تدفقت الدموع بمجرد أن بدأت ستيلا نيانزي في الكلام. كان الجو بارداً بعد ظهر منتصف مارس (آذار)، عقب ثلاثة أسابيع من إطلاق سراح العالمة الأوغندية الناشطة النسوية من السجن لإهانتها رئيس البلاد يوري موسيفيني منذ زمن طويل. قبلها، كانت مجموعة من النشطاء السياسيين والمنظمين المجتمعيين قد قطعوا مسافات طويلة ليصلوا إلى فندق في العاصمة كمبالا للاحتفال بحصولها على حريتها أخيراً.
قالت فيما كانت تجفف دموعها: «شكراً لحبكم لي. أعلم أن حبكم لي سيجلب لكم الكراهية. لقد تعرض بعض منا للكراهية لدرجة أننا لم نعد نعرف الحب». لكن نيانزي التي كانت تتحدث بصوت رنان مليء بالثقة، عادت بسرعة إلى ملاحظاتها لتحث الناشطين في المناطق الريفية والحضرية على العمل معاً لبناء تحالفات شعبية أقوى، يمكن أن تتحدى النخبة السياسية في البلاد، وتسمح بتمكين المهمشين.
وعن الرئيس البالغ من العمر 75 عاماً، قالت: «يمكننا أن نضحك عندما نتحرر من موسيفيني»، الرئيس الذي كان ذات يوم من أنصار الديمقراطية الغربية، والذي تحول إلى الاستبداد الكامل. واستطردت: «أرجوكم، كونوا أقوياء في مناصرتكم للقضية»، وأضافت مبتسمة: «أتمنى ألا تتعرضوا للاعتقال في سبيل ذلك».
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الناشطة نيانزي (45 عاماً) واحدة من ألد أعداء الرئيس موسيفيني الذي حكم الدولة الواقعة في شرق أفريقيا لمدة 34 عاماً. ومع أكثر من 212 ألف متابع على موقع التواصل «فيسبوك»، تمزج نيانزي الألفاظ النابية والفكاهة الرديئة بالرؤى السياسية الحادة، باللغتين الإنجليزية والأوغندية، في تهكمها على الرئيس وعائلته، والدعوة إلى التغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
في بلد يعد فيه التعبير بحرية عن الآراء مسلكاً محفوفاً بالمخاطر، فإن إدانة نيانزي كانت سبباً لوضعها في مرمى أجهزة الأمن الحكومية. لكنها لم تكن أبداً من ذلك النوع السهل. في عام 2016، عندما عزلت نيانزي من منصبها، بصفتها أستاذه في جامعة «ماكيريري» أكبر وأعرق الجامعات في البلاد، جردت نفسها من ملابسها، وقيدت نفسها في مكتبها، احتجاجاً على القرار. وفي عام 2017، تم اعتقالها لأكثر من شهر، بعد أن وصفت موسيفيني بأنه «زوج من الأرداف»، في منشور لها على «فيسبوك». بعدها، حاول المسؤولون نقلها إلى مستشفى للأمراض العقلية.
وفي عام 2018، اعتقلت نيانزي، واتهمت بالإساءة وتوجيه السباب عبر الإنترنت، بعد نشرها قصيدة تناولت موضع عفة والدة الرئيس، مما أدى إلى إصدار حكم بالسجن لمدة 18 شهراً في أغسطس (آب) الماضي. وفي أثناء حضور جلسة محاكمتها عبر الفيديو كونفرانس، صرخت نيانزي بكلمات بذيئة في المحكمة، وعرت ثدييها، احتجاجاً على الحكم.
لكن بعد أن ألغت المحكمة العقوبة، في أواخر فبراير (شباط)، قالت نيانزي إنها خرجت مصممة أكثر من أي وقت مضى على تشويه الرئيس وحلفائه، حتى إن خاطرت بالعودة إلى السجن.
وفي مقابلة في صباح أحد الأيام الأخيرة في منزلها في كمبالا، قالت: «أرفض أن أتوب». قالتها فيما كانت تجلس إلى جوار صور لأطفالها الثلاثة: ابنة تدعى بركة (15عاماً)، وتوأمان ذكور، واسوا وكاتو (12 عاماً)، معلقة إلى جوار رفوف مكتبة مليئة بكتب عن الجنس، ودراسات في علم الاجتماع وتحسين الذات، إلى جانب تقارير برلمانية تعود إلى حقبة الثمانينات.
جدير بالذكر أنها انفصلت عن والد أطفالها، عثمان باه، منذ 13 عاماً. وتقول نيانزي إنها ليست منشغلة بموسيفيني نفسه، لكنها «مغتاظة ممن أساء استخدام مقعد الرئيس، الرئيس الليبرالي الذي بات قمعياً».
وعندما استولى على السلطة في عام 1986، وعد موسيفيني بإجراء «تغييرات جذرية في سياسات حكومتنا»، وإنهاء سنوات من انعدام القانون، والصراع السياسي، وانتهاكات حقوق الإنسان. لكن منتقديه يتهمونه بالتستر على حكومة بلغت قمة الفساد، وبتوسيع سلطات المراقبة الإلكترونية، ورفض معالجة البطالة والفقر المتزايد.
المرأة التي تتحدى حاكم أوغندا: أرفض أن أتوب
المرأة التي تتحدى حاكم أوغندا: أرفض أن أتوب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة