الجزائر تعزل مسؤولاً كبيراً ضمن «تطهير» للمخابرات

الحكومة تفتح ملف «التمويل الأجنبي» لوسائل الإعلام

TT

الجزائر تعزل مسؤولاً كبيراً ضمن «تطهير» للمخابرات

في حين عزل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مدير الأمن الخارجي بالمخابرات، أعلنت حكومته «فتح ملف التمويل الأجنبي» الخاص بوسائل الإعلام المحلية، وهي القضية التي لطالما أثارت جدلا كبيرا منذ أسبوع، خاصة بعد أن حجبت الحكومة موقعين إخباريين ينتميان لنفس المؤسسة، بحجة أنها تتلقى تمويلا من الخارج، وهو ما يمنعه قانون الإعلام.
وبث التلفزيون الحكومي، أمس، صور تنصيب اللواء محمد بوزيت على رأس مديرية «التوثيق والأمن الخارجي» بالعاصمة، خلفا للعقيد كمال الدين رميلي. وأشرف على التنصيب اللواء سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش بالنيابة، الذي أكد أن تغيير مدير جهاز الأمن الخارجي، «تم بناء على قرار من الرئيس تبون، بصفته وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة». ودعا ضباط الجهاز الأمني إلى «الالتفاف حول قائدهم الجديد، ودعمه في حدود صلاحياتهم».
ولم يعلن عن أسباب تنحية العقيد رميلي، التي جاءت بعد ثلاثة أيام من عزل وسجن مدير الأمن الداخلي، الجنرال واسيني بوعزة، واستخلافه بواسطة الجنرال عبد الغني راشدي. ويرتقب أن يعرض واسيني على النيابة العسكرية بتهمة «سوء تسيير الجهاز الأمني».
وتعكس هذه التغييرات، حسب مراقبين، إرادة السلطة الجديدة المنبثقة عن انتخابات نهاية العام الماضي، لـ«التخلص من إرث» رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع السابق، الفريق أحمد قايد صالح الذي توفي بسكتة قلبية منذ خمسة أشهر. وكان واسيني يوصف بأنه «ذراعه المسلحة»، كما أن رميلي كان من رجاله المقربين.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الاتصال، أمس، في بيان «فتح جميع ملفات التمويلات الخارجية للصحافة الوطنية، والتي يمنعها القانون منعا باتا»، وقالت إن القضية ستتكفل بها «هيئات الدولة المختصة»، من دون توضيح ما تقصد، لكن يفهم أن الحكومة تتعامل مع المسألة من جانب أمني بحت. وأوضح بيان الوزارة أن قضية التمويل الخارجي للإعلام «تمس بالسيادة الوطنية، وهي تغذي أشكالا من معارضة الإصلاحات الوطنية المرجوة»، في إشارة إلى تعهدات الرئيس تبون شن حرب على الفساد المالي، في إطار «تفكيك منظومة الفساد، التي خلفها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة»، حسبما يرد على ألسنة بعض المسؤولين. وتناول البيان مادة في قانون الإعلام تتحدث عن منع الدعم المادي المباشر، وغير المباشر، إن كان صادرا عن جهة أجنبية لفائدة مؤسسات إعلامية محلية، الملزمة قانونا بالكشف عن مصدر الأموال المكونة لرأسمالها، والأموال الضرورية لتسييرها، وتبريرها أمام هيئات الرقابة الحكومية، وخاصة مصالح الضرائب.
وأثار البيان موضوع الفضائيات الخاصة، التي تتبع لقانون أجنبي، كونها تبث برامج ذات محتوى محلي، إذ أكد أن القانون الذي يضبط النشاط السمعي البصري، الصادر عام 2014، ينص على أن يكون رأس مالها وطني خالص، وأن تثبت مصدر استثماراتها. وترفض الحكومة تمكين هذه القنوات من ترددات البث، التي توزعها شركة حكومية للتلفزيون العمومي فقط. ويوجد في المشهد الإعلامي الجزائري حوالي 20 فضائية خاصة، تدفع حقوق البث بالعملة الصعبة لمؤسسات موجودة بالخارج، بينما تمنع قوانين البلاد تصدير أكثر من سبعة آلاف دولار إلى الخارج، ومع ذلك غضت السلطات الطرف عن ذلك، منذ إنشاء أول فضائية عام 2012.
يشار إلى أن الإعلانات الحكومية تمثل أكثر من 62 بالمائة من سوق الإشهار الموجهة للإعلام، وتمثل مصدر الدخل الأساسي للصحف والفضائيات الحكومية والخاصة. وبحسب وزارة الاتصال، فإن اهتمامها بمسألة تمويل وسائل الإعلام «يتماشى وعملية التقويم الوطني، التي لا بد أن تمر عبر إعادة تصميم القواعد المؤسساتية والقانونية للدولة وللاقتصاد». وحسب مهنيي قطاع الإعلام، لا يمكن فصل هذه القضية عن الجدل الذي أثاره حجب الصحيفة الإلكترونية «ماغريب إيمرجان» (المغرب العربي الناشئ)، وإذاعتها التابعة لها «راديو إم»، التي تبث على الإنترنت، منذ أسبوع بحجة أن مصدر أموالهما أجنبي، حسب وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة عمار بلحيمر. لكن مدير المؤسسة الصحافي المعروف قاضي إحسان نفى ذلك، وأكد أن رأس مالها يتكون من مؤسسات ومساهمين جزائريين، وطلب من الوزير «إثبات ادعاءاته».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.