لاجئون سوريون في فرنسا يتذكرون «الزنازين المنفردة» في بلادهم

أهم معالم فرنسا السياحية بدون زوار بعد إجراءات مواجهة فيروس كورونا (أ.ب)
أهم معالم فرنسا السياحية بدون زوار بعد إجراءات مواجهة فيروس كورونا (أ.ب)
TT

لاجئون سوريون في فرنسا يتذكرون «الزنازين المنفردة» في بلادهم

أهم معالم فرنسا السياحية بدون زوار بعد إجراءات مواجهة فيروس كورونا (أ.ب)
أهم معالم فرنسا السياحية بدون زوار بعد إجراءات مواجهة فيروس كورونا (أ.ب)

لم تتغير أوضاع اللاجئين السوريين بفرنسا بعد انتشار فيروس «كورونا»، ذلك أنهم وصلوا قبل سنوات واعتادوا أسلوب الحياة في هذه البلاد الأوروبية. لكن الإجراءات التي فرضتها السلطات الفرنسية ذكرت بعضهم بسنوات الاعتقال في سوريا مع اختلاف الظروف. ويقول طلال مصطفى لـ«الشرق الأوسط» إن أوضاع السوريين في مدينة ليموج «تختلف عن الوضع في سوريا، خاصة أن اللاجئين يلتزمون بالتعليمات والقرارات الفرنسية، والتي تُنشر في القنوات والصحف، ومؤسسات البلدية. ونحن نذهب ساعة أسبوعياً لشراء منتجات غذائية، كما أن بإمكان أبنائنا اللعب بحديقة لفترة ربع ساعة، وبذلك يكفينا ما نتسوقه لشهر».
وأضاف: «المهم هنا من إنترنت وكهرباء وتلفاز يكفي، خاصة ما يهم بالتواصل مع أهلي، وقراءة كتب، والبدء بكتابة قواميس كقاموس اللهجة من السلمية، ومواضيع كالتراث الساحلي والحوراني، واللهجة العامة. وأيضاً التواصل مع مراكز بحوث، كما تتواصل زوجتي مع أستاذة كل طفل من طفلينا لمعرفة واجباتهم ودروسهم مرة واحدة كل أسبوع. ومشكلة اللاجئين السوريين الحقيقيين، عند مكالمتهم مع أهلهم في بلادنا، بقاء العائلة السورية دون طعام أو حتى خبز، وحصولهم على ربطة خبز واحدة بعد انتظارهم طوال النهار».
إلى ذلك، تحدث مصطفى عن اعتقاله ست سنوات في سوريا خلال حكم الرئيس حافظ الأسد وعن «تسببها بأعباء نفسية وصحية، وخاصة عندما يكون المعتقل في (زنزانة منفردة) معتمة، وهذا ليس مجرد حجز للحرية، وإنما هو انقطاع عن الحياة البشرية، خاصة أن مساحة الزنزانة المغلقة لا تكفي لشخص طويل كي ينام أو يجلس كما يجب... هذا بالإضافة إلى جولة من التعذيب المختلف، والتي تقام يومياً في الليل، الأمر الذي يوصل السجين إلى حافة من الموت الأكيد... كما أن زيارات العائلة للمعتقل - مهما كانت طائفته - ترتبط بالـ«واسطة» والتي قد تكون مرة خلال شهر فقط، أو مرة كل أربعة أشهر.
وأوضح: «لذلك لا توجد أوجاع هنا في فرنسا، ومشكلتنا فقط بتأجيل مواعيد الأطباء لفحص العيون أو الصدر، وهذا ليس مهماً. وما يهمنا أن أهلنا لا يجدون ربطات الخبز بسهولة في الأفران السورية».
من جهته، قال محسن الموجود في فرنسا إن: «الاعتقال في زمن بشار الأسد مختلف، خاصة أن (سيزر) الذي وثق 55 ألف صورة لمعتقلين سبق وقتلوا تحت التعذيب، يختلف عن الهرب من سوريا، ومن أصبح نازحاً أو لاجئاً. والحياة في أوروبا - وفرنسا خصوصاً - من أفضل أنواع الحياة الإنسانية، وأريحها قانونياً ومعنوياً. رغم أن بعض القرارات القانونية تحتاج لوقت، لكنها ليست متعبة، ورفع المعنويات للاجئين يتم عبر الرحلات الرخيصة والمخيمات وغيرها».
أما ناصر، المقيم قرب باريس، فيرى أن اللاجئين السوريين: «لم تتغير حياتهم كثيراً، فالخدمات الأساسية موجودة، وهم يقضون أوقاتهم في الحديث مع أهلهم وأصدقائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وانتهت مشاكلهم القانونية التي تعتبر - بالنسبة لهم - شهادات إقاماتهم، وما زالت المساعدات الاجتماعية مستمرة، خاصة أنه هنا - في فرنسا - لا توجد أعمال كثيرة. فنسبة البطالة مرتفعة، وبعد إنهاء طلبات اللجوء، تبين وجود كثير من دول أخرى وليس فقط من سوريا والعراق أو اليمن».
وأضاف ناصر أن «المشاكل الأساسية تكمن لدى من ليس لديهم إقامة في فرنسا، ولا مصادر دخل لديهم، ولا حتى لمساعدات الاجتماعية. ويعمل معظمهم عن طريق (السوق السوداء) في التعمير والبناء أو المطاعم، أو تصليح السيارات، وبأسعار بخسة. وبالطبع توقف عملهم الآن بسبب الفيروس».
السيدة رزان المقيمة في ليموج تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أكثر ما يزعجني هو ذكريات بيتي الذي هدم بريف دمشق، وأرسلوا لي صوراً لسرقته بعد الدمار، وما لا أستطيع نسيانه طائرات «الهليكوبتر»، وأصوات القصف. ورغم أن أولادي يعذبونني لوجودهم حالياً في المنزل ودراستهم عن طريق الإنترنت، لكني أتمشى من أجل الرياضة والشمس لأنسى تعب الحياة، أو لأركب بباص وأفكر، لأن خدمة هذا الباص أصبحت مجانية الآن».
الجدير بالذكر أن كثيراً من المسؤولين الفرنسيين سبق وتحدثوا عن ضرورة «تأمين السكن اللائق للفرنسيين الشباب، ولكل العائلات الموجودة في فرنسا، لرعاية صحتهم وتأمين الطعام والماء لهم، والعناية الطبية اللازمة في الوقت الأنسب، كالممرضات أو الأطباء، إضافة إلى حماية الجزر التابعة لفرنسا من الفيروس}.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.