الكتل العراقية تشكّل لجنة لتقاسم الحقائب وعرضها على الكاظمي

ترحيب أميركي وإماراتي بالتوافق على تشكيل الحكومة

عناصر من الشرطة العراقية يوزعون مساعدات في مدينة الصدر ببغداد أمس (د.ب.أ)
عناصر من الشرطة العراقية يوزعون مساعدات في مدينة الصدر ببغداد أمس (د.ب.أ)
TT

الكتل العراقية تشكّل لجنة لتقاسم الحقائب وعرضها على الكاظمي

عناصر من الشرطة العراقية يوزعون مساعدات في مدينة الصدر ببغداد أمس (د.ب.أ)
عناصر من الشرطة العراقية يوزعون مساعدات في مدينة الصدر ببغداد أمس (د.ب.أ)

لم يخرج مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي المكلف، بعدُ عن صمت رجل المخابرات الذي يتميز بالغموض طبقاً لمتطلبات الموقع. الكاظمي خرج جزئياً من حالة الغموض سواء عبر لقاء منفرد مع وزير المالية فؤاد حسين، وممثلة الأمم المتحدة لدى العراق جينين بلاسخارت، وعبر تغريدة تعزية في وفاة المعماري العراقي الشهير رفعت الجادرجي وهو ما لم يكن يعمله في السابق أيام كان مديراً لجهاز المخابرات.
لكن طبقاً للتوقعات وما يحاك للكاظمي، سراً وعلانية، من قبل المتخاصمين الأقوياء ممن اعتادوا العمل طوال 17 عاماً على تقسيم كعكة السلطة طبقاً لاستحقاقات متعددة الوجوه والزوايا، فلا بد له من أن يجاهر بما يقبل أو لا يقبل.
ورحبت الولايات المتحدة، أمس، بالتوافق العراقي على تشكيل الحكومة. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، إن الولايات المتحدة ترحب باتفاق على ما يبدو بين القوى الشيعية والسنية والكردية في العراق على تشكيل حكومة جديدة، مضيفاً أنها ينبغي أن تكون قادرة على التصدي لوباء فيروس «كورونا»، ودعم الاقتصاد، والسيطرة على الأسلحة.
وقال بومبيو في بيان أوردته وكالة «رويترز»: «نرحب بتوصل الزعماء السياسيين الشيعة والسنة والأكراد إلى توافق على ما يبدو حول تشكيل حكومة، ونأمل أن تضع هذه الحكومة مصالح العراق أولاً وتلبي احتياجات الشعب العراقي».
كما رحبت دولة الإمارات، أمس، بتكليف مصطفى الكاظمي من قبل الرئيس برهم صالح تشكيل الحكومة الجديدة، معربة عن أملها في أن يلبي ذلك تطلعات الشعب العراقي في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.
وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان لها إن الإمارات «تتابع باهتمام التطورات التي يمر بها العراق، والتحديات التي تواجهه حالياً، والتي تتطلب توافقاً يعمل بإخلاص حرصاً على السيادة الوطنية والاستقرار السياسي والتعامل الناجح مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية». وأعربت الإمارات عن تمنياتها بالتوفيق لمصطفى الكاظمي في مهامه، «كما تأمل من جميع القوى السياسية والشعبية أن تتكاتف في جهودها لضمان مستقبل أفضل للعراق وللعراقيين».
وبالعودة إلى الأجواء المحيطة بتكليف الكاظمي، فإن مهرجان التكليف الذي لم ينلْه أحد قبله من كل مكلفي وزارات الدولة العراقية بعد عام 2003، انتهى بقراءة سورة الفاتحة التي لم يفعلها أحد من قبل ولا تبدو ضرورية في حفل تكليف رئيس للوزراء.
الكاتب العراقي محمد الشبوط وصف في مقال له قراءة أعضاء الطبقة السياسية الكبار الفاتحة بعد تكليف الكاظمي، بأنه بمثابة «قراءة الفاتحة على العملية السياسية» التي يصفها الشبوط دائماً بأنها تعاني من «عيوب التأسيس».
العارفون ببواطن الأمور يقولون إن رئيس الجمهورية برهم صالح وثق ظهور قادة الكتل السياسية تلفزيونياً حتى لا يؤخذ عليه الانفراد بالتكليف سابقاً (وحده مع محمد توفيق علاوي، أو عدم تحقق الإجماع الكامل عند تكليف عدنان الزرفي) مما يجعل أي محاولة منهم للتنصل يسهل الرد عليها بشريط الفيديو المصور بدءاً من التصفيق حتى قراءة الفاتحة.
مع ذلك؛ فإن البدائل دائماً متوفرة؛ بل وتبدو منطقية، ومن أبرزها، طبقاً لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» مصدر سياسي مطلع، «قيام الكتل السياسية بتشكيل لجنة سياسية مشتركة من الأحزاب والقوى الفاعلة بهدف تقاسم الوزارات فيما بينهم وعرضها بالتوافق على الكاظمي».
ويضيف المصدر السياسي المطلع أن «القوى والأحزاب المتنفذة التي حضرت تكليف الكاظمي يمكن أن تكون توافقت عليه نظراً لانسداد الأفق السياسي أمامها، وكون الرجل يحسب له أنه كان زاهداً بالمنصب لحظة التكليف واشتراطه الإجماع للموافقة، وهذه كلها مصادر قوة له، لكن القوى السياسية لا يمكنها السماح له بالانفراد بتشكيل الحكومة، لأن ذلك يهدد مناطق ومساحات نفوذها معاً».
ورغم أن حالة الإجماع لا تزال متوفرة والتصريحات التي تصدر عن جهات مختلفة؛ ومن بينها التي كانت رافضة للكاظمي بالمطلق، فإن هذا الإجماع لا يزال يخفي نوايا كل طرف طبقاً لما يراه هو وليس مثلما يرتئيه الكاظمي ذو النوايا الحسنة في إنقاذ العراق مما يعانيه طبقاً لما حدده من أولويات في خطاب تكليفه.
حتى توزيع الأدوار ورفع سقف المطالب من قبل جهات، خصوصاً المقربة من إيران والتي تلوح بفتح الملفات المؤجلة، يمكن أن تعطيه مساحة للمناورة لو تركت له حرية اختيار كابينته الحكومية.
لكن طبقاً لما يقوله فرهاد علاء الدين، رئيس المجلس الاستشاري العراقي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن «تشكيل الحكومة المقبلة مهمة صعبة بسبب تمسك الكتل السياسية بحصصها الوزارية وتوسع قاعدة الدعم لتشمل الكتل الأخرى غير المشاركة في الحكومة». وأضاف: «لهذ السبب؛ فإن المكلف أمام خيارات صعبة لإعادة توزيع الوزارات بشكل يرضي الكتل السياسية جميعاً، وهذه غاية من الصعب إدراكها». ويرى أن «من الأفضل أن يحسم أمره بالمضي بإعادة توزيع الوزارات حسبما يراه يخدم العملية السياسية والمرحلة الحالية، علماً بأن الحكومة المقبلة حكومة انتقالية مؤقتة لحين إجراء الانتخابات».
أما القيادي في «جبهة الإنقاذ والتنمية» أثيل النجيفي، فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة (الجبهة) مع الحكومة المقبلة قائمة على 3 عوامل رئيسية؛ هي إخراج العراق من الدوامة الإيرانية، وتحجيم دور الفاسدين المسيطرين على مفاصل الدولة، وسياسة الحكومة تجاه مناطقنا».
ويضيف النجيفي: «ولهذا لا يوجد لدينا موقف مسبق سلبي ولا إيجابي، ولكن ننتظر طريقته في اختيار كابينته وطريقة تعامله مع الفاسدين»، مشيراً إلى أن «من بين النقاط الرئيسية التي ستثبت صحة مسار الحكومة المقبلة هي جديتها في إجراء انتخابات مبكرة، فإذا تحققت هذه الجدية؛ فهو يعني أنها ستكون حكومة مؤقتة محكومة بنتائج الانتخابات المقبلة». وأوضح أن «العامل الرئيسي الذي سيحكم وضع العراق في الأشهر القليلة المقبلة هو العلاقة مع المجتمع الدولي والقدرة على تحقيق الأمن ومنع الانهيار الاقتصادي».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.