5 أسعار تربك حسابات الدولار في لبنان

حوافز إقفال الحسابات تّضيق «رقعة التمصرف»... وتسييل الودائع الصغيرة يتأخر

أبدى مصرفيون لبنانيون خشيتهم من التداعيات اللاحقة على إنشاء منصة جديدة لتسعير الدولار (رويترز)
أبدى مصرفيون لبنانيون خشيتهم من التداعيات اللاحقة على إنشاء منصة جديدة لتسعير الدولار (رويترز)
TT

5 أسعار تربك حسابات الدولار في لبنان

أبدى مصرفيون لبنانيون خشيتهم من التداعيات اللاحقة على إنشاء منصة جديدة لتسعير الدولار (رويترز)
أبدى مصرفيون لبنانيون خشيتهم من التداعيات اللاحقة على إنشاء منصة جديدة لتسعير الدولار (رويترز)

وسط قلق مصرفي من انحسار غير مرغوب في نسبة «التمصرف» المرتفعة في لبنان، تعذر الشروع بتنفيذ الآلية المزدوجة التي فرضها مصرف لبنان المركزي لإنشاء منصة جديدة لتسعير الدولار، بمشاركته مع المصارف وشركات الصرافة، بانتظار إنجاز الترتيبات التنفيذية، وتمكين أصحاب الودائع الصغيرة لدى الجهاز المصرفي من سحب كامل حساباتهم مقومة بسعر الدولار السوقي، بعد تحويلها حسابياً بالسعر الرسمي، بحيث تحقق «ربحاً» يعوض الجزء الأكبر من تدهور سعر صرف النقد الوطني من مستوى 1515 ليرة إلى عتبة 3 آلاف ليرة لكل دولار.
فقد انضم السعر الأول المعتمد لصرف الودائع الصغيرة من قبل المصارف إلى «تشكيلة» من أسعار مختلفة للتداول في الأسواق اللبنانية، لتصير 5 أسعار، تصل هوامشها إلى الضعفين بين الأدنى والأعلى. فمع الإصرار على تثبيت السعر الرسمي بمتوسط 1515 ليرة، يمكن للمصارف الاقتراض من البنك المركزي بهذا السعر بفائدة 20 في المائة سنوياً، ليصبح نحو 1800 ليرة، فيما اعتمدت المصارف تسعيرة لتسييل سحب الودائع الصغيرة بلغت 2600 ليرة، واعتمدت شركات الصرافة المتعاونة هامشاً بين 2800 و2850 ليرة للدولار الورقي، وصولاً إلى سعر 2900 ليرة لدى صرافي الطرقات. ويمكن إضافة سعر 3 آلاف ليرة كمرجعية سعرية للمواد المستوردة في أسواق الاستهلاك.
وبالتوازي، أبدى مصرفيون لـ«الشرق الأوسط» خشيتهم من التداعيات اللاحقة على الخدمات والمنتجات المصرفية المعتادة، جراء تضييق قاعدة العملاء لدى الجهاز المصرفي عبر الإقفال التام لعشرات آلاف الحسابات الذين سيستفيدون من المحفز النقدي الذي يمنحه البنك المركزي.
فالإيداعات الصغيرة ترتبط غالباً بموارد تشغيلية ومهنية قابلة لتسويق عمليات ائتمانية، وخصوصاً المهنية منها والمرتبطة بأعمال مؤسسات صغيرة ذات طابع فردي أو بعمالة محدودة، وخصوصاً أنه ثمة معلومات تتصف بالمصداقية ترجح توسيع سقف الآلية الخاصة بالسحوبات بعد إتمام المرحلة الأولى، بحيث تطول الشريحة التي تقل عن 15 مليون ليرة أو 10 آلاف دولار في المرحلة الثانية.
وبينت استطلاعات ميدانية أجرتها «الشرق الأوسط» في أول أيام العمل بعد صدور قراري البنك المركزي الخاصين بتوفير السيولة الكاملة للحسابات الصغيرة، وإنشاء منصة مشتركة لتسعير الدولار، أن أغلب إدارات المصارف تأخرت بتعميم التعليمات الخاصة بالتنفيذ والحسابات المشمولة بالدعم التي قدمها البنك المركزي، ريثما يتم تصنيف الجداول الخاصة بكل فرع، وتحديد المشمولين بالتدبير الذين يستوفون الضوابط الواردة في التعميم، فيما بادرت المصارف إلى اعتماد سعر مرجعي بمستوى 2600 ليرة لكل دولار، على أن يجري لاحقاً اعتماد سعر المنصة.
