البرلمان التونسي يعقد جلسة لحسم الخلاف مع الحكومة

TT

البرلمان التونسي يعقد جلسة لحسم الخلاف مع الحكومة

عقد البرلمان التونسي أمس جلسة عامة «عن بعد»، خصصت لتجاوز الخلاف الحاد الذي احتدم بين البرلمان والحكومة حول تفويض «صلاحيات استثنائية» لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.
وتمخض الاجتماع الذي ضم رؤساء الكتل البرلمانية وممثلي الحكومة، عن إقرار بعض التغييرات على مشروع القانون الذي ناقشته لجنة النظام الداخلي في البرلمان. وتمثلت هذه التغييرات في تمديد آجال سريان مفعول التفويض لمدة شهرين، وإسقاط الفصل المتعلق بمراقبة دستورية المراسيم من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.
وسيمكن هذا التوافق حكومة الفخفاخ من تفعيل 13 مرسوماً حكومياً كقوانين، وهي تتعلق بتطبيق الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي أعلنتها الحكومة في إطار خطة إنقاذ، تبلغ كلفتها 2.5 مليار دينار تونسي، وتستهدف مساعدة أكثر من 250 ألف عائلة معوزة، و630 ألفاً من العائلات التي تعيش تحت خط الفقر، ليرتفع بذلك عدد الذين سيحصلون على مساعدات حكومية إلى نحو 1.3 مليون مستفيد.
على صعيد آخر، أكد غازي الشواشي، وزير تونس لأملاك الدولة، أن لجنة الأملاك المصادرة (لجنة حكومية) قررت تفويت 15 عقاراً مختلفاً من الأملاك التي تمت مصادرتها من رموز نظام بن علي السابق، والتي تتوزع بين شقق وأراضٍ وقصور وشركات كبرى ومؤسسات إعلامية، وفي مقدمتها مؤسستا «شمس إف إم» (إذاعة مصادرة) و«دار الصباح» (مؤسسة إعلامية تصدر صحيفتين).
وقال الشواشي إن جميع الأملاك المصادرة سيتم تفويتها لضمان توفير موارد إضافية لخزينة الدولة، معتبراً أن دقة وخطورة المرحلة الاستثنائية التي تمر بها تونس بسبب تفشي وباء «كورونا» المستجد، تتطلب تضافر كل الجهود من أجل مواجهة تبعات الوباء الداهم.
في السياق ذاته، أكد رئيس الحكومة في حوار تلفزيوني، بثته القناة الوطنية الأولى (حكومية)، أن تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد حول ضرورة مساهمة رجال الأعمال في تعزيز جهود الدولة، لتجاوز الشلل الاقتصادي الذي تعرفه البلاد خلال هذه الفترة «فهم بشكل خاطئ». وقال إن الرئيس سعيد «لم يتحدث عن مصادرة أموال رجال الأعمال؛ بل كان فقط يأمل ألا تضطر الدولة إلى اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، ولم يتحدث عن مصادرة للمؤسسات أو الثروات».
وأوضح الفخفاخ أن مقاومة الفساد في تونس «لن تستثني أحداً»؛ مشيراً إلى أن أجهزة الدولة تعيش اليوم «حرباً ضد فيروس (كورونا)، مما يستدعي تعبئة موارد مالية من الخارج، أو من الشركات والمؤسسات التونسية، القادرة على المساهمة»، وأن الحكومة تحتاج لحوالي مليار دولار (نحو 2.8 مليار دينار تونسي) من التمويلات الداخلية والخارجية لمواجهة تداعيات الأزمة، داعياً الشركات إلى دعم جهود الدولة. وأوضح في هذا السياق أن طلب الدولة من رجال الأعمال التضامن والمساهمة، هو مجرد «طلب وليس تهديداً»، مبرزاً أن رجال الأعمال التونسيين «لم يرفضوا المساهمة في توفير موارد مالية للدولة، ولم يرفضوا قرارات الدولة؛ بل عبروا عن تخوفهم من تعطيل البيروقراطية لحملة المساهمات في توفير موارد لفائدة الدولة».
وكان عدد من السياسيين المنتمين إلى المعارضة قد انتقدوا تلويح الرئيس سعيد بمعركة قوية مع بعض من رجال الأعمال المحسوبين على نظام بن علي، بعد أن خيَّرهم بين دعم خزينة الدولة عن طيب خاطر، بهدف مقاومة وباء «كورونا»، أو اللجوء إلى استخدام سلاح القانون. وذكَّر في هذا السياق بقائمة رجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد مالي مع نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وقد قدرت مصادر حكومية المبالغ التي تصرَّف فيها نحو 400 رجل أعمال تونسي، دون سند قانوني، بأكثر من 10 مليارات دينار (نحو 3.6 مليار دولار).
في السياق ذاته، نفى الشواشي ما اعتبره «إشاعات مغرضة حول مصادرة أموال رجال أعمال تونسيين»، قائلاً إن ما يتم ترويجه لا يعدو أن يكون «مجرد معركة وهمية مفتعلة تضرُّ بالمصلحة الوطنية في هذا الظرف الدقيق» على حد قوله.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.