تحذيرات من التعدي على أراضي الدولة المصرية خلال «حظر التجول»

TT

تحذيرات من التعدي على أراضي الدولة المصرية خلال «حظر التجول»

مع تحرك حكومي لافت للتصدي بقوة للتعديات على الأراضي المملوكة للدولة، والأراضي الزراعية، والبناء العشوائي، شدد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، أمس، على أن «الدولة سوف تتصدى بقوة لأي محاولات للبناء المخالف والعشوائي، وستقوم بالإزالة الفورية لأي محاولات للتعدي على أملاك الدولة؛ خصوصاً خلال ساعات حظر التنقل». وقالت مصادر مطلعة إن «الحكومة تواصل إجراءات استرداد أراضي الدولة، وهناك توجيهات بحملات مكبرة لإزالة التعديات، وإحالة أي تعدٍّ إلى النيابة العسكرية ضماناً للحسم والسرعة والحبس للمخالفين».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد حذر قبل أيام من «البناء المخالف الذي يعيق التخطيط في القاهرة والمحافظات». وقال السيسي: «البعض يتصور أن الدولة مشغولة بمواجهة فيروس (كورونا المستجد) ويقوم بالبناء؛ لكن لن نقبل بالتعدي على الأراضي، ولن نترك البناء المخالف».
وبدأت الحكومة مساء أمس، تطبيق قرار تمديد حظر التنقل الجزئي، لمدة أسبوعين، ليبدأ من الثامنة مساء بدلاً من السابعة. وكانت الحكومة قد فرضت الحظر في 25 مارس (آذار) الماضي. ويشار إلى أن الحكومة سبق أن أكدت «تصديها بقوة للتعدي على أملاك الدولة العامة والخاصة، فضلاً عن التصدي لظاهرة البناء العشوائي من خلال (وحدات التدخل السريع) في ربوع البلاد».
وطالب مدبولي أمس المحافظين «باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية، بترسيخ هيبة الدولة، وفرض سيادة القانون والانضباط، واستعادة حقوق الدولة كاملة، وإنهاء كافة الممارسات الخاصة بالاستيلاء على أراضي الدولة»، موجهاً بـ«ضرورة أن تتم الإزالات وفق ضوابط حاسمة، وتطبق على جميع المخالفين، والتنسيق على مدار الساعة مع مديري الأمن والجهات المعنية بالإزالات»، موضحاً: «لن نسمح بعودة مبانٍ عشوائية ومخالفة مرة أخرى، أو عودة تعديات المواطنين مرة أخرى على أراضي وممتلكات الدولة، بعد أن تم استردادها، مع ضرورة تحويل المخالفات للنيابة العسكرية». وكانت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب المصري (البرلمان)، قد وافقت في فبراير (شباط) 2019 على تشديد العقوبات بشأن التعديات على أراضي الدولة أو الأراضي الزراعية، بـ«السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه... وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد وغرامة لا تقل عن مليوني جنيه إذا ارتبط التعدي بجريمة تزوير محررات رسمية للحصول على هذه الأراضي».
وقال النائب أحمد درويش، عضو مجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تعدي البعض على أراضي الدولة في ظل ظروف إجراءات مواجهة فيروس (كورونا) جريمة في حق الدولة، ولا بد من توقيع عقوبات بشأنها، والتعامل معها بحسم شديد؛ خصوصاً في ساعات حظر التجوال الجزئي في المناطق الشعبية والمحافظات». وأعلنت وزارة التنمية المحلية أمس، أن «محافظات مصر نجحت في تنفيذ ما يقرب من 4 آلاف حالة إزالة تعديات، منذ توجيهات الرئيس السيسي فيما يخص التعديات على الأراضي الزراعية، والتعدي على أراضي وأملاك الدولة، ومخالفات المباني».
ونشر هاني يونس، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء المصري، أمس، صوراً على صفحته الرسمية في «فيسبوك» توضح عمليات إزالة لأحد التعديات في محافظة البحيرة بدلتا مصر. وعلق قائلاً: «تم تحويل المخالفين للنيابة العسكرية، والحكم خلال أيام».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.