مطالب بـ«تأمين الطعام» خوفاً من الوباء والحرب في ليبيا

TT

مطالب بـ«تأمين الطعام» خوفاً من الوباء والحرب في ليبيا

تصاعدت حدة المخاوف في أوساط ليبية عدة، من احتمالية «نقص مخزون السلع الغذائية» في البلاد، بسبب تداعيات دخول حرب طرابلس عامها الثاني، وإغلاق المصرف المركزي منظومة الاعتمادات البنكية الخاصة باستيراد السلع من الخارج عن المصارف التجارية منذ أكثر من شهر، فضلاً عن الخلاف بين فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، ورئيس المصرف الصديق الكبير، ما يرى البعض أنه قد يؤثر على المخزون المتوافر لدى البلاد.
جانب من هذه المخاوف عبّر عنه رئيس «هيئة دعم وتشجيع الصحافة» عبد الرزاق الداهش المهتم بالشأن الاقتصادي، بقوله إن «إغلاق منظومة الاعتمادات المصرفية تسبب بتوقف استيراد كل السلع... لم يتم استيراد كيس دقيق، أو شريط بانادول أو علبة حليب أطفال، ولا مواد خام للتصنيع، ولا مستلزمات زراعية، ولا بيطرية، ولا عود كبريت. والمحصلة أن المخزون السلعي والدوائي لدينا يتناقص بالاستهلاك أو بنهاية الصلاحية، مع ظهور حالة نادرة في دول العالم في انشغالها بمكافحة فيروس (كورونا)». ورأى أنه «حتى لو توافرت السلع في الخارج، بعد السماح بالاعتمادات للشركات الخاصة، قد لا يتوافر الوقت لجلبها في الوقت المناسب. زد على ذلك أسعارها العالية».
هذه المخاوف وجدت صداها لدى فئات كثيرة من الليبيين طالبوا الحكومة بالمسارعة بتأمين هذا المخزون قدر الإمكان.
وقال الخبير الاقتصادي الليبي سليمان الشحومي لـ«الشرق الأوسط» إن «مخزون السلع الغذائية في حاجة إلى زيادة، خصوصاً في ظل بطء حركة التجارة والنقل في ظل تفشي فيروس (كورونا) في دول العالم»، مشيراً إلى أن «المسؤولين التنفيذيين بالوزارات لديهم وعي بذلك ولن يتهاونوا إطلاقاً في توفير السلع الغذائية بأي طريق، وقد يلجأوا إلى بدائل وحلول تجارية أسهل وأسرع من الاعتمادات كالدفع بالمستندات والحوالات».
وتوقع الشحومي أن يحدث إرباك في ما يتعلق بتوريد الأغذية، «لكن ذلك لن يؤدي إلى انهيار للسوق كما يتوقع البعض». وقال إن «جهاز الإمداد الطبي التابع لوزارة الصحة يستورد الأدوية والمستلزمات الطبية، والأمر يقتصر على القطاع الخاص»، معبراً عن رفضه «للخلاف بين السلطتين التنفيذية والنقدية في ظل الظروف الصعبة الراهنة»، في إشارة إلى خلاف السراج والكبير.
وأضاف الشحومي أن المصرف المركزي يشترط قبل فتح الاعتمادات رفع قيمة الضريبة على العملة الأجنبية مع توقف إنتاج النفط، العائد الرئيسي للميزانية العامة. ويرى أن «وجود مجلس إدارة موحد للمصرف المركزي كفيل بإنهاء الخلاف والانقسام، باعتبار أن هذا المجلس، ووفقاً لصلاحياته القانونية، يستطيع أن يجري أي تعديل على سعر الصرف ورسم السياسات النقدية للدولة كافة من دون أي تدخل حكومي. وفي غياب مجلس إدارة موحد، فإن محافظ المصرف المركزي مضطر لانتظار موافقة الحكومة على أي تعديل».
ورأت الليبية أحلام محمد، وهي موظفة سابقة بقطاع الصحة، أن عملية إقبال المواطنين على شراء المواد الغذائية بشراهة وتخزينها يزيد من مخاوف نقصها في الأسواق، إلى جانب تأثير الحرب. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مقبلون على شهر رمضان، ومن المتوقع أن معدلات الشراء ستزيد، وهذا من شأنه أن يوقع المستهلك البسيط فريسة سهلة للسماسرة وتجار الأزمات، مما يحتم على الحكومة المسارعة في تأمين ما يلزم من الطعام، خصوصاً ألبان الأطفال».
وكانت اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة تحدثت عن الانعكاسات الاقتصادية لفيروس «كورونا» على اقتصاد القارة. وقالت إن «ليبيا تحتل المرتبة الخامسة في أفريقيا من حيث استيراد الغذاء الأساسي من الخارج، ما يطرح مشكلة على المدى المتوسط فيما يتعلق بالأمن الغذائي».
وبالحديث عن ضرورة تأمين الغذاء في ليبيا، استبعد مدير مكتب دعم السياسات العامة لرئيس المجلس الرئاسي محمد الضراط، وقوع أي أزمة غذائية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن لا يوجد أي نقص سلعي بالأسواق، رغم أن منظومة الاعتمادات مغلقة». وأضاف «نحن نلتقي مع التجار بشكل دوري وهم يؤكدون وجود احتياطي بمخازنهم ربما يمتد لتسعة أشهر إذا استمرت معدلات السحب بالوتيرة الراهنة».
ورأى الضراط أن «حجم الاستيراد كان أكبر من حاجة الاستهلاك المحلي، خصوصاً مع وجود دلائل تشير إلى تهريب جزء غير قليل مما كان يتم استيراده لدول الجوار، وبالتالي ومع إغلاق الحدود سيبقى المخزون بالداخل». وذهب إلى أن «الكثير من السلع الغذائية الضرورية باتت تصنع محلياً، إضافة إلى توفير الاحتياجات من اللحوم والألبان والخضراوات محلياً». ولفت إلى أن «بعض التجار حصلوا على اعتمادات سابقة وبالتالي من المتوقع أن تتدفق بضائعهم على الأسواق».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.