تونس: اعتقال قيادات نقابية بتهمة الاعتداء على نائب

في مؤشر على عودة الصراع بين «ائتلاف الكرامة» و«اتحاد الشغل»

TT

تونس: اعتقال قيادات نقابية بتهمة الاعتداء على نائب

اعتقلت سلطات الأمن التونسي أربع قيادات نقابية في منطقة صفاقس (وسط شرقي)، بعد اتهامهم من النائب البرلماني عن تحالف «ائتلاف الكرامة» محمد الفعاس، بالاعتداء عليه في 24 من مارس (آذار) الماضي، وإثر فتح النيابة العامة تحقيقاً قضائياً حول ملابسات الحادثة، التي أحيت التوتر مجدداً بين اتحاد الشغل (نقابة العمال) وائتلاف الكرامة، وهو خلاف يعود إلى الحملة الانتخابية خلال السنة الماضية.
وألقي القبض في بادئ الأمر على سبع قيادات نقابية، رفضت حضور العفاس وأرغمته على مغادرة أحد الاجتماعات. لكن بعد تحريات أولية تم إطلاق سراح ثلاثة منهم، فيما تم الإبقاء على الأربعة الآخرين رهن الحجز.
ونفى يوسف العوادني، القيادي النقابي، إقرار نقابة الصحة بمنطقة صفاقس الدخول في إضراب في مستشفى الهادي شاكر والحبيب بورقيبة، احتجاجاً على إيقاف القيادات الأربعة، على خلفية الاعتداء، وندد الطرف النقابي بمروجي هذه الإشاعات، مؤكداً تمسّك «اتحاد الشغل» بحقّه في متابعة «مروّجي هذه الإشاعات من المناهضين للعمل النّقابي، والمعروفين ببثّ البلبلة»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، انتقد سيف الدين مخلوف، رئيس «ائتلاف الكرامة» الإسلامي المعارض، «تجاهل وزير الصحة عبد اللطيف المكي لمحمد العفاس»، وامتناعه عن توجيه الدعوة إليه، رغم أنه رئيس لجنة الصحة بالمجلس الجهوي لولاية (محافظة) صفاقس. وقال إن المكي «قام بزيارتين ميدانيتين إلى صفاقس في أسبوع واحد، ولم يتم استدعاء العفاس أو إعلامه بالزيارة، أو الاجتماع به، ولا إبداء أي اهتمام به، ولا بصفته ولا بما حصل له»، وواصل انتقاده قائلاً: «لم نسمع منكم ولا من حكومتكم أي موقف يندد بالجريمة المهينة، التي ارتُكبت في حقه وفي حق دولتكم».
وكان العفاس قد تعرض في 24 من مارس الماضي لتعنيف جسدي ولفظي، كما تعرض للسرقة. ونشر مقطع فيديو ظهر فيه ممزق الثياب، وقال إن المعتدين عمدوا في البداية إلى طرده من الاجتماع، رغم صفته نائباً للشعب، ورئيس لجنة الصحة بالمجلس الجهوي في صفاقس، قبل أن يعنّفوه باللكم واللطم، ويكسروا نظارته وينتزعوا هاتفه الجوال. وإثر ذلك أعلن البرلمان مساندته لمحمد العفاس، ودعا إلى فتح تحقيق جدي في الحادثة.
وكان رئيس ائتلاف الكرامة قد عمل على ترويج فيديو الاعتداء على العفاس، واتهم قيادات نقابية بالمستشفى الجهوي في صفاقس بالوقوف وراءه، وذلك ضمن سلسلة من المناكفات التي تعود إلى فترة الحملة الانتخابية الماضية.
وبات حزب «ائتلاف الكرامة» قوة سياسية وبرلمانية في المشهد السياسي التونسي الجديد، إذ تمكن من المشاركة لأول مرة في انتخابات السنة الماضية، ونجح في الحصول على المرتبة الرابعة بفوزه بـ21 مقعداً برلمانياً، خلف حركة النهضة، وحزب «قلب تونس»، وحزب التيار الديمقراطي، وهو ما جعل سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، يصرح بأن صعود بعض الأطراف المتطرفة إلى البرلمان، في إشارة إلى «ائتلاف الكرامة» وحزب «الرحمة»، «ستكون له عواقب وخيمة»، على حد تعبيره. لكن مخلوف لم يتأخر في الرد، ووعد بكشف ملفات فساد بعض القيادات قريباً. واتهم قيادات الاتحاد بـ«الارتزاق من عرق العمال»، معتبراً أن «منظمة الشغيلة» ليست نقابة للعمال، بل حزب سياسي لا وزن له على الساحة السياسية، ولا يمثل المنخرطين به، وكان مؤيداً للرئيس السابق زين العابدين بن علي، وفق قوله.
كما أوضح مخلوف أنّ عدداً كبيراً من القيادات النقابية بلغ مرحلة الثراء الفاحش بشكل مشبوه. وتوعد بالعمل على كشف مصادر هذا الثراء، وهو ما أثار ثائرة قيادات الصف الأول من نقابة العمال، التي فنّدت هذه الاتهامات، وأكدت في المقابل أنها تعتمد أحدث وسائل الحكومة الرشيدة، وأن «كل مداخيلها ونفقاتها موثقة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».