تعقيم أسلحة الحرب في طرابلس خوفاً من «كورونا»

TT

تعقيم أسلحة الحرب في طرابلس خوفاً من «كورونا»

في ظل الإجراءات الاحترازية المتخذة للحد من انتشار فيروس «كورونا» في ليبيا، شددت القوتان المتحاربتان قرب العاصمة طرابلس على قياداتهما الميدانية بضرورة «تعقيم» الأسلحة والعتاد العسكري الذي يتم العثور عليه في أي من محاور القتال، خوفاً من تفشي الفيروس بين جنودهما.
وسجلت ليبيا منذ أن دخلها الفيروس 24 إصابة، تعافت منهم 9 حالات، إضافة إلى وفاة، وسط إجراءات احترازية تتفاوت من منطقة إلى أخرى، حسب الإمكانات المادية المتاحة.
وقال المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا، أمس، إنه يواصل تأهيل فرق الاستجابة السريعة لتتبع حالات الاشتباه والمخالطين للحالات المؤكدة إصابتها بالفيروس ضمن الخطة الوطنية لمجابهته، مشيراً إلى أنه أخضع عشرات الكوادر للتدريب، من خلال ورشة عمل شملت مدن الزنتان ويفرن وجادو ومزدة، إضافة إلى أطباء من مستشفيي طرابلس المركزي وطرابلس الجامعي. ورغم أن المعركة العسكرية المستعرة بين «الجيش الوطني» وقوات «الوفاق» خلّفت عشرات القتلى والمصابين في صفوف الجانبين خلال اليومين الماضيين فقط في محور أبو قرين، فإن تنبيهات مشددة صدرت من قيادتي القوتين لأمراء المحاور القتالية هناك بالحذر الشديد أثناء التعامل مع السلاح والعتاد والأسرى الذين يقعون في قبضة أي منهم، خشية أن ينقلوا عدوى «كورونا» إلى الجنود.
ونبّه المتحدث باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري على قواته، أمس، بـ«توخي الحذر وعدم الاقتراب من الأسرى والأسلحة والمعدات العسكرية المتروكة في محيط منطقة أبو قرين، جنوب شرقي مدينة مصراتة، إلا بعد تعقيمها»، لتجنب الإصابة بالفيروس.
في السياق ذاته، صدرت تنبيهات مماثلة في قوات «الوفاق» على مدى اليومين الماضيين بضرورة عدم لمس أو التعامل مع أي أسرى أو عتاد يُعثر عليه في المحاور القتالية، إلا بعد فحصه وتعقيمه من المكلفين بهذه المهمة. وسبق لحكومة «الوفاق» أن أمدت قواتها على الجبهات بمواد معقمة وأقنعة واقية تحرزاً من «كورونا».
يأتي هذا وسط تشديدات من السلطات الأمنية في شرق ليبيا وغربها على ضرورة الالتزام بأوقات حظر التنقل، وتوعد أكثر من بلدية بالتعامل بحزم مع المخالفين لحظر التجول، واتخاذ الإجراءات القانونية. وقال عميد بلدية طرابلس، عبد الرؤوف بيت المال، في تصريح صحافي، أمس، إنه «لوحظ عدم التزام بعض المواطنين بالأوقات المعلنة للحظر، فتم التنسيق مع الأجهزة الأمنية في نطاق البلدية لاتخاذ إجراءات ضد أي مخالفة لأوقات الحظر».
وكان اجتماع برئاسة وكيل وزارة الداخلية في حكومة «الوفاق» العميد خالد مازن، خلص إلى الاتفاق على وضع آلية لمعاقبة خارقي حظر التجول، ومتابعة التدابير الأمنية، وتطرق الاجتماع إلى التنسيق بين وزارة الداخلية وجهاز الحرس البلدي لتطبيق حظر التجول، مع وضع حلول لأزمة ازدحام المواطنين على المخابز، والمجمعات الخاصة ببيع المواد الغذائية.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.