«كوفيد ـ 19» في لبنان... عدد الإصابات لا يعكس واقع الوباء

رئيس لجنة الصحة النيابية: لم نصل لمرحلة الذروة بعد

لبناني يعقّم يديه قبل دخول متجر هواتف جوالة في بيروت أمس (د.ب.أ)
لبناني يعقّم يديه قبل دخول متجر هواتف جوالة في بيروت أمس (د.ب.أ)
TT

«كوفيد ـ 19» في لبنان... عدد الإصابات لا يعكس واقع الوباء

لبناني يعقّم يديه قبل دخول متجر هواتف جوالة في بيروت أمس (د.ب.أ)
لبناني يعقّم يديه قبل دخول متجر هواتف جوالة في بيروت أمس (د.ب.أ)

لا تعكس أعدادُ الإصابات بفيروس «كورونا» المستجدّ المنخفضةُ حقيقةَ واقع الوباء في لبنان باعتراف المسؤولين، رغم أنهم يرون أن هذه النسبة مقارنة مع عدد الفحوصات التي تُجرى يومياً لا تزال مقبولة. وتكمن المشكلة في عدم القدرة على تقييم الواقع الوبائي للبنان مع نقص الفحوص التي تُجرى والتي لا تطال كل المناطق، وهو ما يعمل على إيجاد حل لها في الأيام المقبلة؛ حسبما يقول رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي، مرجحاً أن يجري اتخاذ قرار بتمديد فترة التعبئة مرة جديدة إلى ما بعد 26 أبريل (نيسان) الحالي.
ووفق آخر تقرير أصدرته وزارة الصحة أمس، ارتفع عدد الإصابات أمس إلى 658 مع تسجيل 17 حالة جديدة.
وفي حين كانت الوزارة قد وعدت بأن يصل عدد الفحوصات يومياً إلى الألف هذا الأسبوع، فقد تجاوز في الـ24 ساعة 941 فحصاً، لكنه لم يقتصر فقط على المقيمين في لبنان الذين سُجلت في صفوفهم 12 إصابة جديدة، إنما شمل المغتربين، وأعلن عن تسجيل 7 إصابات في صفوفهم.
بدوره، يوضح النائب عراجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن القول إن عدد الإصابات الذي يسجّل يومياً مقبول حتى الآن، لكن لنكن صريحين؛ فإنه لا يمكن أن يعكس حقيقة واقع انتشار (كورونا)، لأسباب عدّة مرتبطة بطبيعة هذا الفيروس؛ وطريقة انتشاره السريعة، والغموض الذي لا يزال يحيط به، لكونه جديداً ولا يزال يخضع للأبحاث، إضافة طبعاً إلى عدم شمولية الفحص وأعداده غير الكافية حتى الآن».
ويشرح «توزيع الحالات على 3 فئات: الأولى تشكل 20 في المائة من المصابين الذين لا يشعرون بأي أعراض. والثانية لمن يشعرون بأعراض خفيفة ويشكلون نسبة 60 في المائة. أما الـ20 في المائة المتبقية فهم الذين يعانون من أعراض واضحة ويضطرون على إجراء الفحص»، مشيراً إلى أنه في لبنان معظم الأشخاص الذين يخضعون للفحص هم من الفئة الثالثة.
من هنا؛ يؤكد أن معرفة واقع الوباء الحقيقي «تتطلب أن يشمل الفحص كل الفئات، وعندما نصل في لبنان إلى إجراء 2500 فحص يومياً؛ عندها يمكن تقييم الواقع»، موضحاً: «لبنان لم يصل حتى الآن إلى مرحلة الذروة في انتشار الوباء، ويمكن القول إننا في مرحلة ما بين الاحتواء والانتشار المحدود».
ومع عدم توفّر فحص «كوفيد19» المعروف بالـPCR، بكمية كافية، ليس فقط في لبنان؛ إنما في مختلف أنحاء العالم، يبقى الحلّ، بحسب عراجي، في «اللجوء إلى فحص عينات عشوائية في مختلف المناطق اللبنانية، ما من شأنه أن يكشف عن واقع انتشار الفيروس، كما حصل على سبيل المثال في منطقة بشري التي سجل فيها أكبر نسبة إصابات، حيث اتخذ قرار بإجراء عدد كبير من الفحوصات».
ويلفت هنا عراجي إلى أن «التوجه لدى وزارة الصحة في المرحلة المقبلة، لاعتماد فحص ما يعرف بالـrapid test إلى جانب الـPCR، وهو اختبار الكشف السريع عن الفيروس والذي تظهر نتيجته خلال دقائق، وبالتالي، فإن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من الفحوصات، خصوصاً أن مستشفيات ومختبرات كثيرة في لبنان تقدمت للحصول على تراخيص لإجرائه».
وفي هذا الإطار، قال وزير الصحة حمد حسن، أمس، إنه «وبعد 1 مايو (أيار) المقبل سيسمح باعتماد فحص الـ(رابيد تاست) ضمن ضوابط ومراقبة من وزارة الصحة العامة»، معلناً أنه «صباح غد (اليوم) سنتسلم هبةً من السفارة الصينية من الـ(رابيد تاست)، كما أمنت منظمة الصحة العالمية عدداً وافراً من فحوص الـPCR وسنضع خطة خلال هذا الأسبوع لرفع عدد الفحوص إلى 1000 و1500 الأسبوع المقبل».
ومع ترقّب لما ستظهره الأيام المقبلة محلياً على صعيد الأرقام وعالمياً على صعيد الأبحاث والتوصيات، يدعو عراجي إلى «ألا يغرّنا عدد الإصابات القليل، وضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية؛ أهمها الحجر المنزلي، في محاولة لتخفيف عدد الإصابات كي لا نصل إلى مرحلة انهيار النظام الصحي كما حصل في دول أخرى»، ورجّح أن يجري اتخاذ قرار بتمديد التعبة العامة إلى ما بعد 26 أبريل الحالي، مؤكداً أن قرار تخفيف الإجراءات مسؤولية كبيرة وأنه لا يمكن اتخاذه بسهولة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم