الحكومة الإيرانية تأمر باستئناف أنشطة «منخفضة المخاطر»

لم تثنِ الإصابات المتزايدة لفيروس «كوفيد - 19»، الرئيس الإيراني حسن روحاني عن عزمه خفض خطة «التباعد الاجتماعي»، إذ وجه تعليمات لاستئناف الأنشطة «منخفضة المخاطر»، نافياً أي خلافات بين أركان النظام والوزارات حول إدارة الأزمة، غير أن وزارة الصحة أصرّت لليوم الثاني على توجيه تحذيرات تتعارض مع توجهات الحكومة خفض القيود عن قطاعات العمل والدراسة، اعتباراً من الأسبوع المقبل.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، كيانوش جهانبور، إن عدد وفيات فيروس «كورونا» إلى 3603. في أعقاب تسجيل 151 وفاة جديدة، ويزيد عدد الوفيات 100 حالة يومياً على الأقل، منذ أسبوعين.
وارتفعت حصيلة إلى 58 ألفاً و226، حالة بواقع 2483 إصابة جديدة خلال 24 ساعة، في أنحاء البلاد وفقاً للإحصائية الرسمية.
وفي خطوة متوقعة أعن روحاني في اجتماع الحكومة، أمس، باستئناف كل الأنشطة الاقتصادية «منخفضة المخاطر»، تحت إشراف وزارة الصحة، من السبت، في المحافظات، قبل أن تبدأ في طهران الأربعاء 18 أبريل (نيسان).
ونقلت «رويترز» عن روحاني قوله: «ثلثا العدد الإجمالي للموظفين الحكوميين سيعمل من خارج المكاتب اعتباراً من السبت... لا يناقض القرار نصيحة البقاء في المنزل التي أصدرتها السلطات الصحية»، وقال أيضاً إن «أي شخص مصاب ملزم بإبلاغ رئيسه، لكي لا يحضر في مكان العمل»، مطالباً المصابين بالبقاء في الحجر الصحي في المنازل أو المراكز الصحية، لفترة أسبوعين، منوهاً بأن توجه المصاب بالوباء إلى مكان عمله «يُعدّ تجاوزاً وجريمة».
ولم يحدد روحاني ما يعنيه بالنشاط منخفض المخاطر، حسب «رويترز». لكنه قال إن تعليق الأنشطة «عالية المخاطر»، بما يشمل المدارس والجامعات والأحداث الاجتماعية والثقافية والرياضية والدينية سيمدد حتى 18 أبريل (نيسان).
وكان روحاني قد وصف، الثلاثاء الماضي، إحصائيات الإصابات والوفيات بـ«المقبولة»، معرباً عن ارتياحه للأوضاع 23 محافظة، والأربعاء، قال إن مسار تفشي الوباء أصبح «تنازلياً» في كل المحافظات، دون استثناء.
ولمح إلى استئناف العمل في بعض القطاعات، الأمر الذي زاد من حدة الانتقادات الموجهة لقرار الحكومة، ولكن هذه المرة واجه انتقادات في بيته الداخلي قبل خصومه، عندما وجه وزير الصحة، سعيد نمكي، رسالة احتجاج إلى روحاني الجمعة، كاشفاً عن قرار أصدرته وزارة الصناعة والتجارة لبعض القطاعات المهنية، محذراً من أن الخطوات «الأحادية» من أي جهاز حكومي أو غير حكومي وثقافي وديني لا يحظى بتأييد اللجنة الوطنية لمكافحة الوباء (يرأسها الوزير نفسه)، «ستنال ألسنة نيرانه كل النظام الصحي واقتصاد البلاد».
وأشار روحاني إلى أن المحافظات ذات الوضعية البيضاء يمكنها أن تستأنف الدراسة أسرع، لافتاً إلى أن الحكومة ستقرر موعد عودة صفوف الدراسة في المدارس والجامعات دون الماجستير، مستثنياً طلاب الدراسات العليا خاصة الدكتوراه، مشدداً على عودة الدراسة منذ الأربعاء.
وقال روحاني إن أوضاع طهران «جيدة نسبياً»، لافتاً إلى نسبة المراجعين إلى مستشفى خميني تراجع إلى «خمس».
على خلاف روحاني، واصلت وزارة الصحة رسم الحدود بينها وبين الحكومة، إذ قال المتحدث باسم وزارة الصحة، كيانوش جهانبور، إنه «لا توجد محافظة في الوضعية البيضاء، ليس المحافظات فحسب، بل لا توجد أي نقطة من البلاد في الوضعية البيضاء».
وأوضح أن تفشي الفيروس «ربما مرتفعاً أو منخفضاً في محافظة ما، لكن الوضعية ليست بيضاء»، وأضاف: «لا توجد قرية في البلاد خالية من الفيروس».
