لاعبو كرة القدم الإنجليز... كبش فداء أم مذنبون؟

رواتبهم الفلكية ومواقفهم من الأزمة المالية التي سببها «كورونا» أثارت غضباً عاماً تجاههم

يوفنتوس وأندية أوروبية أخرى خفضت أجور لاعبيها بنسبة تصل إلى 70 في المائة (أ.ف.ب)  -  هندرسون من القلائل الذين طرحوا مبادرة لخفض الأجور (إ.ب.أ)
يوفنتوس وأندية أوروبية أخرى خفضت أجور لاعبيها بنسبة تصل إلى 70 في المائة (أ.ف.ب) - هندرسون من القلائل الذين طرحوا مبادرة لخفض الأجور (إ.ب.أ)
TT

لاعبو كرة القدم الإنجليز... كبش فداء أم مذنبون؟

يوفنتوس وأندية أوروبية أخرى خفضت أجور لاعبيها بنسبة تصل إلى 70 في المائة (أ.ف.ب)  -  هندرسون من القلائل الذين طرحوا مبادرة لخفض الأجور (إ.ب.أ)
يوفنتوس وأندية أوروبية أخرى خفضت أجور لاعبيها بنسبة تصل إلى 70 في المائة (أ.ف.ب) - هندرسون من القلائل الذين طرحوا مبادرة لخفض الأجور (إ.ب.أ)

