فائزون بجائزة نوبل للسلام يقودون مبادرة لحل الأزمة في تونس

طالبوا الحكومة بـ«صياغة مقترحات» لتفادي انفجار اجتماعي

فائزون بجائزة نوبل للسلام يقودون مبادرة لحل الأزمة في تونس
TT

فائزون بجائزة نوبل للسلام يقودون مبادرة لحل الأزمة في تونس

فائزون بجائزة نوبل للسلام يقودون مبادرة لحل الأزمة في تونس

قدم الرباعي الراعي للحوار السياسي، الذي عرفته تونس نهاية سنة 2013، والفائز بجائزة نوبل للسلام، اقتراحاً لرئيسي الجمهورية والحكومة يتضمن 12 إجراءً لتجاوز الأزمة التي تعرفها البلاد، ووقّعوا على رسالة رفقة 68 من الشخصيات الوطنية النشطة في مجالات عدة، من بينهم 15 وزيراً سابقاً، أربعة منهم أشرفوا على وزارة الصحة. كما ضمت القائمة أكثر من 20 أستاذاً في الطب والصيدلة، ورجال أعمال وكبار المستثمرين، وأكاديميين وشخصيات مؤثرة من المجتمع المدني، في خطوة اعتبرها مراقبون «رسالة سياسية لمنظومة الحكم الحالية».
وتضمنت الرسالة الموجهة إلى رئيسي الجمهورية والحكومة اقتراحات ذات طابع صحي واجتماعي واقتصادي. لكنها لا تخلو أيضاً من رسائل سياسية موجهة إلى الائتلاف الحاكم، الذي تتزعمه حركة النهضة (إسلامية). وكان على رأس الموقعين على الرسالة حسين العباسي، الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، ومحمد الفاضل محفوظ، عميد المحامين سابقاً، وعبد الستار بن موسى، الرئيس السابق للرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ووداد بوشماوي، الرئيسة السابقة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال)، وهؤلاء الأربعة فازوا بجائزة نوبل للسلام سنة 2015 بفضل مساهمتهم الفعالة في إخراج تونس من المأزق السياسي الذي عرفته سنة 2013، إثر اغتيال شكري بلعيد القيادي اليساري، ومحمد البراهمي، النائب في البرلمان عن التيار الشعبي (حزب قومي)، وكان الحل آنذاك هو ضرورة خروج حركة النهضة من زعامة المشهد السياسي، وتشكيل حكومة تكنوقراط قادها مهدي جمعة، وأوكلت لها مهمة إجراء انتخابات 2014.
كما ضمت قائمة الموقعين سعيد العايدي، رئيس حزب «بني وطني» المعارض (كان ينتمي سابقاً إلى حركة نداء تونس)، وفوزي عبد الرحمان، وزير التكوين المهني والتشغيل السابق، وفائزة الكفي، وزيرة المرأة السابقة في فترة حكم بن علي، وأحمد نجيب الشابي، رئيس الحركة الديمقراطية، الذي انتقد في مناسبات سابقة أداء حكومة إلياس الفخفاخ، كما انتقد بشدة الإجراءات التي اتخذها الرئيس لتجاوز الأزمة.
وطالب الموقعون على هذه الرسالة الحكومة ورئيس الجمهورية بـ«التعبئة الوطنية، وصياغة مقترحات لإدارة هذه الأزمة وطرق الخروج منها»، بهدف تفادي انفجار وغضب اجتماعي، تنامى بقوة خلال الفترة الماضية، ورافقته احتجاجات في بعض الأحياء الشعبية الفقيرة. وعبروا عن مخاوفهم من احتمال تواصل الحجر الشامل لما بعد الأجل المحدد، وآثاره السلبية (19 أبريل/نيسان الحالي) دون إجراءات مصاحبة لفائدة الفئات المحتاجة والمحرومة.
وفي هذا الشأن، نفى جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط» الطابع البريء لهذه المبادرة، واعتبرها «ناقوس خطر يدق أمام باب الحكومة التونسية الحالية، خاصة خلال فترة ما بعد الحرب مع الوباء». مشيراً إلى أهمية الشخصيات السياسية والحقوقية الموقعة على الرسالة، وإلى أن وجود الرباعي الفائز بجائزة نوبل للسلام، «يؤكد على أن الرسالة سياسية بالأساس، حتى وإن تضمنت اقتراحات في ميادين صحية واجتماعية»، على حد تعبيره.
ولمواجهة تفشي وباء «كورونا» في تونس، طالبت المجموعة الموقعة على الرسالة، والتي ضمت أساتذة جامعيين عرفوا بمواقفهم المناهضة للتيار الإسلامي، بضرورة إجراء 1500 تحليل مخبري في اليوم للحد من انتشار الوباء، والكشف عن الأعداد الحقيقية للإصابات المؤكدة.
وتأتي هذه المطالب، حسب مراقبين، لتحويل الاهتمام الشعبي الكبير، الذي عرفته قيادات حركة النهضة في هذه الأزمة، ومن أبرزهم عبد اللطيف المكي، وزير الصحة، ولطفي زيتون، وزير الشؤون المحلية في إدارة أزمة «كورونا» لتحقيق مكاسب سياسية مباشرة من الحرب، التي تشنها الحكومة على هذا الوباء.
ونبهت كذلك إلى تراكم النتائج السلبية للمؤسسات العمومية، خاصة بعد أن أصبحت المؤسسات الخاصة تنوء تحت الضغط الجبائي والأعباء الاجتماعية، والتراتيب الإدارية، وتنذر صناديق الوقاية الاجتماعية بالانهيار. كما أن نظام الصحة العمومية بات هو الآخر يئن حالياً تحت وطأة الدين وشح الموارد المالية، بالإضافة إلى تواصل التراجع المتواصل للقطاع الصناعي منذ سنوات.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».