الحكومة التونسية تنتظر موافقة سعيد لتفعيل «تفويض البرلمان»

TT

الحكومة التونسية تنتظر موافقة سعيد لتفعيل «تفويض البرلمان»

تنتظر الحكومة التونسية، التي يرأسها إلياس الفخفاخ، موافقة رئيس الجمهورية قيس سعيد على التفويض الذي منحه لها البرلمان لمدة شهرين، قصد بدء تنفيذ عدة مشاريع، تعدها الحكومة «ضرورية لاتخاذ إجراءات استثنائية تتماشى مع الأوضاع الاستثنائية التي تعرفها تونس».
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة لا يمكن أن تبدأ فعلياً «التحرر من مصادقة البرلمان ورقابته اللصيقة»، إلا خلال الأسبوع المقبل، بحسب ما ينص عليه دستور البلاد، وحصولها على موافقة رئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق، أكد أمين محفوظ، أستاذ القانون الدستوري، أن على الحكومة أن تنتظر توقيع الرئيس لبداية تفعيل التفويض الممنوح للحكومة من قبل البرلمان، رغم حصولها على مصادقته نهاية الأسبوع الماضي.
وينص الفصل (81) من الدستور التونسي على منح رئيس جمهورية مدة 4 أيام لختم التفويض الحكومي، وهو ما يفرض على الحكومة الانتظار إلى غاية الأسبوع المقبل.
ويمكن تفويض البرلمان رئيس الحكومة (الفخفاخ) من تفعيل 13 مرسوماً حكومياً في مرحلة أولى، بصفتها قوانين خاصة بمجالات الصحة والتعليم والمالية، وتتعلق بتطبيق الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي تستهدف مساعدة أكثر من 250 ألف عائلة معوزة، و630 ألفاً من العائلات التي تعيش تحت خط الفقر، علاوة على المتضررين من الحجر الصحي وحظر التجوال.
كانت لجنة النظام الداخلي في البرلمان قد حصرت مدة التفويض في شهرين. أما مجالات اتخاذ المراسيم الحكومية، فتتعلق بالجوانب الصحية والاجتماعية، وما يرتبط بها لتجاوز أزمة وباء «كورونا» المستفحل في البلاد، ويمنع على رئيس الحكومة منعاً تاماً اقتراح أي تعديل على القانون الانتخابي.
وحصلت الحكومة على تفويض لمدة شهرين من البرلمان، بعد سلسلة من النقاشات الحادة التي تبادلت فيها أحزاب سياسية مشاركة في الائتلاف الحاكم، على غرار التيار الديمقراطي (يساري)، وحركة النهضة (إسلامية)، وأخرى في المعارضة، من بينها ائتلاف الكرامة (إسلامي)، اتهامات بشأن محاولة تعطيل عمل الحكومة من ناحية، ونوايا توسيع صلاحيات رئيس الحكومة خلال هذه الفترة الاستثنائية من ناحية ثانية. وبعد مشاورات طويلة، تمكن رئيس الحكومة من تجاوز هذا الجدل السياسي الحاد، وحصل على 178 صوتاً من إجمالي217 عضواً برلمانياً لاتخاذ تدابير استثنائية تتماشى مع الوضع الاستثنائي الذي تعيشه تونس حالياً.
وفي غضون ذلك، دعت وزارتا الشؤون الاجتماعية والمالية صغار التجار والحرفيين إلى تقديم طلبهم للانتفاع بالمساعدات الاستثنائية، على أن يتم البت في هذه المطالب بصفة عاجلة ودراستها، قبل تحويل المبالغ بالحسابات البنكية أو البريدية المصرّح بها بالنسبة للمطالب التي ستحظى بالقبول، وذلك في محاولة للحد من التوتر الاجتماعي الذي بات يميز علاقة الحكومة بآلاف الأشخاص الذين فقدوا مورد رزقهم الوحيد.
على صعيد آخر، أحيى التونسيون، أمس، الذكرى العشرين لرحيل الرئيس الحبيب بورقيبة، أول رئيس للجمهورية بعد استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1956. وحكم بورقيبة تونس حكماً فردياً مطلقاً لحوالي 30 عاماً، وانتهت فترة حكمه بانقلاب سياسي سلمي، قاده الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وتولى على أثره الحكم لمدة 23 سنة، انتهت بثورة عام 2011.
وعلى الرغم من اعتبار بورقيبة مؤسس الدولة التونسية الحديثة، إلا أن انتقادات عدة وجهت له، خصوصاً من قبل التيار الإسلامي، الذي اتهمه بـ«معاداة الأطراف الإسلامية»، ومنعها من ممارسة النشاط السياسي طوال فترة حكمه، ومواجهة خصومه السياسيين بالسجون، وعدم تمكينهم من فرصة للوجود السياسي طوال فترة حكمه، التي تواصلت إلى غاية سنة 1987.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».