض الأميركي للجزائري لعمامرة». ورجّح مصدر دبلوماسي للوكالة، أن يكون سبب الاعتراض الأميركي على الدبلوماسي الجزائري أن الأخير «في نظر واشنطن مقرّب جداً من موسكو»، التي نفت غير مرة «اتهامها» بدعم القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر. وأعلن سلامة، الذي شغل منصب المبعوث الأممي لدى ليبيا منذ يونيو (حزيران) عام 2017، استقالته لأسباب صحية في 2 مارس الماضي، وتولت نائبته للشؤون السياسية، ستيفاني ويليامز، مهمة البعثة في ليبيا بـ«الإنابة».
وفي ظل تكهنات داخل الأوساط الليبية المختلفة بإمكانية ترشيح وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي لخلافة سلامة، تنتاب بعض الليبيين مخاوف من تأثير تعطل العملية السياسية في البلاد، وتداعيات ذلك على الحرب المستعرة بالعاصمة. لكن هناك من يرى «عدم وجود جدوى من تعيين مبعوث أممي»، ويؤكد أن المعركة العسكرية «ستعيد الأمور إلى نصابها الصحيح».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم