«ديفركسو».. لا يختلف اثنان على مذاقه

مطعم يتنشق الحرية في مدريد

مأكولات تمزج المذاق الآسيوي بالإسباني
مأكولات تمزج المذاق الآسيوي بالإسباني
TT

«ديفركسو».. لا يختلف اثنان على مذاقه

مأكولات تمزج المذاق الآسيوي بالإسباني
مأكولات تمزج المذاق الآسيوي بالإسباني

يعمل ديفيد مونوز كبيرا للطهاة بمطعم «ديفركسو» Divrexo في مدريد الحاصل على 3 نجمات «ميشلان». إلا أن مكانة الطاهي الرئيس مونوز لا تقتصر على هذا، وإنما يعد في حقيقة الأمر أحد العقول العبقرية في التعامل مع المطبخ وفنانا معاصرا يتقن صنع أعماله الفنية.
أما الكلمة المفضلة لديه فهي «الحرية». وبالفعل، داخل مطعمه، يمكنك استنشاق الحرية. وداخل المطبخ، يمكن للطهاة العمل بحرية. وعندما تراودك الرغبة في الذهاب إليه والتحدث معه، يمكنك فعل هذا بحرية تامة.
وربما يكون هذا الولع بالحرية السر وراء تزيينه مطعمه «ديفركسو» الجديد بصور حيوانات طائرة. وعن ذلك، قال مونوز خلال لقاءات صحافية أجراها بمناسبة افتتاحه مطعمه الجديد: «عندما كنت طفلا، كان خيالي خصبا للغاية. واعتاد والدي أن يقول لي: عندما يخبرك أحدهم أن جميع الحيوانات تطير، صدقه».

* أسباب تدعوك لزيارته

* ومع ذلك، تبقى هناك أسباب أخرى تدعوك لزيارة هذا المطعم صاحب 3 نجمات «ميشلان». وأوضح مونوز: «أرغب في التأثير على مشاعر العميل منذ أن تطأ قدماه المطعم حتى يخرج منه. إذا دخلت هنا ورأيت الحيوانات تطير، سيتملكك شعور بأن كل شيء ممكن هنا».
يذكر أن «ديفركسو» انتقل في سبتمبر (أيلول) من هذا العام إلى داخل «إن إتش يوروبيلدنغ هوتيل»، في واحد من أهم شوارع العاصمة الإسبانية. وبرر مونوز قرار الانتقال برغبته في التمتع بمساحة أكبر داخل المطبخ، لكن ليس في المطعم ذاته، حيث تتوافر أماكن حجز لـ40 شخصا فقط في المرة الواحدة.
وكانت رعاية «إن إتش» سببا جوهريا وراء استمرار «ديفركسو» في إسبانيا، خاصة مع تلقي مونوز عروضا لنقل مطعمه إلى لندن أو نيويورك.
اللافت أن ديفيد مونوز يتميز باختلافه عن الآخرين من حيث مظهره وأسلوبه في الطهي وتفكيره. وكثيرا ما يرفض التقاط صور لأطباقه لأنه يصر على أنها تتغير من يوم لآخر، لكن عند تصفح موقعه الشخصي على شبكة الإنترنت يتضح أنه يعكف حاليا على ابتكار بعض الأطباق الجديدة.
وبإمكان رواد المطعم الاختيار بين قائمتين (تتراوح التكلفة بين 145 و200 يورو للفرد) والجلوس في انتظار الاستمتاع بأذواق وأشكال ومقترحات مختلفة. ونوه مونوز عبر موقعه إلى أن «الخيارين يختلفان فقط في كمية الطعام وعدد الأطباق». وعندما تسأل ما الذي يمكنني تناوله هنا، تأتي الإجابة شديدة البساطة والغرابة في آن وحد: «الفن والإبداع».
الملاحظ أن مونوز شاب يانع، حيث لا يتجاوز الـ33 من عمره. وبعد عمله في مطاعم آسيوية طيلة 7 سنوات في لندن، بدأ العمل في مطعمه الخاص: «ديفركسو» عام 2007 والذي يمزج بين الأطعمة الآسيوية والإسبانية.
ويدرك مونوز جيدا أن «ديفركسو» ليس بالمشروع المربح، وأنه لن يبدأ في تحقيق أرباح حتى عام 2015. إلا أن ذلك لم يغير حقيقة أن حياته بأكملها تدور حول رسم لوحات فنية داخل الأطباق.
في الواقع، أسلوب مونوز المميز الخاص برسم الأطباق كان سببا وراء قراره الأخير بنقل مطعمه، حيث رغب في التمتع بمساحة أكبر لإعداد الطعام ومفاجأة عملائه.

* عمل جاد

* يعاون مونوز داخل «ديفركسو» قرابة 40 طاهيا، لكنه أشار إلى أنه يتلقى يوميا طلبات من أشخاص يرغبون في العمل معه.
يعمل مونوز 19 ساعة يوميا داخل «ديفركسو»، لـ5 أيام في الأسبوع. وعن ذلك، قال: «قبل هذا العام، لم نكن نغلق المطعم يومين أسبوعيا، لكننا ندرك الآن أن الغياب هذه الفترة القليلة يدفعك أكثر نحو الأمام».
كان النضال دوما طريق مونوز، فقد ناضل هذا العبقري كثيرا للإبقاء على حريته أسلوبا في عمله وحياته. وقد أصبح ذهنه متقدا تماما الآن، ويعمل على تقوية جسده أيضا، فعندما ينتهي من عمله في الثانية صباحا يقطع مسافة 12 كيلومترا عدوا داخل مدريد. وشرح سبب ذلك بقوله: «هذا الأمر يساعد على إبقاء ذهني منظما».

* لندن في الأفق

* الآن، تلوح لندن في الأفق، حيث يدرك مونوز أنه بحاجة للتوسع في عمله على الصعيد الدولي، والعاصمة البريطانية من خياراته المفضلة على هذا الصعيد. ومن المقرر أيضا أن يفتتح مونوز مطعما للوجبات منخفضة التكلفة بنهاية هذا العام يحمل اسم «ستريت اكسو».
ولا تعد تجربة «ستريت إكسو» جديدة، ذلك أنك داخل مدريد باستطاعتك رؤية الكثير من هذه النوعية من المطاعم بقلب المدينة، حيث تقتصر مساحة المطعم على عارضة ومطبخ. ويحاول مونوز من خلال تجربته الجديد محاكاة أكشاك الطعام المنتشرة بالمدن الآسيوية التي تقدم أطعمة مبتكرة للمارة.

* مزيج آسيوي إسباني

* داخل مطعم مونوز، بإمكان العملاء التمتع بأفضل الابتكارات التي تمزج بين الأطعمة الآسيوية والإسبانية. وتقتصر القائمة على 6 خيارات فقط، مع وجود مقترحين أو 3 كل يوم. جدير بالذكر أن «ستريت إكسو» يفتقر إلى رفاهية المطاعم الفاخرة، ومع ذلك تبقى الأطعمة هناك رائعة المذاق. ومن الأطعمة التي يقدمها المطعم الكابوريا المدخنة الحارة بالفلفل الأحمر وبيض سمان محمر وصلصة بولونيز كورية بها 5 أنواع من البهارات وعصير اليوسفي.

* مشاريع مستقبلية

* يدرس مونوز فكرة افتتاح مطعم بالشكل ذاته في لندن وأن يصدر لأوروبا هذا النمط من المطاعم. إلا أنه يشدد على أن «ستريت إكسو» مختلف تماما عن «ديفركسو»، وإن كان يحمل بصمة مونوز المميزة.
ويعترف مونوز أنه يصاب بالإحباط عندما يخبره عملاء بأنهم لم يتفهموا الفكرة من وراء طبق ما بعد انتهائهم من تناوله، ذلك أنه يعمل بدأب طيلة 16 ساعة يوميا سعيا لإبهار عملائه. وعلق على ذلك بقوله: «علينا إقرار أن مثل هذا الأمر لا يناسب الجميع».
Divrexo
calle de padre damian
madrid



أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
TT

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً، وعندما نسمع أي طاهٍ يردد المقولة الأشهر: «الطهي بحبّ» (التي قد يجد البعض أنها أصبحت «كليشيه»)؛ أقول لهم إنه لا يمكن أن يبرع أي شيف بمهنته إلا إذا أحب مهنته ووقع بغرام الطهي لأن هذه المهنة لا يمكن أن ينجح بها إلا من يطبخ بحبّ.

يجب أن يتحلى الطاهي الخاص بمهنية عالية (الشرق الاوسط)

الطهي أنواع، والطهاة أنواع أيضاً، فهناك من يطبخ في مطعم، وهناك من يطبخ لعائلة أو يطبخ بشكل خاص في المنازل. أما «الشرق الأوسط» فقد قامت بتجربة الطعام في أحد المساكن الراقية، التابعة لـ«أولتميا كولكشن» (Ultima Collection) التي تضم عدة شاليهات وفيلات في أماكن كثيرة، مثل جنيف في سويسرا، وموجيف في فرنسا، وغيرها من الوجهات الراقية.

بوراتا مع الطماطم (الشرق الاوسط)

الإقامة في مجموعة «أولتيما» صفتها الرقي والرفاهية التي تمتد إلى ما هو أبعد من السكن، لتصل إلى الطبق، وبراعة فريق العمل في المطبخ في تقديم أجمل وألذّ الأطباق بحسب رغبة الزبون، ففكرة «أولتيما» تدور حول تأجير العقار لمدة أقلّها أسبوع، حيث يتولى فريق كامل من العاملين تلبية كافة احتياجات النزل، بما في ذلك تأمين طلبات الأكل وتنفيذ أي طبق يخطر على بال الزبون.

من الاطباق التي تبتكر يوميا في مجموعة أولتيما (الشرق الاوسط)

لفتنا في طهي الشيف أليساندرو بيرغامو، الطاهي التنفيذي في «أولتيما كوليكشن» والمسؤول عن ابتكار جميع لوائح الطعام في مجموعة أولتيما، أنه يحمل في نكهاته رائحة الشرق الأوسط، وبساطة الأطباق الأوروبية والمنتج الطازج وطريقة التقديم التي تنافس أهم المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان.

من الاطباق المبتكرة في "أولتيما"

في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، شرح الشيف أليساندرو بيرغامو كيفية تنفيذ عمله بهذه الطريقة الحرفية لمجموعة أشخاص تختلف ذائقاتهم وذوقهم في الأكل، فكان ردّه أنه يتم إعداد قوائم الطعام بعد دراسة ما يفضله الزبون، ويتم تعديل قائمة الطعام استناداً إلى تفضيلاتهم، ومعرفة ما إذا كان أحدهم يعاني من حساسية ما على منتج معين، بالإضافة إلى تلبية الطلبات الخاصة في الأكل.

طبق فتوش لذيذ مع استخدام البهارات الشرقية (الشرق الاوسط)

يقوم الشيف أليساندرو بالطهي لجنسيات مختلفة، لكن كيف يمكنك طهي طعام يناسب الجميع؟ أجاب: «يأتي كثير من العملاء لاكتشاف أطباق جديدة، ومطبخ كل طاهٍ ومنطقة. نحن نعدّ مجموعة متنوعة من الأطباق على طريقة طبخ البيت لتلبية كل الطلبات».

طاولة طعام تحضر لمجموعة واحدة من النزل (الشرق الاوسط)

تتمتع أطباق الشيف بيرغامو باستخدام كثير من البهارات العالمية، فسألناه عن سرّ نجاحه في الدمج بينها، فقال: «نحاول تحقيق التنوع في النكهات بين الحريف والحامض والحار والمالح. يتعلق الأمر بتحقيق التوازن والتناغم. وتتوفر لدينا اليوم أنواع متعددة من البهارات تسمح لنا بإجراء بحث ممتد، والتعاون مع طهاة عالميين من أجل التطوير المستمر للعمل».

مائدة طعام في أحد مساكن أولتيما العالمية (الشرق الاوسط)

وأضاف: «بالطبع، أحب البهارات، والإضافة التي تقدمها إلى طبق ما، أو نوع من الخضراوات. هناك كثير من البهارات التي أستمتع بها. منها جوزة الطيب والكزبرة والسماق والبابريكا».

وعن طبقه المفضل الذي لا يتعب من تحضيره، أجاب: «أحب طهي المعكرونة بأشكال مختلفة متنوعة، إلى جانب أطباق اللحم بالصوص».

مهنية تامة وروعة في التقديم (الشرق الاوسط)

ومن المعروف عن بعض الزبائن، الذين يختارون الإقامة في عقارات تابعة لمجموعة أولتيما، أن طلباتهم قد تكون كثيرة وغير اعتيادية أحياناً، والسؤال هنا؛ كيف يستطيع الطاهي الخاص أن يقوم بتلبية جميع الطلبات الخاصة؟ فأجاب الشيف ألسياندرو بأنه يحاول الاتصال بكل من يعرفه للعثور على المنتجات المطلوبة. وبفضل الموردين الذين يتعامل معهم، يضمن السرعة والكفاءة في الاستجابة لأي طلبات خاصة. وبالتالي يتمكن في غضون 24 ساعة من تحديد موقع المنتج وإحضاره لاستخدامه في أي طبق يطلبه الزبون.

