الجزائر: السجن عاماً نافذاً لرئيس أبرز تنظيم شبابي

TT

الجزائر: السجن عاماً نافذاً لرئيس أبرز تنظيم شبابي

أدانت محكمة الجنح في الجزائر العاصمة، أمس، رئيس تنظيم شبابي بارز بعام حبساً نافذاً بتهم تتعلق بمواقفه من الحكومة، وبانخراطه في الحراك الشعبي المطالب بالتغيير. فيما أجّلت محكمة أخرى بولاية تيبازة غرب العاصمة الحكم على المناضل السياسي كريم طابو إلى 27 أبريل (نيسان) الحالي، بسبب سوء حالته الصحية.
وتم النطق بالحكم أمس على عبد الوهاب فرساوي، زعيم جمعية «تجمّع ـ عمل ـ شباب»، بعدما كانت النيابة طالبت أثناء جلسة المحاكمة، التي جرت في 23 مارس (آذار) الماضي، بعامين حبساً نافذاً ضده، بناء على تهمتي «المسّ بالوحدة الوطنية» و«التحريض على العنف».
وتلقى محامو فرساوي العقوبة باستياء بالغ؛ إذ قال المحامي نور الدين أحمين: «لقد دفع عبد الوهاب ثمن تصريحاته ومواقفه السياسية. إنه سجين رأي، وكل المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، التي صادقت عليها الجزائر، تمنع متابعته».
وقالت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين» عبر صفحتها على «فيسبوك» إن «الحكم بسنة سجناً نافذاً ضد فرساوي (قاسٍ)»، مشيرة إلى أن «التعسف القضائي مستمر ضد الناشطين والمعتقلين في هذه الفترة التي يوجد فيها المواطنون في الحجر».
وتنتهي عقوبة الناشط السياسي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل على اعتبار أنه اعتقل في الشهر نفسه من العام الماضي. وكان فرساوي (43 سنة) قد ذكر أثناء المحاكمة أنه ينكر الوقائع، التي بنت النيابة على أساسها التهمتين، بقوله: «أنا أناضل من أجل وحدة الجزائريين التوّاقين في معظمهم إلى جزائر جديدة، فكيف أُتهم بالتفرقة بينهم؟»، مضيفاً: «أستمد نضالي من نضال أجدادنا، الذين حرروا الجزائر من الاستعمار، ومن نضال أجيال بعد الاستقلال من أجل الحرية والديمقراطية. كما استمد نضالي أيضاً من طموحات وآمال شباب 22 فبراير (شباط) 2019 (اندلاع الحراك الشعبي). شباب لهم طموح ورؤية مختلفة عن جزائر الغد... يطمحون للعيش في حرية وديمقراطية وكرامة. ونحن نعيش مرحلة تاريخية لا يجب أن نفوّتها من أجل بناء جمهورية حقيقية».
يذكر أن فرساوي اعتقل أثناء مشاركته في مظاهرة بالعاصمة، طالبت بالإفراج عن معتقلي الحراك. كما يذكر أن الرئيس السابق للتنظيم نفسه، حكيم عداد، متابع أيضاً في قضية رأي، وهو في حالة إفراج ينتظر المحاكمة.
وذكرت حسينة أوصديق، مديرة مكتب «منظمة العفو الدولية» بالجزائر، في بيان أمس، أن «إدانة مناضل بالسجن مع التنفيذ، لكونه عبّر عن رأي بسلمية عبر حسابه في (فيسبوك)، وفي عزّ أزمة صحية، لَهُوَ عمل غير مقبول وفضيحة». وطالبت بالإفراج عنه والتخلي عن التهم التي وجهت له.
وأضافت حسينة مستنكرة: «في وقت دفعت فيه جائحة (كوفيد19) حكومات العالم إلى إطلاق سراح المساجين قبل انتهاء مدة عقوباتهم، قررت السلطات (الجزائرية) الإبقاء على حبس وإدانة أشخاص، لا لشيء سوى أنهم مارسوا حقهم في التعبير، وحقهم في التجمع والاجتماع السلمي، أو من أجل نشاطهم كصحافيين.
وذلك بالاستناد إلى قوانين مختلفة قمعية»، مشيرة إلى تعهدات الرئيس عبد المجيد تبون بالاستجابة إلى مطالب المتظاهرين في الخطاب الذي ألقاه عند أدائه اليمين الدستورية في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي سياق ذي صلة، أجّلت محكمة القليعة (غرب العاصمة) أمس الحكم في إحدى القضايا، التي تخصّ المناضل السياسي المسجون كريم طابو إلى 27 من الشهر الحالي، وذلك بناء على طلب الدفاع.
وقال عبد الغني بادي، محامي المناضل، في اتصال هاتفي إن حالة طابو الصحية والوضع العام في البلاد «لا يسمحان بتنظيم محاكمة تستوفي شروط العدل والإنصاف، ولذلك طلبنا تأجيلها ووافق القاضي».
ويتابع طابو بتهمة «إضعاف معنويات الجيش في أوقات السلم». وكانت محكمة الاستئناف بالعاصمة قد أدانته مطلع الشهر الماضي بعام حبساً نافذاً بتهمة أخرى مرتبطة بنشاطه ضمن الحراك، وبتصريحاته المعارضة لقيادة الجيش. وقد أصيب في بداية هذه المحاكمة، التي رفضها، بشلل نصفي حسب محاميه. أما النيابة؛ فقد ذكرت أن أطباء «فحصوه ولم يثبوا أن إصابته خطيرة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.