شهدت مناطق في ريفي حلب الغربي وإدلب عودة خجولة من النازحين يومياً إلى منازلهم المدمرة بعد إعلان وقف إطلاق النار وغياب قصف الطيران الروسي، في وقت وثّق فيه ناشطون سوريون خروقات عدة خلال الساعات الماضية من قبل قوات النظام في إدلب؛ الأمر الذي عدّه الناشطون خرقاً لاتفاق وقف النار.
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أكد استمرار وقف إطلاق النار في إدلب وفقاً للاتفاق الذي توصلت إليه تركيا وروسيا، مشيراً إلى أن نحو 70 إلى 80 ألف مواطن سوري عادوا إلى منازلهم في إدلب على خلفية خفض التوتر بفضل الاتفاق، وستتواصل العودة في المرحلة المقبلة من خلال الجهود التركية.
وقال الناشط نصر الحموي إن قوات النظام قصفت مناطق في منطقة خفض التصعيد. وأوضح القيادي في «الجيش الحر» المدعوم من تركيا أحمد القاسم: «خرقت قوات النظام اتفاق وقف إطلاق النار، وقمنا بإبلاغ الجانب التركي بهذه الخروقات وتوثيقها». ويضيف: «في حال لم تلتزم قوات النظام بالاتفاق فسنرد بقوة على مصادر إطلاق النار، ولا أستبعد في حال واصلت قوات النظام خرقها للاتفاق أن تبادر الفصائل المسلحة لإطلاق عملية عسكرية من شأنها ردع قوات النظام وإلزامها بالقوة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار».
وكان معتصمون منعوا على الطريق الدولية بين حلب واللاذقية عبور الدورية التركية - الروسية، مستخدمين حجارة قاموا بضرب السيارات العسكرية الروسية بها وإجبارها على التراجع إلى مدينة سراقب شرق إدلب، فيما واصلت القوات التركية تنفيذ الدورية العسكرية على طول الطريق وصولاً إلى منطقة بداما في أقصى ريف إدلب الغربي.
في غضون ذلك، تشهد مناطق بريف حلب الغربي وأرياف إدلب عودة المئات من النازحين يومياً إلى منازلهم المدمرة بعد إعلان وقف النار. ورصدت «الشرق الأوسط» عودة النازحين، التي وصفها ناشطون بـ«الخجولة»، نظراً لعدم ثقة المدنيين بالنظام والروس على حد سواء، وباستمرار اتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع الجانب التركي، واستئناف العمليات العسكرية مجدداً.
وقال الناشط الميداني محمد كنجو، من بلدة معرة النعسان، جنوب غربي حلب: «بدأت تشهد المناطق الغربية لمدينة حلب وعلى رأسها مدن أتارب وكفر كرمين وقرى أبين وكفر ناصح والتوامة ودارة عزة، عودة عدد من أبنائها النازحين في المخيمات الحدودية، بشكل بطيء وخجول نوعاً ما، إلى ديارهم بعد نزوح استمر لأكثر من شهرين إبان حملة قوات النظام العسكرية بإسناد روسي مطلع فبراير (شباط) الماضي، وسيطرت حينها على عدد كبير من المناطق الواقعة غرب الطريق الدولية جنوب وغرب حلب، وتدخل القوات التركية وإيقاف تقدم قوات النظام الذي أعقبه اتفاق تركي - روسي بوقف إطلاق النار في حلب وإدلب، واستقرار الوضع الميداني، مما سمح ببدء عودة النازحين إلى ديارهم».
أحمد الخليل عاد مؤخراً إلى بلدته النيرب شرق إدلب، يقول: «بلدة النيرب لا تختلف عن باقي المدن والبلدات في أرياف إدلب وحلب، التي لم تتمكن قوات النظام من التقدم والسيطرة عليها، إلا أنها واجهت حملة قصف جوي ومدفعي مكثفة من قبل الأخيرة أحدثت دماراً كبيراً في منازل وممتلكات المدنيين، فضلاً عن دمار المرافق العامة والبنى التحتية، حيث تعطلت الطرق وشبكات المياه والكهرباء داخل البلدات، وبحاجة إلى إعادة ترميم ليتمكن المدنيون من العودة إلى ديارهم في ظل وقف إطلاق النار والهدوء، ومتابعة حياتهم في منازلهم».