أطباق جميلة ولذيذة (الشرق الاوسط)

يبقى السؤال الذي يطرحه نفسه هنا: أيهما أصعب، العمل في مطعم أم العمل كطاهٍ خاص؟ وكان ردّ الشيف أليساندرو: «في رأيي لأصبح طاهياً خاصاً، من الضروري أولاً العمل في المطاعم لأتعلم المهنة وطرق وفنون الطهي، ثم بعد ذلك إذا كنت أشعر بالارتياح تجاه التعامل بشكل مباشر مع العملاء، يمكن التفكير في أن أصبح طاهياً خاصاً. إن الأمر مختلف جداً لأنه في المطعم تكون لديك قائمة طعام، ويختار العملاء أطباقهم، لكن عندما تكون طاهياً خاصاً، تكون الوجبات معدّة بشكل كامل بناءً على تفضيلات العملاء».

مائدة الفطور في "غراند أولتيما" (الشرق الاوسط)

من هو الشيف أليساندرو بيرغامو؟

ولد في إقليم كومو في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1989. نظراً لشغفه بالطهي الذي ظهر في سن مبكرة، وحلمه بالفعل بالمشاركة في مسابقة «بوكوس دور»، تدرب في مركز التكوين المهني والتمهين في مدينة سوندالو، بالقرب من مقاطعة سوندريو، ثم في مدرسة «كلوزوني» للطهي مع طهاة على صلة بالمسابقة.

بدأ بعد ذلك مسيرته المهنية الاحترافية بالعمل في فنادق رائدة كطاهٍ تنفيذي في كل من برغامو وفينيسيا وتاورمينا. وفي عام 2009، استقر في مدينة ليون، حيث عمل مع الطاهي بيير أورسي لمدة عامين في مطعمه الحائز على نجوم ميشلان، قبل الانضمام إلى فريق يانيك ألينو في «لي 1947 شوفال بلان» المطعم المملوك لكورشفيل الحائز على 3 نجوم ميشلان.

كذلك انضم، وهو يضع مسابقة «بوكوس دور» نصب عينيه، إلى فريق ريجيس ماركون، الطاهي الحاصل على 3 نجوم، والفائز بمسابقة «بوكوز دور» عام 1995 في سان بونيه لي فروا بفرنسا، ثم للطاهي بينواه فيدال في بلدة فال دي إيسير ليحصل مطعمه على ثاني نجمة من نجوم ميشلان بعد ذلك بعامين.

بعد تجاربه في فرنسا، انتقل أليساندرو إلى مونتريال في مطعم «ميزو بولود ريتز كارلتون» للعمل مع الطاهي دانييل بولود، وبعد فترة تدريب قصيرة في اليابان، عاد إلى إيطاليا للعمل إلى جانب مارتينو روجيري. وأثناء العمل في مطعم «كراكو» في «غاليريا فيتوريو إيمانويل» بميلانو، قرّر تحقيق حلمه، وبدأ مغامرة جديدة، وهي عالم منافسات الطهي.

أصبح أليساندرو عام 2019 مدرباً مساعداً في أكاديمية «بوكوس دور» بإيطاليا، وفاز بمسابقة «سان بليغرينو يانغ شيف»، التي تغطي إيطاليا وجنوب شرقي أوروبا، ليتمكن بذلك من الوصول إلى نهائيات العالم. وفي عام 2020، أثمر العمل الجاد لأليساندرو، وشغفه، ومساعدة فريق العمل معه، عن الفوز بمسابقة «بوكوس دور» في إيطاليا، ما أهّله إلى النهائيات الأوروبية، ثم إلى نهائيات العالم للمسابقة عام 2021، التي أقيمت في ليون، ما مثّل حدثاً مقدساً حقيقياً له، هو الذي لطالما كان يحلم بهذه التجربة المذهلة.

اليوم، بصفته طاهياً تنفيذياً، ينقل أليساندرو خبرته وشغفه، ويتألق من خلال تفانيه في العمل، ما يجعل فريق العمل في مؤسسة «أولتيما كوليكشن» يشعر بالفخر بوجوده معهم.