عادة ما يكون تسييس كرة القدم هو الخيار المفضل لبعض الجهات التي تسعى لاستغلال شيء لا علاقة له بكرة القدم، لإلقاء اللوم على بعضها البعض في أزمة ما. إننا نعيش أوقاتاً غير عادية بالمرة، وتحولت كرة القدم، خلال الأسبوع الماضي، إلى لعبة سياسية، على الرغم من أن من يمارسون هذه اللعبة أصبحوا معزولين الآن وغير مرئيين. وسواء تم استئناف مباريات الموسم أم لا، فإن لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز الذين طالبهم وزير الصحة البريطاني - الذي يعاني من أجل تجهيز الأطقم الطبية بما تحتاجه من معدات - بأن يساهموا في حل الأزمة الحالية يعرفون تماماً أن هناك حالة من الغضب العام تجاههم.
وبالطبع هناك مؤسسات أكثر ثراءً في جميع أنحاء البلاد من أندية كرة القدم، والعديد من أصحاب الملايين والشركات التي تدفع ضرائب أقل. لكن من الواضح أن اللاعبين الذين يحصلون على رواتب فلكية في الدوري الإنجليزي الممتاز، وبدرجة أقل في دوري الدرجة الأولى، قد أصبحوا هدفاً سهلاً للانتقادات، في الوقت الذي يُطلب فيه من بقية السكان تقديم التضحيات من أجل التغلب على تداعيات الأزمة الحالية بسبب تفشي فيروس كورونا.
في الحقيقة، من الصعب الدفاع عن المبالغ المالية الطائلة التي يحصل عليها اللاعبون البارزون، إذ إن الأمر لا يتطلب أن تمر البلاد بحالة طوارئ، حتى يتساءل المرء عن الأسباب التي تجعل لاعباً يحصل على 200 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع، على الرغم من أن مهام وظيفته لا تتطلب منه أن يواجه مواقف صعبة بين الحياة والموت!
لكن البلاد ككل تعاني من نقص واضح في القيادة والمعرفة، وبُعد النظر في الوقت الحالي، ولا تختلف كرة القدم عن الحالة العامة التي تعاني منها البلاد. وكما أشار المهاجم السابق للمنتخب الإنجليزي غاري لينيكر، بكل بشجاعة، فإنه على الرغم من الهجوم الشديد والمبرر الذي تعرض له كل من توتنهام هوتسبير ونيوكاسل يونايتد، بسبب التوقف عن دفع أجور العاملين بالناديين من غير اللاعبين في الوقت الذي لم يتم فيه المساس برواتب اللاعبين (قبل أن يتراجع ليفربول عن مخطط تسريح موظفيه ويعتذر)، فإن هذا القرار قد صدر من غرفة الاجتماعات الخاصة بمسؤولي الناديين، ولم يكن للاعبين أي دخل في ذلك.
ومع ذلك، فإن اللاعبين هم الذين يتعرضون لهجوم شديد، وليس ملاك الأندية الذين يملكون مليارات الجنيهات. ويمكن للاعبين الاستعانة بشخص ما للتحدث نيابة عنهم في مثل هذه المواقف، حتى يوضح الأمور على حقيقتها، ولا يجب أن يكون هذا الشخص بالضرورة هو غوردون تايلور ورابطة اللاعبين المحترفين، التي تهتم بشكل أساسي، مثل معظم الجهات النقابية، بالتأكد من أن أصحاب العمل لا يهربون بأي شيء لا يتعين عليهم الحصول عليه.
إن إجبار اللاعبين على تخفيض رواتبهم، على سبيل المثال، لا يعني بشكل تلقائي أن تذهب تلك الأموال للموظفين في الملاعب أو المطاعم، أو العاملين في الخطوط الأمامية بالجهات الطبية. لكن ذلك يعني توفير مبالغ مالية أكبر في حسابات الأندية لكي يقرر المديرون كيفية صرفها! ويتمثل موقف رابطة اللاعبين المحترفين في أن ننتظر حتى يكون من الممكن للجميع تقديم تنازلات والمضي قدماً معاً، وهو الأمر الذي يبدو معقولاً ومنطقياً، باستثناء أنه يمنع الأندية الإنجليزية من أن تسير على الدرب نفسه الذي سار عليه كل من برشلونة الإسباني ويوفنتوس الإيطالي وغيرهما من الأندية، التي خفضت أجور اللاعبين بنسبة تصل إلى 70 في المائة.
ولعل الشيء المفهوم من بقية أنحاء أوروبا هو أن معظم اللاعبين كانوا سعداء للغاية بالتخلي عن نسب كبيرة من رواتبهم الكبيرة، في الوقت الذي لا يلعبون فيه بسبب توقف المنافسات والمسابقات الرياضية، بينما تعاني بقية البلاد. وهناك احتمال بأن اللاعبين هنا في إنجلترا يشعرون بالشيء نفسه. في الواقع، هناك بالفعل الكثير من الأدلة على ذلك من خلال المبادرات التي طرحها قائد ليفربول جوردان هندرسون ومدافع مانشستر يونايتد هاري ماغواير وآخرون، بأن لاعبي كرة القدم كانوا يحاولون تقديم المساعدات اللازمة، حتى قبل أن يطلب وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، ذلك.
ومن غير الصحيح تماماً أن رابطة اللاعبين المحترفين هي التي تعيق مساهمات اللاعبين من خلال الإصرار على أن يحصل اللاعبون على الرواتب المنصوص عليها في عقودهم مع أنديتهم كاملة، على الرغم من أن الرابطة قد تأخرت كثيراً في الخروج، والإعلان عما يتعين عليها القيام به من أجل المساعدة في هذه الأزمة، وهو الأمر الذي جعل لاعب كريستال بالاس، أندروس تاونسيند، يعبر عن قلقه من أنه بات يتم تصوير اللاعبين على أنهم مجموعة من الأشرار. وحتى عندما صوتت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لإرسال مساعدات مالية إلى أندية دوري الدرجة الأولى ودوري الدرجة الثانية وهيئة الخدمات الصحية الوطنية، كان هناك شعور بأنه يجب رؤيتك، وأنت تقوم بالشيء الصحيح بعد أيام طويلة من الفشل في التوصل إلى أي شيء بناء.
وإذا وافق ممثلو اللاعبين - كما هو متوقع - من حيث المبدأ على تخفيض رواتب اللاعبين، أو تأجيل حصولهم عليها بنسب تصل إلى 30 في المائة، فإن ذلك سيظهر أن كرة القدم تحترم نفسها، وتقوم بالدور الذي يتعين عليها القيام به، على الرغم من الحجة الساخرة التي تقول إن كرة القدم لا تتفاعل مع الأحداث، إلا عندما «تكون البندقية فور رأسها»، إن جاز التعبير، وتكون مجبرة على القيام بهذا الدور.
لقد كان من الأفضل إجراء محادثات بشأن القيام طواعية بتأجيل الحصول على الرواتب أو التبرع للجهات والهيئات الخيرية منذ البداية، وبمجرد أن اتضح أن اللاعبين سيحصلون على راحة طويلة، ولن يشاركوا في البطولات. ونظراً لأن اللاعبين يعدون من أكثر أفراد المجتمع ثراءً وشهرةً، فكان من الضروري والمتوقع أن يتعرض هؤلاء اللاعبون للانتقادات والحسد، لأنهم يحصلون على مبالغ مالية طائلة في الوقت الذي يعاني فيه الكثيرون من صعوبات مالية هائلة، لكن ما رأيناه يحدث هو أن هؤلاء اللاعبين قد تحولوا إلى كبش فداء.
ويجب الإشادة بالنوايا الحسنة لهندرسون وغيره من قادة الأندية الأخرى، ومن المؤسف أن يتم النظر إلى جهود اللاعبين على أنها ردود فعل على الانتقادات التي تعرضوا لها، وأنهم قد تأخروا كثيراً في تقديم الدعم اللازم للجهات الأكثر احتياجاً. ويمكن توجيه أصابع الاتهام إلى رابطة اللاعبين المحترفين أو ملاك الأندية، لكن اللعبة ككل يتعين عليها أن تعيد تقييم هذه المرحلة.
لقد كان لاعبو كرة القدم يحصلون على الكثير من المال بالفعل قبل أن تتوقف المنافسات الرياضية بسبب تفشي الفيروس، وكان من الطبيعي أن تلفت دخولهم المرتفعة انتباه الجميع. وعلى الرغم من أن بعض الأندية قد تعاملت مع الأمر بشكل جيد، فإن بعض اللاعبين الآخرين قد تعاملوا مع هذا الوضع الحساس بشكل أحمق.
ويجب تعلم الدروس في المرة القادمة، على الرغم من أن من يفعل الخير يأمل ألا تكون هناك مرة قادمة! في الواقع، يتعين علينا أن نتوقف عن اتهام الحكومة بعدم الكفاءة، لأنه لم يكن أحد يعرف مسبقاً كيف يمكن التعامل مع أزمة بهذا الحجم. لقد كانت هناك أخطاء، ولا تزال هناك أخطاء، يتم ارتكابها على كل مستوى، والخطأ الذي ما زلنا نرتكبه جميعاً هو افتراض أنه مع نهاية هذه الفترة من الهدوء غير الطبيعي، ستعود المباريات إلى طبيعتها وسيهتف الجمهور كالمعتاد.
يبدو أن هذه هي الصورة التي يفكر فيها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، في ظل الإصرار الشديد على أنه يجب استكمال جميع البطولات والمسابقات، لكن إذا كان العالم قد تغير خلال الشهرين الماضيين، فلن يكون أمام كرة القدم خيار سوى التغيير هي الأخرى!


