إثيوبيا متمسكة باستكمال «سد النهضة» بعد تقارب مصري ـ سوداني

الانشاءات في سد النهضة الاثيوبي ما زالت مستمرة (أ.ف.ب)
الانشاءات في سد النهضة الاثيوبي ما زالت مستمرة (أ.ف.ب)
TT

إثيوبيا متمسكة باستكمال «سد النهضة» بعد تقارب مصري ـ سوداني

الانشاءات في سد النهضة الاثيوبي ما زالت مستمرة (أ.ف.ب)
الانشاءات في سد النهضة الاثيوبي ما زالت مستمرة (أ.ف.ب)

بعد يومين من توافق مصري - سوداني، على مرجعية «مسار واشنطن» التوافقي بشأن آلية بناء سد النهضة الإثيوبي، جددت أديس أبابا تمسكها باستكمال العمل في مشروعها العملاق الذي تخشى القاهرة من تأثيراته على تدفق مياه النيل الذي يعد المورد الرئيسي لاحتياجاتها المائية.
ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ»، أول من أمس، عن وزير الدولة الإثيوبي للشؤون المالية أيوب تيكالين، قوله، إن «استكمال وملء أكبر خزان للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، وإنتاج الكهرباء منه، أولوية أولى بالنسبة لإثيوبيا»، وأوضح أن «فيروس كورونا المستجد قد يعيد ترتيب أولويات مشروعات بسبب هذه الأزمة، لكن سد النهضة الإثيوبي العظيم، ليس واحداً منها... ونحن ماضون في الالتزام بالجدول الزمني، وسنملأ السد وسنبدأ في توليد الطاقة».
ومثلت قضية استكمال بناء وملء السد دون التوافق، مشكلة جوهرية ضمن مسار المفاوضات الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية والبنك الدولي، خلال أواخر العام الماضي ومطلع السنة الحالية، وتخلفت أديس أبابا عند حضور الجولات الختامية، فيما وقعت مصر على مسودة اتفاق بالأحرف الأولى، ودعت الخرطوم وإثيوبيا إلى النهج نفسه، وشدد بيان أميركي على ضرورة التوافق قبل المضي في ملء السد.
وكان السودان ومصر أكدا التمسك بمسودة واشنطن، الخاصة بقواعد الملء الأول، وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وما تم الاتفاق عليه في إعلان المبادئ، الموقع بين الدول الثلاث بالخرطوم في 2015.
والتقى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الخميس الماضي، بالخرطوم، وفداً مصرياً ضم وزير الري والموارد المائية محمد عبد العاطي، ومدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل. وحضر اللقاء من الجانب السوداني وزير الري والموارد المائية ياسر عباس، ومدير المخابرات العامة جمال عبد المجيد.
وذكر بيان صادر عن اللقاء أن الجانبين أكدا التمسك بما تمّ التوافق عليه، بمرجعية مسار واشنطن لقواعد الملء والتشغيل لسد النهضة. بدوره، رأى عميد «معهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل» الدكتور عدلي سعداوي، أن «التمسك الإثيوبي بالتحرك المنفرد والمواقف المتشددة محاولة للضغط على طرفي المفاوضات، خصوصاً بعد تقارب المواقف بين القاهرة والخرطوم، وزيادة مساحات التنسيق وإعلان التمسك بمسار واشنطن الذي تحاول أديس أبابا التملص من مخرجاته، والتي من أهمها ضرورة التوافق بين أطراف القضية الثلاث قبل البدء في الملء والتخزين للمياه».
وقال سعداوي لـ«الشرق الأوسط»، إن «التلويح الدائم خلال الأيام الماضية من جانب أديس أبابا بالمواقف المتشددة والاستمرار في تشييد السد، لا يمكن تفسيره بمعزل عن ضعف الموقف التفاوضي خصوصاً أمام عواصم عربية وأوروبية تمكنت مصر من التواصل الجيد معها وبيان حقيقة المفاوضات، وحشد الدعم لموقفها».
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مطلع الشهر الحالي، بمناسبة الذكرى التاسعة لانطلاق العمل في السد، إن الملء «سيبدأ في موسم الأمطار المقبل يبدأ في يونيو (حزيران)، رغم تحديات وباء كورونا».
وأعلنت مصر من قبل «رفضها التام» لاعتزام إثيوبيا المضي في ملء الخزان، مع استمرار الأعمال الإنشائية للسد دون اتفاق، واعتبرته «مخالفة صريحة للقانون والأعراف الدولية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».