الوباء يزيد الدول الفقيرة فقراً

الوباء يزيد الدول الفقيرة فقراً
TT

الوباء يزيد الدول الفقيرة فقراً

الوباء يزيد الدول الفقيرة فقراً

بفعل الإغلاق الاقتصادي، الذي بدأته الهند لاحتواء تفشي فيروس «كورونا المستجد»، تشهد البلاد أكبر نزوح من المدن إلى الأرياف، بعدما تفشت البطالة على نطاق واسع وضاقت سبل العيش، وبعدما أُغلقت المرافق التي كانوا يعملون فيها، ولم توفر الدولة لكل هؤلاء ما يقيهم شر الفقر والحماية من المرض. وهناك الآن قوافل عائدة إلى قراهم البعيدة مئات الكيلومترات عن المدن الكبرى مثل نيودلهي وبومباي، على أمل إيجاد تضامن اجتماعي وتكافل عائلي يقيهم شر العوز.
وفقاً لمنظمة العمل الدولية، فإن 60% من العمال في العالم يعملون في قطاعات غير رسمية. أي أن نحو مليارين من هؤلاء لا يتمتعون بعقود عمل ولا بضمانات صحية واجتماعية تحميهم. وفي آسيا وحدها، أكد البنك الدولي أن 11 مليوناً وقعوا تحت خط الفقر خلال شهرين، ويضاف هؤلاء إلى ملايين أخرى فقيرة، وستتضاعف الأرقام في الأشهر المقبلة في موازاة طول الأزمة.
وفي الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى أسوأ اختناق اقتصادي منذ 90 عاماً، قال صندوق النقد الدولي إن على كل الدول والحكومات أن تهبّ لنجدة الأفراد والشركات الأكثر تضرراً بمساعدات وإعانات وبرامج إنقاذ، بما في ذلك القطاعات غير الرسمية أو غير المفصح عنها ضريبياً في أسواق سوداء تعجّ بالعمالة الهامشية.
عدة دول، مثل مصر والمغرب، أعلنت إنشاء صناديق ولجان خاصة مهمتها تقديم مساعدات للأكثر هشاشة في العمل والدخل. وأقرت الأرجنتين 151 دولاراً شهرياً للمعدمين وثبّتت أسعار السلع الأساسية. وبيرو أعلنت أنها ستمنح العائلات الأشد فقراً 108 دولارات شهرياً.
ولأن القطاع الخاص متوقف عن العمل فإن السلطات العامة تلعب دوراً محورياً للحؤول دون تفشي الفقر بسرعة تفشي فيروس «كورونا»، خصوصاً في الدول الفقيرة التي تعتمد على تحويلات عمالتها في الخارج لأن تلك التحويلات توقفت أو تراجعت بنسب كبيرة.
وتسأل المنظمات الدولية عما يمكن أن تفعله حكومات، في أفريقيا على سبيل المثال، وهي لا تملك مالاً ولا قدرة إدارية على الإنفاق على الفقراء المتضررين من الأزمة، علماً بأن كثيراً من تلك الدول ليست لديها شبكات أمان اجتماعي، وبالتالي هي أمام معضلة تتفاقم وتهدد الاستقرار فيها. ويقول وزير في ليبيريا إن دولته محدودة القدرة وهي عاجزة عن مساعدة الفقراء لا سيما القاطنين في أرياف بعيدة. وهنا، برأيه، يأتي دور المنظمات غير الحكومية التي عليها الآن واجب المساعدة بكل ما أوتيت من وسائل حتى لو كانت تلك الوسائل متواضعة لأنها تبقى أفضل من لا شيء.
وفي بعض الدول الفقيرة، مثل نيجيريا، فإن الإنفاق على الغذاء يلتهم نصف ميزانية الأسرة، وفي عالم يعاني فيه 821 مليون بشري من سوء التغذية، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة، فإن الأزمة الحالية تتجه إلى مفاقمة خطورة عدم حصول الفقراء على الغذاء. لذا فإن المساعدات الغذائية لا تقل أهمية عن المساعدات المالية بل تتجاوزها أهميةً، حيث الفقر المدقع.
وكشفت الهند عن حزمة قيمتها 20 مليار دولار لمضاعفة الإعانات الغذائية التي يستفيد منها نحو ثلثي السكان. لكن اقتصادياً في مومباي يقول إن ذلك ليس كافياً، علماً بأن ميزانية الهند تعاني من عجز نسبته 7.5% من الناتج، ما يعني أن هامش المناورة الإنفاقية ضيق.
وكان صندوق النقد الدولي وفي تقييم أوّلي أعلنه في 27 مارس (آذار) الماضي قد قدّر حاجة الدول النامية إلى 2.5 تريليون دولار لتجاوز الأزمة، لكن المشكلة تكمن في أن هذه الدول رازحة تحت أعباء ديون ثقيلة. فبين 2010 و2018 ارتفعت نسبة ديون دول أفريقيا جنوب الصحراء من 40 إلى 60% من الناتج. ونصف دول القارة الأفريقية تخطى النسب التي أوصى باحترامها صندوق النقد الدولي لبقاء قروضها إلى ناتجها ضمن النطاق المقبول، أي أنها الآن عند حد الإفلاس أو التعثر في السداد وبالتالي قد يتزعزع الاستقرار فيها.
واستشعرت دول مجموعة العشرين تلك المخاطر وتعهدت في 31 مارس الماضي بمساعدة الدول الفقيرة في تحمل أعباء ديونها مرحلياً بانتظار عبور هذه الأزمة، لكنّ هذه الوعود لن تتحقق قريباً لأن الدول الغنية منشغلة بنفسها حالياً بعدما تفشى فيروس «كورونا المستجد» فيها بقوة، وهو في طريقه لتكبيدها أثقل كلفة منذ الحرب العالمية الثانية وفقاً للمفوضية الأوروبية في بروكسل. لكن المفوضية تؤكد أن الدول الصناعية ستتجاوز الأزمة كما حصل بعد 2008 أما الدول الفقيرة فستخرج من هذه المحنة أكثر فقراً.
وعلى صعيد متصل، فإن الدول الناشئة التي تواجه تفشي المرض هي في وضع صعب بشكل مضاعف، بعدما بدأت ترى انسحاب الاستثمارات الأجنبية منها، هذا فضلاً عن فقدانها للإيرادات السياحية وهبوط أسعار المواد الأولية التي تنتجها بعدما تراجع الطلب العالمي على عدد من تلك السلع. وكان معهد التمويل الدولي أكد في تقرير صدر منتصف الشهر الماضي أن الرساميل الأجنبية المنسحبة من الدول النامية والناشئة زادت على 60 مليار دولار منذ بداية العام، وتضاعف الرقم منذ ذلك الحين إثر تسارع طوارئ مواجهة تداعيات تفشي «كورونا المستجد» الذي بات وباءً عالمياً غير قابل للاحتواء بسهولة في المدى المنظور.



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.