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
TT

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)

قال باولو فونيسكا مدرب ميلان المنافس في دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم الجمعة، إن الفوز على فينيتسيا بعد ثلاث مباريات دون انتصار هذا الموسم، بنفس أهمية مواجهة ليفربول أو غريمه المحلي إنتر ميلان.

ويتعرض فونيسكا للضغط بعدما حقق ميلان نقطتين فقط في أول ثلاث مباريات، وقد تسوء الأمور؛ إذ يستضيف ليفربول يوم الثلاثاء المقبل في دوري الأبطال قبل مواجهة إنتر الأسبوع المقبل. ولكن الأولوية في الوقت الحالي ستكون لمواجهة فينيتسيا الصاعد حديثاً إلى دوري الأضواء والذي يحتل المركز قبل الأخير بنقطة واحدة غداً (السبت) حينما يسعى الفريق الذي يحتل المركز 14 لتحقيق انتصاره الأول.

وقال فونيسكا في مؤتمر صحافي: «كلها مباريات مهمة، بالأخص في هذا التوقيت. أنا واثق كالمعتاد. من المهم أن نفوز غداً، بعدها سنفكر في مواجهة ليفربول. يجب أن يفوز ميلان دائماً، ليس بمباراة الغد فقط. نظرت في طريقة لعب فينيتسيا، إنه خطير في الهجمات المرتدة».

وتابع: «عانينا أمام بارما (في الخسارة 2-1)، لكن المستوى تحسن كثيراً أمام لاتسيو (في التعادل 2-2). المشكلة كانت تكمن في التنظيم الدفاعي، وعملنا على ذلك. نعرف نقاط قوة فينيتسيا ونحن مستعدون».

وتلقى ميلان ستة أهداف في ثلاث مباريات، كأكثر فرق الدوري استقبالاً للأهداف هذا الموسم، وكان التوقف الدولي بمثابة فرصة ليعمل فونيسكا على تدارك المشكلات الدفاعية.

وقال: «لم يكن الكثير من اللاعبين متاحين لنا خلال التوقف، لكن تسنى لنا العمل مع العديد من المدافعين. عملنا على تصرف الخط الدفاعي وعلى التصرفات الفردية».

وتابع فونيسكا: «يجب علينا تحسين إحصاءاتنا فيما يتعلق باستقبال الأهداف، يجب على الفريق الذي لا يريد استقبال الأهداف الاستحواذ على الكرة بصورة أكبر. نعمل على ذلك، يجب على اللاعبين أن يدركوا أهمية الاحتفاظ بالكرة».