وأول من أمس، حذر نائب وزير الصحة ايرج حريرتشي، من أن «بعض المحافظات لا تزال تشهد مساراً تصاعدياً في عدد الإصابات والوفيات»، مضيفاً أن «المسار التنازلي لا يعني التحكم بالمرض وليس احتواءه والقضاء عليه».
وعلى مدى الأسبوع الماضي، عبر مسؤولون وخبراء عن مخاوفهم إزاء تفشي موجة ثانية من الوباء، بعد اكتفاء الحكومة بتمديد أسبوع واحد لخطة «التباعد الاجتماعي»، التي أقرتها بعدما واجهت سخطاً داخلياً لرفضها فرض الحجر الصحي وإغلاق المدن.
لكن روحاني قلل من وجود الخلافات، بقوله إنها «شائعات وسائل إعلام خارجية»، نافياً أي خلافات بين الوزارات، خاصة بين وزارة الصحة ووزارة الصناعة، وذهب أبعد من ذلك، قال: «كل النظام متلاحم»، و«يعمل تحت إشراف المرشد».
بدوره، قال رئيس لجنة مكافحة وباء «كورونا» في طهران، علي رضا زالي، إن الوباء تزايد بنسبة 30 في المائة، حسب المراجعات للمراكز الصحة، معرباً عن بالغ قلقه من تزايد الحركة في العاصمة، بقوله: «من المؤكد أنه يجعل ظروف المرض أكثر صعوبة».
والجمعة، كان زالي قد حذر من التسرع في اتخاذ قرارات من شأنها إلحاق الضرر بخطة التباعد الاجتماعي.
وأفادت وكالة «إرنا» الرسمية عن مسؤول في بلدية طهران، بأن حركة مترو الأنفاق زادت «بنسبة ضعفين ونصف الضعف»، مقارنة بـ14 مضت وصادفت عطلة النوروز. وقال إن «جرس الإنذار هذا يجب أن يثير انتباه المسؤولين، لحلول عاجلة توقف حركة الفيروس».
ونقلت وكالة «إيلنا» عن بيام طبرسي، نائب رئيس مستشفى دانشوري في طهران، الذي نقل إليه عدداً من المسؤولين المصابين، أن حذف خطة «التباعد الاجتماعي»، وعودة الإيرانيين على الروتين اليومي، ستؤدي إلى موجة ثانية من انتشار فيروس «كوفيد - 19»، في نهاية الأسبوعين المقبلين، لافتاً إلى إمكانية تفاقم الأزمة الحالية وارتفاع عدد الوفيات في حال لم تستورد أدوية وأجهزة طبية.
وسط هذا، اقترح رئيس مجلس بلدية طهران، محسن هاشمي رفسنجاني إلى تقنين خروج سكان طهران وفق رقم الهوية المدنية، لمتابعة شؤونهم الإدارية والاقتصادية والتسوق في أسبوع.
في شأن موازٍ، أعلنت مؤسسة سجل الأحوال المدنية الإيرانية، أمس، عن قطع التعاون مع وزارة الصحة، بعد تسريب معلومات ملايين الإيرانيين عقب إطلاق الوزارة خطة «الغربلة» لمواجهة وباء «كورونا».
ونقلت وكالات رسمية عن المتحدث باسم المنظمة، سيف الله أبو ترابي، أن وزارة الصحة ارتكب «تجاوزات» في نشر معلومات المواطنين عبر موقع أطلقته بهدف «غربلة» الإيرانيين عبر موقع إلكتروني، وهي عبارة عن خدمة للتعرف على أعراض المصابين لتقليل المراجعات إلى المراكز الصحية.
وبذلك، أكدت المنظمة الحكومية صحة التقارير عن تسريب معلومات ملايين الإيرانيين بما فيها رقم الهاتف ورقم الهوية المدنية.
إلى ذلك، حذر مركز أبحاث البرلمان الإيراني من أحداث «مؤلمة» للفقراء، نتيجة «تأخر» و«تسويف» الأجهزة الحكومية في دعم الفئات الفقيرة، ضد تفشي الوباء.
وبحسب مقتطفات نقلتها وكالات رسمية من الدراسة فإن «استمرار الوضع الحالي سيقلل من تحمل الفئات الفقيرة ضد الوباء»، لافتاً إلى أن عدم الاهتمام بفئات، مثل أطفال العمل، والمشردين، والباعة المتجولين، والمتسولين، ومَن يعتمدون على النفايات في توفير قوتهم اليومي، «لا ينهي تفشي الفيروس فحسب، بل سيسرع من وتير التفشي في أنحاء المدن».
في الأثناء، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن المدير العام في جمعية الأمام علي الخيرية، زهرا رحيمي قولها إن الإقبال على الأفيون شهد تزايداً بين الأطفال في عدد من المناطق الإيرانية، جراء إشاعات حول تأثير الأفيون على جهاز المناعة ضد فيروس «كورونا» المستجد.