تأهب أميركي - إيراني لـ«مواجهة مضبوطة» في العراق

فيروس كورونا يتفش في العراق والمواجهات الأميركية- الإيرانية تهدده (أ.ب)
فيروس كورونا يتفش في العراق والمواجهات الأميركية- الإيرانية تهدده (أ.ب)
TT

تأهب أميركي - إيراني لـ«مواجهة مضبوطة» في العراق

فيروس كورونا يتفش في العراق والمواجهات الأميركية- الإيرانية تهدده (أ.ب)
فيروس كورونا يتفش في العراق والمواجهات الأميركية- الإيرانية تهدده (أ.ب)

تزداد احتمالات حصول صدام في العراق، بين القوات الأميركية من جهة، وفصائل مدعومة من إيران من جهة أخرى على وقع استمرار التموضع العسكري لمواجهة جديدة، واستمرار مشاورات تشكيل حكومة جديدة في بغداد.
من جهته، قام الجيش الأميركي بإخلاء مواقعه في قاعدة القيارة الجوية جنوب الموصل، والقصر الرئاسي السابق شمال الموصل، وقاعدتي «كيه 1» قرب كركوك والقائم على الحدود مع سوريا، وسُلمت أمس قاعدة «الحبانية»، إلى الغرب من بغداد، للقوات العراقية، حيث تم سحب القوات من المراكز الصغيرة وتجميعها في مجمعات أكبر لتوفير فرص أكبر لحمايتها من هجمات صاروخية ممكنة عبر منظومات «باتريوت»، التي وصلت، بالفعل، إلى «عين الأسد» في محافظة الأنبار غرب العراق مع توقع شحن منظومتين من الكويت في الأيام المقبلة تخطط القوات الأميركية لنشرهما في قاعدة «حرير» قرب أربيل، عاصمة إقليم كردستان.
وأفادت مصادر دبلوماسية غربية بأن التحركات العسكرية الأميركية مردّها إلى وجود معلومات في واشنطن عن حصول مزيد من الهجمات على هذه القواعد، في وقت قدم مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) بينهم رئيس هيئة الأركان مارك ميلي، ورئيس القيادة المركزية كينيث ماكنزي، مقترحات لشن عمليات خاطفة ضد «كتائب حزب الله» العراقية الموالية لإيران المسؤولة عن الهجمات الممنهجة على المراكز العسكرية الأميركية في العراق والتي تستعد لشن هجوم ضخم. وتحدث بعض المصادر عن وجود قائمة بعشرة أهداف قد تستهدفها واشنطن، تشمل فصائل أخرى مقربة من طهران.
وكان الرئيس دونالد ترمب قد كتب على «تويتر» أنه بناءً على معلوماته وقناعاته، فإن «إيران أو الجماعات التي تعمل عنها بالوكالة يخططون لهجوم سريع ضد قوات و(أو) أصول أميركية في العراق. إذا حدث ذلك، ستدفع إيران ثمناً فادحاً للغاية».
في المقابل، قامت طهران بسلسلة من الخطوات، إذ إنها وجّهت على لسان أكثر من مسؤول إيراني تحذيرات إلى واشنطن، كان بينها اعتبار رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري، الهجمات الأخيرة على القواعد الأميركية في العراق «ردَّ فعلٍ طبيعياً على مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس واستمرار الوجود العسكري الأميركي».
كما أن القائد الجديد لـ«فيلق القدس» في «الحرس» الإيراني إسماعيل قاآني، زار بغداد بعد شهرين على اغتيال سلفه قاسم سليماني بغارة أميركية، لإجراء مشاورات إزاء الضغط على الجانب الأميركي «عبر استهداف قواته بعمليات عسكرية يمكن نفيها»، حسب المصادر. كما أنه تدخل في مشاورات تشكيل الحكومة بعد تكليف الرئيس برهم صالح، محافظ النجف السابق عدنان الزرفي، في 16 الشهر الماضي، ذلك أن طهران ترى الزرفي «قريباً من واشنطن، مثل محمد توفيق علاوي، الأمر الذي وضع في الواجهة مدير المخابرات مصطفى الكاظمي المقبول من طهران وواشنطن، علماً بأن القوى الكردية أبدت تأييدها للزرفي في اليومين الماضيين».
حسب المصادر، فإن «ما يفرمل» المواجهة الأميركية - الإيرانية حالياً، أمران: الأول، قرار الرئيس ترمب «ضرب وكلاء إيران لكن من دون الدخول في حرب مباشرة مع إيران»، أي أن يكون التصعيد مضبوطاً في ضوء التعقيدات الإقليمية والأميركية والحرب على «كورونا». الآخر، عدم انهيار المشاورات الجارية لتشكيل حكومة عراقية وسط مخاوف من انعكاس ذلك على النظام السياسي العراقي ككل الغارق في مشكلات وجهود مواجهة الوباء.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.