تشاد توقف إرسال جنودها لمحاربة الإرهاب خارج الحدود

جيش مالي يقتل 7 متشددين... وإحباط محاولة انقلابية في باماكو

جنود من قوة برخان الفرنسية خلال مشاركتهم في عملية على نطاق «غير مسبوق» على حدود مالي مع النيجر الشهر الماضي (أ.ف.ب)
جنود من قوة برخان الفرنسية خلال مشاركتهم في عملية على نطاق «غير مسبوق» على حدود مالي مع النيجر الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

تشاد توقف إرسال جنودها لمحاربة الإرهاب خارج الحدود

جنود من قوة برخان الفرنسية خلال مشاركتهم في عملية على نطاق «غير مسبوق» على حدود مالي مع النيجر الشهر الماضي (أ.ف.ب)
جنود من قوة برخان الفرنسية خلال مشاركتهم في عملية على نطاق «غير مسبوق» على حدود مالي مع النيجر الشهر الماضي (أ.ف.ب)

أعلن في العاصمة المالية باماكو عن إحباط محاولة انقلابية قام بها بعض ضباط الجيش، من ضمنهم انقلابيون سابقون، اعتقل 6 منهم، فيما لا تزال وحدات الأمن والاستخبارات تلاحق عسكريين آخرين متورطين في المحاولة الانقلابية التي جاءت في وقت تشهد فيه مالي تصاعد الهجمات الإرهابية، وتخوض وحدات الجيش مواجهات مسلحة شرسة ضد مقاتلي «القاعدة» و«داعش» في وسط البلاد.
وكانت وحدات من الجيش قد دخلت أمس (الاثنين)، في مواجهة مسلحة شرسة مع مقاتلين من «جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، في منطقة موبتي وسط مالي، وتمكن الجنود الماليون من قتل 7 إرهابيين، ومصادرة سيارات رباعية الدفع عابرة للصحراء ودراجات نارية وبعض الأسلحة والذخيرة.
ولكن هذا النصر كان ناقصاً في ظل الأنباء الواردة من باماكو التي تفيد بأن الاستخبارات المالية أحبطت محاولة انقلابية خطط لها بعض قادة المؤسسة العسكرية، كان عقلها المدبر ضابط يدعى سايبا ديارا، وهو أحد القادة البارزين في الانقلاب العسكري الذي شهدته مالي عام 2012، وأطاح بحكم الرئيس الأسبق أمادو توماني توري حين فشل في مواجهة تنظيم القاعدة الذي سيطر آنذاك على مناطق واسعة من شمال البلاد، وكان مقاتلوه يستعدون لاجتياح العاصمة باماكو. ولا تتوفر معلومات كثيرة عن سايبا ديارا، سوى أنه كان الذراع اليمنى والرجل المقرب من زعيم انقلاب 2012، أمادو سانوغو، ودخل السجن عام 2013 في قضية تصفية جنود من القوات الخاصة عثر على جثثهم في مقبرة جماعية داخل ثكنة عسكرية بالقرب من العاصمة باماكو، واتهم قادة المحاوة الانقلابية آنذاك بالتورط في تصفيتهم.
وتشير أنباء متداولة في الإعلام المحلي إلى أن سايبا ديارا حاول الانتحار عام 2014 من داخل السجن، وأنقذ من طرف رفيقه في الزنزانة، قبل أن يحصل على الحرية المؤقتة في انتظار تقديمه للمحاكمة، ليتم اعتقاله قبل أيام بتهمة التخطيط لمحاولة انقلابية، رفقة عسكريين آخرين. وتعيش دولة مالي منذ 2012 على وقع هجمات إرهابية تشنها جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، تسببت في مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف، فيما توسعت دائرة الهجمات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة لتشمل دولاً مجاورة مثل النيجر وبوركينا فاسو.
وشهد شمال بوركينا فاسو، المحاذي لدولة مالي، السبت الماضي، اشتباكات عنيفة بين الجيش وعناصر إرهابية هاجموا وحدتين عسكريتين، وأسفرت الاشتباكات التي اندلعت مع ساعات الفجر الأولى في مدينة دجيبو عن مقتل 6 عناصر إرهابية وجندي وحيد، في حصيلة رسمية أعلن عنها جيش بوركينا فاسو.
وقال الجيش في بيان صحافي، إن «وحدة من الدرك وفريق استطلاع تعرضا لكمين. للأسف قتل جندي خلال الهجوم»، مضيفاً أن الوحدتين تمكنتا من «قتل ستة إرهابيين»، من دون أن يحدد التنظيم الذي ينتمي له المقاتلون.
وبحسب أرقام الأمم المتحدة، فقد أسفرت هجمات الجهاديين في بوركينا فاسو ومالي والنيجر عن مقتل نحو 4 آلاف شخص العام الماضي من بينهم 800 من بوركينا فاسو لوحدها.
ولم تتمكن قوات الأمن التي تفتقر إلى التدريب والمعدات في بوركينا فاسو من القضاء على التمرد رغم المساعدة الخارجية، خصوصاً من فرنسا التي تنشر 5100 جندي يشاركون في قوة لمحاربة الإرهاب، والأمم المتحدة التي تنشر 15 ألف جندي في دولة مالي لحفظ السلام.
من جهة أخرى، شكلت مجموعة دول الساحل الخمس (موريتانيا، وتشاد، ومالي، والنيجر وبوركينا فاسو) قوة عسكرية مشتركة يصل قوامها إلى 5 آلاف جندي، لمواجهة خطر الجماعات الإرهابية، ولكن هذه القوة العسكرية المشتركة تعاني من نقص حاد في التمويل والتجهيز والتدريب، بينما سبق أن تعهدت تشاد بإرسال وحدات عسكرية لمحاربة الإرهاب في المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
ولكن تشاد التي يوصف جيشها بأنه شرس وقوي في مواجهة الإرهابيين، أعلنت وقف إرسال جنودها خارج الحدود لمحاربة الإرهاب، وقال الرئيس التشادي إدريس ديبي إن بلاده «ستتفرد في القتال ضد تنظيم (بوكو حرام) التي يتركز نفوذها في حوض بحيرة تشاد».
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة التشادية عمر يحيى حسين: «ما لم يلتزم رؤساء الدول بمبدأ التضامن، سيكون من الصعب حالياً علينا الانخراط وحيدين (في القتال)، في إطار مجموعة دول الساحل الخمس والمنطقة بشكل عام». ورغم التأثير القوي للقرار الذي اتخذته تشاد على الحرب التي تشنها دول الساحل الخمس ضد الجماعات الإرهابية، فإن أي ردود فعل رسمية لم تصدر حتى الآن، لا من طرف دول الساحل الخمس أو فرنسا التي تعتبر أن تشاد «حليف استراتيجي» في الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.
ويشير مراقبون إلى أن سحب جنود تشاد سيكون ضربة قاضية للقوة العسكرية المشتركة التي شكلتها دول الساحل الخمس قبل 5 سنوات، وكثيراً ما واجهت انتقادات حادة بسبب عجزها عن تنفيذ عمليات ناجحة ضد الجماعات الإرهابية، ومع انسحاب جنود تشاد ستكون أكثر ضعفاً.
إلى ذلك، شن المتطرفون الذين ينشرون الذعر في أقصى شمال موزمبيق سلسلة هجمات واسعة في الأسبوعين الماضيين، معلنين أخيراً هدفهم المتمثل بتطبيق الشريعة. وفي ظل رايات سوداء مغطاة بالنقوش العربية، احتلوا لفترة وجيزة أبرز النقاط في 3 بلدات في إقليم كابو ديلغادو الشمالي. ولم تتمكن، في كل مرة، قوات الأمن الموزمبيقية من الرد، على الرغم من مشاركة الشركات الأمنية الخاصة. وسيطر عشرات المسلحين، لساعات قليلة، على بلدات موكيمبوا دا برايا وكيسانغا وميدومبي، ودمروا مراكز الشرطة والمباني العامة والبنى التحتية، قبل أن يبثوا الصور على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال مسؤول في شرطة ميدومبي هذا الأسبوع: «لقد دمروا المستشفى وسرقوا الأدوية وأحرقوا محطة البنزين وهاجموا البنك ونهبوا أجهزة الصرف الآلي». وأضاف: «ثم رفعوا علمهم على المستشفى وغادروا لمهاجمة القرى المجاورة».



جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

TT

جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)
الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

تم الترحيب بالرياضيين الأولمبيين الفلسطينيين بهتاف جماهيري «تحيا فلسطين»، وهدايا من الطعام والورود عند وصولهم إلى باريس، الخميس، لتمثيل غزة التي مزقتها الحرب وبقية المناطق الفلسطينية على المسرح العالمي.

وبينما كان الرياضيون المبتهجون يسيرون عبر بحر من الأعلام الفلسطينية في مطار باريس الرئيسي، قالوا إنهم يأملون أن يكون وجودهم بمثابة رمز وسط الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وحث الرياضيون والمؤيدون الفرنسيون والسياسيون الحاضرون الأمةَ الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بينما أعرب آخرون عن غضبهم من الوجود الإسرائيلي في الألعاب.

