شركاء الحكم في السودان يتفقون على «مصفوفة تنفيذ أهداف الثورة»

الحكومة تشرع في اتخاذ إجراءات حاسمة ضد «الإسلاميين»

جانب من احتفالات السودانيين العام الماضي في أعقاب عزل البشير (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات السودانيين العام الماضي في أعقاب عزل البشير (أ.ف.ب)
TT

شركاء الحكم في السودان يتفقون على «مصفوفة تنفيذ أهداف الثورة»

جانب من احتفالات السودانيين العام الماضي في أعقاب عزل البشير (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات السودانيين العام الماضي في أعقاب عزل البشير (أ.ف.ب)

اتفق شركاء الحكم في السودان على اتخاذ قرارات حاسمة للتصدي لمخططات فلول النظام المعزول التي تقف وراء التفلتات الأمنية في البلاد، ووجهوا الأجهزة الأمنية باتخاذ إجراءات ضد قادة ورموز النظام المعزول. وتوصل مجلسا السيادة والوزراء، و«قوى إعلان الحرية والتغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، بعد اجتماعات استمرت أسبوعين إلى «مصفوفة» إلى اتفاق حول العديد من قضايا المرحلة الانتقالية تنفذ وفق مواقيت وجداول زمنية محددة. وقالت مؤسسات السلطة الانتقالية، المتمثلة في مجلسي السيادة والوزراء، وقوى إعلان الحرية والتغيير، في بيان مشترك أمس، إن الاجتماعات ناقشت ما تحقق خلال الفترة الماضیة وما لم ینجز من مهام الثورة.
وقال عضو لجنة تفكيك واجتثاث آثار النظام المعزول، أحمد ربيع لـ«الشرق الأوسط»، إن شركاء الوثيقة الدستورية اتفقوا على ضرورة إقرار تشريعات قانونية جديدة، تضاف إلى القوانين الحالية لتصفية النظام المعزول في الدولة. وأكد أن كل مؤسسات السلطة الانتقالية العسكرية والمدنية تساهم في عملية تفكيك نظام الإنقاذ، حيث تم الاتفاق على تشكيل قوات مشتركة من الأجهزة النظامية لتنفيذ قرارات لجنة تفكيك وإزالة التمكين ومحاربة الفساد للنظام البائد. وكشف ربيع عن بلاغات بالفساد المالي أمام اللجنة القانونية بحق عدد من الوزراء وفلول حزب المؤتمر المنحل المشاركين في الحكومات السابقة، مشيراً إلى قرارات مهمة ستصدر خلال الأيام المقبلة تتعلق باسترداد الأموال المنهوبة بالخارج والداخل.
وقال الربيع إن المصفوفة حددت 18 من الشهر الحالي لتكليف ولاة مدنيين في كل ولايات البلاد، وتشكيل المجلس التشريعي في 9 من مايو (أيار) المقبل، السقف الزمني المحدد للتوقيع على اتفاق سلام نهائي مع الفصائل المسلحة في الجبهة الثورية. وأكد ربيع أن مسألة اجتثاث النظام المعزول تحتاج إلى جهود كبيرة، وأن اللجنة تعمل بتجرد من أجل تحقيق الهدف باعتباره من أهم أهداف ثورة الشعب السوداني.
ويعد أحمد ربيع من أبرز قيادات «تجمع المهنيين السودانيين»، أحد الفصائل التي قادت الحراك الشعبي حتى إسقاط حكم الرئيس البشير في 11 من أبريل (نيسان) من العام الماضي. ووقعت قوى إعلان الحرية والتغيير، والمجلس العسكري المنحل في 17 من أغسطس (آب) الماضي على الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية وتمتد إلى 39 شهراً. ونصت الوثيقة على تشكيل مجلس السيادة الانتقالي مناصفة بين العسكريين والمدنيين، ومجلس وزراء من المدنيين، بالإضافة إلى مجلس تشريعي انتقالي تشارك فيه كل قوى الثورة. وأضاف البيان أن الأطراف الثلاثة اتفقت على تعزیز الثقة بین مكونات السلطة الانتقالیة والعمل الجماعي لاستكمال مهام الثورة.
وأشار البيان إلى أن الاجتماعات تناولت الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد، وخرجت بتوافق على مصفوفة ملزمة للأطراف الثلاثة، ووضعت مواقیت زمنية لتنفیذ المهام العاجلة. وخلصت المصفوفة إلى أن قضايا مهمة في الفترة الانتقالية، وهي الشراكة بين المدنيين والعسكريين وعملية السلام، والأزمة الاقتصادیة، وتفكیك التمكین، وإصلاح الأجهزة العسكریة والأمنیة، والعدالة، والعلاقات الخارجیة. وشدد الاتفاق على الإسراع باستكمال بناء هیاكل السلطة الانتقالیة وتكوین لجنة طوارئ اقتصادیة للتعامل مع الأزمة المعیشیة ومواجهة فلول النظام البائد والتعامل الحازم لإنفاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة وباء كورونا.
واتفقت الأطراف الثلاثة على تشكيل آلیات مشتركة لمتابعة تنفیذ المصفوفة ومراقبتها وتقییمها وضمان إنفاذ المهام العاجلة المتعثرة من مهام المرحلة الانتقالیة. ونصت المصفوفة على تشكيل لجنة طوارئ اقتصادية مشتركة لمجابهة الأزمة الاقتصادية الحالية وتحديد مهامها وصلاحياتها بصورة تنظم علاقتها مع الجهاز التنفيذي ينتهي أجلها بعقد المؤتمر الاقتصادي. وتضمن الاتفاق الثلاثي صياغة استراتيجية أمن قومي بمشاركة فاعلة من كل الأطراف، إضافة إلى إنفاذ صلاحيات عاجلة في جهاز المخابرات العامة والشرطة. كما توافق الشركاء على وضع استراتيجية للعلاقات الخارجية بواسطة وزارة الخارجية، تتوافق أطراف السلطة الانتقالية على وضع مصالح البلاد العليا وسيادتها بما يحقق أهداف المرحلة الانتقالية.
إلى ذلك، شيع السودانيون أمس فاروق أبو عيسى، إلى مثواه الأخير، أحد أقطاب المعارضة السودانية ضد حكم الجبهة الإسلامية طوال الثلاثين عاما الماضية وحتى سقوطه. وشغل أبو عيسى عدة مناصب وزارية في حكومة الرئيس الأسبق جعفر النميري، وعمل أميناً عاماً لاتحاد المحامين العرب لسنوات طويلة، كما كان من أبرز قادة التجمع الوطني الديمقراطي المعارض في السودان. ويعد أبو عيسى من أشرس المعارضين لنظام الرئيس المعزول عمر البشير، واعتقل لفترات طويلة، ويحسب على التيارات المتشددة التي كانت ترفض أي تقارب أو حوار بين المعارضة والنظام السابق.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.