حملة أرثوذكسية في لبنان ضد تعيينات حكومية

حملة أرثوذكسية في لبنان ضد تعيينات حكومية
TT

حملة أرثوذكسية في لبنان ضد تعيينات حكومية

حملة أرثوذكسية في لبنان ضد تعيينات حكومية

وضعت التعيينات في مجلس الوزراء مساء أول من أمس، الحكومة اللبنانية في مواجهة مع طائفة الروم الأرثوذكس على خلفية تخصيص مركز المفتش المالي في التفتيش المركزي، المحسوب عُرفاً من الحصة الأرثوذكسية، للطائفة المارونية، وهو ما استدعى تلويحاً بالتصعيد ضد رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل «الذي يقف وراء التعيينات» من خارج مجلس الوزراء.
وكان مجلس الوزراء أقر في جلسته أول من أمس الخميس ثلاثة تعيينات، من ضمنها تعيين مخايل جرجس فياض، (ماروني)، مفتشا عاما مالياً في التفتيش المركزي، علما بأن المقعد عُرفاً يشغله شخص من طائفة الروم الأرثوذكس، وهو ما استدعى اعتراض خمسة وزراء، من بينهم ممثلا الطائفة في الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر ووزير الأشغال العامة ميشال نجار، قبل أن يُطرح البند على التصويت. وبرر الرئيس دياب هذا الاستبدال بالقول أن المداورة مطلوبة مع احترام مبدأ الـمناصفة وأن هذه الحكومة «عابرة للطوائف».
وأثار هذا التعيين رفضاً من قبل شخصيات سياسية أرثوذكسية اعتبرت اجتماعات مجلس الوزراء «تحمل في طياتها ذلك النفس الحاقد السخيف، بنية انتقام من الطائفة»، بحسب ما قال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، وصولاً إلى التأكيد أن الطائفة «لن تكون مكسر عصا»، والتلميح بأن باسيل يقف وراء تلك التعيينات. وناشد الفرزلي الرئيس ميشال عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي «أن يبادرا فورا لوقف هذه المهزلة، ووضع حد زاجر لهذه التفاهة التي لا سقف لها والتي لن تؤدي إلا إلى تعميق الشعور المذهبي الذي نحن بغنى عنه».
وشدد عضو كتلة «المستقبل» نزيه نجم لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لا يجوز أن يسطو أحد على حقوق أي طائفة»، مضيفاً: «فليكن معلوم لرئيس الحكومة أن الاتفاقيات تحت الطاولة لن نقبل بها»، وشدد على أنه «لا يحق لباسيل ولا رئيس الحكومة انتهاك حقوق طائفة أساسية لها تاريخها العريق وتضحياتها الكبيرة»، مشيراً إلى أن هناك توجه للتصعيد ضد رئيس الحكومة.
وأشار النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني إلى «تهميش لدور الطائفة الأرثوذكسية» رغم تشديده على أن «الكفاءة يجب أن تكون المعيار الأول» وقال حاصباني لـ«الشرق الأوسط»: «بما أن التعيينات التي تحصل تتم بالمحاصصة السياسية وليس بآليات شفافة، خلافا لما كنا نطالب به وما زلنا، فليتحمل الذين حصلوا على الحصص سياسيا ومن هم مقربون منهم من المسؤولين الأرثوذكس، مسؤولية تهميش مراكز الطائفة». ولمح إلى دور للنائب باسيل في التعيينات، قائلاً: «معروف من يسمي ويحتكر تعيين المسيحيين في الدولة اليوم، ومعروف من هم الأرثوذكس المقربون منهم بالسياسة أو ضمن كتلهم النيابية».
وشدد على وجوب أن ترفض الشخصيات الأرثوذكسية الموجودة في السلطة وتنتمي إلى أحزاب السلطة هذا التهميش اللاحق بالطائفة.
من جهته، ناشد النائب أسعد درغام، رئيسي الجمهورية والحكومة «تصحيح الغبن الذي ألحقته تعيينات مجلس الوزراء بالطائفة الأرثوذكسية». ودعا إلى «تصحيح الخلل بإصدار تعيينات موازية تحفظ للطائفة الأرثوذكسية حقوقها المتساوية في النظام الإداري القائم، وتحترم بالتالي موقعها ومكانتها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.