وقال يزن البواب، وهو سباح فلسطيني يبلغ من العمر 24 عاماً وُلد في السعودية: «فرنسا لا تعترف بفلسطين دولةً، لذلك أنا هنا لرفع العلم الفلسطيني». وأضاف: «لا نعامل بوصفنا بشراً، لذلك عندما نلعب الرياضة يدرك الناس أننا متساوون معهم». وتابع: «نحن 50 مليون شخص بلا دولة».

وقام البواب، وهو واحد من ثمانية رياضيين في الفريق الفلسطيني، بالتوقيع للمشجعين، وتناول التمر من طبق قدمه طفل بين الحشد.

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

وتُظهِر هتافات «فلسطين الحرة» التي يتردد صداها في مطار شارل ديغول في باريس كيف يؤثر الصراع والتوتر السياسي في الشرق الأوسط على الألعاب الأولمبية.

ويجتمع العالم في باريس في لحظة تشهد اضطرابات سياسية عالمية، وحروباً متعددة، وهجرة تاريخية، وأزمة مناخية متفاقمة، وكلها قضايا صعدت إلى صدارة المحادثات في الألعاب الأولمبية.

في مايو (أيار)، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه مستعد للاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، لكن الخطوة يجب أن «تأتي في لحظة مفيدة» عندما لا تكون المشاعر على هذا النحو (أي متوترة).

وأدى موقف ماكرون بعدم اعتراف مباشر بدولة فلسطينية، إلى إثارة غضب البعض، مثل إبراهيم بشروري البالغ من العمر 34 عاماً، وهو من سكان باريس، والذي كان من بين عشرات المؤيدين الذين كانوا ينتظرون لاستقبال الرياضيين الفلسطينيين في المطار. وقال بشروري: «أنا هنا لأظهر لهم أنهم ليسوا وحدهم. إنهم مدعومون».

وأضاف أن وجودهم هنا «يظهر أن الشعب الفلسطيني سيستمر في الوجود، وأنه لن يتم محوه. ويعني أيضاً أنه على الرغم من ذلك، في ظل الوضع المزري، فإنهم يظلون صامدين، وما زالوا جزءاً من العالم وهم هنا ليبقوا».

ودعت السفيرة الفلسطينية لدى فرنسا إلى الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الوفد الأولمبي الإسرائيلي. وكانت قد قالت في وقت سابق إنها فقدت 60 من أقاربها في الحرب في غزة. وقالت: «إنه أمر مرحب به، وهذا ليس مفاجئاً للشعب الفرنسي، الذي يدعم العدالة، ويدعم الشعب الفلسطيني، ويدعم حقه في تقرير المصير».

وتأتي هذه الدعوة للاعتراف بعد يوم واحد فقط من إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً لاذعاً أمام الكونغرس خلال زيارة لواشنطن، والتي قوبلت بالاحتجاجات. وأعلن أنه سيحقق «النصر الكامل» ضد «حماس»، ووصف أولئك الذين يحتجون في الجامعات وفي أماكن أخرى في الولايات المتحدة، على الحرب، بأنهم «أغبياء مفيدون» لإيران.

ورددت سفارة إسرائيل في باريس موقف اللجنة الأولمبية الدولية في «قرار فصل السياسة عن الألعاب». وكتبت السفارة في بيان لوكالة «أسوشييتد برس»: «نرحب بالألعاب الأولمبية وبوفدنا الرائع إلى فرنسا. كما نرحب بمشاركة جميع الوفود الأجنبية... رياضيونا موجودون هنا ليمثلوا بلادهم بكل فخر، والأمة بأكملها تقف خلفهم لدعمهم».

مؤيدون يتجمعون للترحيب بالرياضيين الفلسطينيين في مطار شارل ديغول قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس (رويترز)

وفق «أسوشييتد برس»، حتى في ظل أفضل الظروف، من الصعب الحفاظ على برنامج تدريبي حيوي للألعاب الأولمبية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. أصبح هذا الأمر أقرب إلى المستحيل خلال تسعة أشهر من الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حيث تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية الرياضية في البلاد.

ومن بين الجالية الفلسطينية الكبيرة في الشتات في جميع أنحاء العالم، وُلد العديد من الرياضيين في الفريق أو يعيشون في أماكن أخرى، ومع ذلك فإنهم يهتمون بشدة بالسياسة في وطن آبائهم وأجدادهم.

وكان من بينهم السباحة الأميركية الفلسطينية فاليري ترزي، التي وزعت الكوفية التقليدية على أنصارها المحيطين بها، الخميس. وقالت: «يمكنك إما أن تنهار تحت الضغط وإما أن تستخدمه كطاقة». وأضافت: «لقد اخترت استخدامه كطاقة».