ووفقاً لمديري فروع مصرفية تم التواصل معهم، أظهرت استطلاعات أولية أن تقدير وجود نحو 1.7 مليون حساب يقل عن السقف المحدد، لا يعني استفادتها بالكامل من محفز الصرف المزدوج بالسعر الرسمي، ثم الحصول على السيولة بسعر السوق. فقد اشترط التعميم سحب مجموع قيمة هذه الحسابات دفعة واحدة من قبل العميل، وهو ما يرجح استثناء مئات آلاف حسابات توطين الرواتب للقطاعين العام والخاص من هذه الآلية التي تطول كل الحسابات التي تقل عن 5 ملايين ليرة، أو 3 آلاف دولار أميركي.
وبرزت عقبة إضافية تحد تلقائياً من تسريع تنفيذ الآلية الجديدة، إذ اشترطت الحسم المسبق للمستحقات الائتمانية على العميل المستفيد، حيث ورد حرفياً أن يتم احتساب المبلغ «بعد تنزيل قيمة أي ديون مستحقة من قبل العميل لصالح المصرف». وهذا الشرط المرتبط بإلزامية إقفال الحساب سيحجب الاستفادة المأمولة على شريحة واسعة من المقترضين بالتجزئة، التي تشمل القروض الشخصية والسكنية والسيارات وبطاقات الائتمان، أو تشكل استفادة عكسية للبنوك التي ستطفئ جزءاً من محفظة التمويل، باستثناء القروض السكنية الممتدة غالباً لآجال متوسطة وطويلة.
وقد رحبت جمعية المصارف في لبنان بصدور تعميمي المركزي المتعلقين بإجراءات استثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات المصرفية الصغيرة، وبشراء مصرف لبنان للعملات النقدية الأجنبية. وأعلنت أنه «في انتظار أن يستكمل مصرف لبنان إنشاء وتشغيل نظام التداول الإلكتروني المخصص لتحديد أسعار التداول اليومية للعملات الأجنبية، سوف تقوم المصارف بتحديد سعر الصرف اليومي للدولار الأميركي بالتنسيق مع المصرف المركزي».
وأعلنت أنها ستعمل «في الأيام المقبلة، على إعداد الأنظمة المعلوماتية والإجراءات الإدارية اللازمة لحسن تنفيذ هذين التعميمين»، آملة «بالمناسبة، أن تبادر وزارة الداخلية إلى إدراج موظفي المصارف ضمن الاستثناءات المنصوص عليها في القرار رقم (479)، المتعلق بتوقيت سير السيارات والمركبات حسب أرقام لوحاتها، وذلك تسهيلاً وتسريعاً لإنجاز مضامين التعميمين».
وبدورها، أكدت نقابة الصرافين أنها سوف تعتمد أسعار التداول للعملات الأجنبية، بما فيها الدولار الأميركي، وفق ما ستفرضه قوة السوق المحتكمة للعرض والطلب، بالتنسيق مع الوحدة المختصة في مصرف لبنان، وذلك «ملاقاة لتعميم مصرف لبنان القاضي بتولي مديرية العمليات النقدية في مصرف لبنان التداول بالعملات الأجنبية النقدية، وخصوصاً بالدولار الأميركي، وفقاً لسعر السوق مع بعض شركات الصرافة من الفئة (أ)، ممن يتقدمون بطلب الاشتراك وإنشاء منصة إلكترونية مع المصارف، المؤسسات المالية وشركات الصرافة، ويتم من خلالها الإعلان عن أسعار التداول يومياً».
ولفتت النقابة إلى أن «أساس نجاح وتفعيل العمل بالتعميم الجديد، وتحقيق أهدافه يفرض حكماً على الجهات القضائية والأمنية مشكورة الاستمرار بملاحقة وقمع منتحلي مهنة الصرافة، غير المرخص لهم والمتفلتين من أي ضوابط رقابية أو ضريبية، وتركيز الثقل الأمني الردعي تجاههم، لتمكين الصراف المرخص له والشرعي من المساهمة بتحقيق الأهداف المنشودة من التعميم، ووقف نشاط السوق السوداء التي تنشط وتتوسع يومياً بشتى الطرق غير القانونية، وذلك بهدف التخلص نهائياً من هذه الظاهرة غير الشرعية التي لا أمل في وجودها بتحقيق أي من الأهداف المرجوة».



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».