من جهته، يقول أحمد الحلوة من مدينة جسر الشغور غرب إدلب: «بعد توقف القصف والغارات الجوية الروسية ووقف إطلاق النار، عدت وأسرتي إلى منزلنا في المدينة بعد أن نزحنا وسط ظروف صعبة للغاية، ولا يمكن أن تكون الخيمة أو المخيمات بديلاً لمعيشتنا في منازلنا ومدننا». ويضيف: «عدد كبير من أهالي مدينة جسر الشغور عادوا مؤخراً إلى المدينة ويعملون على ترميم ما تبقى من منازلهم بإمكانات بسيطة، كبناء جدار لغرفة تعرضت للقصف والدمار، أو سقف منزل بشيء من العوازل البلاستيكية، على أمل أن تتحسن ظروفهم الاقتصادية والمادية لاحقاً ليتم إصلاحها بشكل جيد». ولفت إلى أن عدداً كبيراً من أهالي سهل الغاب غرب حماة ومناطق أخرى واقعة شرق طريق حلب - دمشق وفدوا أيضاً خلال الأيام الماضية إلى مدينة جسر الشغور للعيش بدلاً من المخيمات.
الناشط بكار الحميدي من سهل الغاب عاد بعد نزوح استمر لأشهر عدة في المخيمات ليعيش في مدينة جسر الشغور غرب إدلب، ويقول: «إن معظم المدن والمناطق المتاخمة للمناطق التي تمكنت قوات النظام من التقدم فيها والسيطرة عليها بريف حلب وإدلب تعرضت لدمار كبير بنسبة 70 في المائة من أبنيتها ومرافقها العامة، لكن أكثر من 50 ألف نسمة من أبناء هذه المناطق وغيرهم من السوريين فضلوا العودة والعيش فيها على المخيمات، رغم الدمار».
ويضيف أن عودة المدنيين إلى هذه المناطق متواصلة، ويتوقع عودة أكثر من 500 ألف نسمة؛ أي نحو نصف عدد النازحين، الذين فروا نحو الحدود الشمالية السورية، أمام العمليات العسكرية للنظام التي أطلقها مطلع العام الحالي، و«لا بد أمام بداية عودة المدنيين لديارهم أن تتحرك المنظمات الإغاثية وأخرى تعمل في مجال التنمية لدعم المواطنين بتقديم المساعدات، كمياه الشرب والطعام وبعض مواد البناء، لتمكنهم من العيش ومزاولة حياتهم بشكل طبيعي في مدنهم ومنازلهم».
أما الناشط عمر حاج محمود، فيقول إن إبقاء مصير المناطق الواقعة جنوب طريق حلب - اللاذقية «معلق وغير مفهوم، بحسب الاتفاق التركي - الروسي الأخير، حال دون عودة آلاف المهجرين إلى قراهم وبلداتهم، وعلى وجه التحديد مناطق أريحا وجبل الأربعين، وعشرات القرى والبلدات في جبل الزاوية المفرغة من سكانها».
وتشهد محافظة إدلب هدوءاً نسبياً منذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في العاصمة الروسية موسكو، بين الجانبين الروسي والتركي مع التوصل إلى إنشاء منطقة ممر آمن على جانبي الطريق الدولية حلب - اللاذقية.
نازحون سوريون يعودون بحذر إلى منازلهم المدمرة في ريفي حلب وإدلب
أنقرة قدّرت عددهم بـ80 ألفاً بعد الاتفاق الروسي ـ التركي
نازحون سوريون يعودون بحذر إلى منازلهم المدمرة في ريفي حلب وإدلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة