اليمين المتطرف في أميركا وإسرائيل يضغط لـ «سيادة فورية» على الضفة

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، عن أن قوى اليمين المتطرف في إسرائيل وكذلك في الولايات المتحدة، غير راضية عن الاتفاق الذي توصل إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع رئيس «كحول لفان»، بيني غانتس، بتأجيل قضية ضم الأراضي في الضفة الغربية إلى شهر يوليو (تموز) المقبل.
وقالت هذه المصادر، إن هذه القوى تمارس ضغوطاً شتى لتغيير الاتفاق والعمل على اتخاذ قرار الضم بعد تشكيل حكومة وحدة مباشرة، علماً بأن هناك عراقيل جديدة وضعت أمام جهود الوحدة، تسببت في وقفها، أمس (الثلاثاء)، وأنذرت بتفاقم الأزمة السياسية الإسرائيلية من جديد.
وتدار في إسرائيل حالياً معركتان حول هذا الضم، واحدة في اليمين وأخرى في الوسط واليسار. الأول يطالب بالضم والآخر يحذر من تبعات الضم ويطالب بالامتناع عنه تماماً.
ففي اليمين يعتبرون وجود الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض فرصة تتيح لإسرائيل، أن تقرر ضم غور الأردن وشمالي البحر الميت اللذين يشكلان 30 في المائة من مساحة الضفة الغربية المحتلة، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها وعلى المستوطنات اليهودية. واتضح، أمس، أن اليمين الأميركي المتطرف، المتمثل في عدد من التيارات الدينية المتشددة والسياسية الجمهورية المتزمتة، يسعى منذ فترة طويلة إلى اتخاذ قرار بهذا الضم. وقد مارس ضغوطاً على الرئيس ترمب نفسه في هذا الاتجاه، من خلال داعمي حملته الانتخابية في الولايات المتحدة، وكذلك تمارس الضغوط على نتنياهو من خلال قيادة المستوطنات والتيار الديني القومي المتشدد، الذي يسيطر على هذه القيادة. وقال مصدر مقرب من نتنياهو، إنه تحدث في الليلة قبل الماضية مع رئيس مجلس المستوطنات، ديفيد الحياني، ليوضح له أنه يسعى بكل قوته لإقرار الضم. وأن الاتفاق مع غانتس للتأجيل يرمي إلى نجاح جهود تشكيل حكومة وحدة، لكنه لن يعطل الضم. وكان الحياني قد صرح بأن تأجيل الضم إلى شهر يوليو، وفق الاتفاق الائتلافي، هو مصيدة نصبها غانتس لنتنياهو، هدفها القضاء على الفكرة.
وتمكنت حركة اليمين المتطرف «إسرائيل خاصتي»، من تجنيد مجموعة من الجنرالات المتقاعدين، الذين يؤيدون الاستيطان، لينظموا حملة شعبية للضغط على غانتس ورفيقه في الحزب النائب غابي اشكنازي، ليقرا الضم حال إقامة الحكومة. وقالت رئيسة الحركة، سارة هعتسني، إن هناك فكرة خاطئة سائدة في إسرائيل تظهر جنرالات الجيش وكأنهم ضد الاستيطان. لكن هناك مجموعة كبيرة من الجنرالات يفكرون بطريقة أخرى. وأطلقت عليهم «جنرالات النصر»، وقالت «إنهم يعملون معنا حتى لا يفوتنا قطار الضم». وبالمقابل، خرجت مجموعة من الجنرالات المتقاعدين في حركة «قادة من أجل أمن إسرائيل»، بحملة مضادة يمارسون من خلالها الضغط على غانتس لكي يتراجع عن الاتفاق مع نتنياهو على الضم. وقال رئيس هذه الحركة، الجنرال متان فلنائي، إن «الضم من طرف أحادي الجانب هو كارثة أمنية لإسرائيل ولاقتصادها». و«إذا توفرت فرصة لتشكيل حكومة وحدة، فيجب استغلالها لمنع هذا الضم».
وقال فلنائي، الذي شغل منصب نائب رئيس أركان الجيش ومناصب وزارية عدة في الماضي، إن عهد «كورونا» يجب أن يجعل الإسرائيليين يفتحون أعينهم جيداً. وأضاف «بخلاف أوروبا المفتوحة والولايات المتحدة الكبرى وأماكن كثيرة أخرى، فإن لدولة إسرائيل قدرة على إغلاق تام لحدودها، باستثناء حدود واحدة، تلك التي مع الفلسطينيين. الحدود الأطول والأخطر المتبقية مفتوحة، بفضل القصور المتواصل لعدم استكمال الجدار الأمني. تلك الوسائل إياها التي فيها ما يضمن الحماية من تسرب الإرهاب من المناطق إلى إسرائيل هي أيضاً الوسائل التي ستساعد في وقف الأوبئة والأمراض، وأهمها هو الانفصال، العمل على إجراءات انفصال حقيقية تنجح في القطع حقاً بيننا وبين الفلسطينيين. هكذا أعادنا (كورونا) إلى البحث الطويل عن أهمية الجدار الأمني كعائق فصل أمنى. وحتى الآن، كان المنطق في إقامة الجدار وأهمية استكماله أولاً وقبل كل شيء، منع العمليات المضادة. وأثبت لنا فيروس كورونا أن الفصل مهم، ليس فقط لاعتبارات أمنية، بل وبقدر لا يقل أيضاً لاعتبارات صحية». وقال فلنائي «تذكرنا الأزمة أيضاً بأن مخططات الضم على أنواعها لا تعرّض للخطر فقط مستقبل دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، بل وسيكون فيها ما يحبط تلك الإجراءات الانفصالية الحيوية جداً لأمن وصحة مواطني إسرائيل.
وحتى الانفصال التام ما كان ينبغي له أن يؤدي بنا إلى تجاهل الأمراض والأوبئة لدى جيراننا، لكن كان فيه ما يعطينا القدرة على مساعدة الآخرين، في الوقت الذي نكون فيه واثقين أكثر في قدرتنا على منع انتشارها عندنا. فالانفصال لا يعني التجاهل، بل القدرة على الفصل بين السكان في ظل التعاون الوثيق في كل مجالات الحياة – الأمن، الاقتصاد وبالطبع الصحة أيضاً».