آندرو كومو... حاكم نيويورك يخطف الأضواء وترمب يسعى لاستخدامه في معركته الانتخابية

جراء أزمة {كورونا}

آندرو كومو... حاكم نيويورك يخطف الأضواء وترمب يسعى لاستخدامه في معركته الانتخابية
TT

آندرو كومو... حاكم نيويورك يخطف الأضواء وترمب يسعى لاستخدامه في معركته الانتخابية

آندرو كومو... حاكم نيويورك يخطف الأضواء وترمب يسعى لاستخدامه في معركته الانتخابية

كما في كل شيء تقريباً، تأخذ الأمور في الولايات المتحدة منحى يتداخل فيه السياسي، بالشخصي، بالحزبي، بالموقع الرسمي، لدى تناول شخصية عامة تلعب دورا مؤثرا، أو يعتقد على الأقل أنها تقوم بذلك بالفعل. إلا أن الصورة تغدو أوضح إذا كانت تلك الشخصية من وزن حاكم ولاية نيويورك آندرو كومو، الذي لمع اسمه فجأة في الآونة الأخيرة بعد تفجّر أزمة وباء فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19»، وتفشيه في مدينة نيويورك، حيث سجل أكثر من نصف عدد المصابين بهذا الوباء على مستوى الولايات المتحدة.
ولاية نيويورك عاصمتها مدينة ألباني الصغيرة، لكن مدينة نيويورك هي الأشهر فيها.
إنها أكبر المدن الأميركية، سواء لناحية عدد السكان أو مساحتها الجغرافية. ثم إنها العاصمة الاقتصادية للولايات المتحدة، وأحد المراكز الحساسة للاقتصاد العالمي. أضف إلى ذلك أن المدينة تحتضن أكبر بورصة في العالم حيث ما يعرف بـ«وول ستريت»، أكبر مركز مالي وتجاري ومصرفي في العالم. ويوجد فيها مقر الأمم المتحدة الرئيسي، وتعتبر من أهم منارات الثقافة في العالم، وفيها أهم دور العرض الفنية والتجارية والثقافية والأزياء والتكنولوجيا والتعليم والترفيه.
لم يخطر على بال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه قد يستغل اسم كومو في حملته السياسية والانتخابية، لزعزعة حظوظ منافسه الرئيسي في الحزب الديمقراطي جو بايدن، «المحجور» في منزله أسوة بباقي المواطنين الأميركيين بسبب الوباء. وأعرب في مقابلة تلفزيونية قبل أيام عن اعتقاده أن الحاكم كومو يمكن أن يكون منافسا جيدا له، بدلا من جو «النعسان» – وهذا هو اللقب الذي درج ترمب على استعماله ازدراءً بمنافسه - وهو أسلوب بات معروفا عنه في مهاجمة خصومه وتحقيرهم بشكل شخصي، عبر إطلاق صفات لم تعهدها السياسة الأميركية من قبل.

المرشح المحتمل
في الواقع سبق أن تكهنت عدة وسائل إعلام أميركية باحتمال ترشح آندرو كومو للانتخابات الرئاسية، سواء في 2016 أو 2020. وأشارت عدة تقارير إلى أن كومو دعم «المؤتمر الديمقراطي المستقل»، وهو قائمة تضم العديد من الجمهوريين، بينهم أنصار لترمب، قبل أن يُحل ويهزم في انتخابات 2018 النيابية، في محاولة منه ليبدو أكثر اعتدالا، تمهيدا «لطموح رئاسي».
غير أن كومو أحجم عن ترشيح نفسه ولم يخض الانتخابات التمهيدية المتوقفة الآن. ونفى تماما نيته خوض انتخابات الرئاسة خلال مقابلة تلفزيونية مع شقيقه كريس كومو، مقدم البرامج الشهير على محطة «سي إن إن» التلفزيونية. وللعلم، أعلن كريس إصابته بالفيروس أخيراً، وهو يخضع لحجر صحي في قبو منزله بعدما حوله إلى استديو يمارس منه عمله كما العديد من مقدمي البرامج في المحطات الأميركية.
من ناحية ثانية، اتهمت قيادة الحزب الديمقراطي ترمب باستغلال أزمة الوباء لخلط الأوراق وزعزعة قاعدة الحزب المنقسمة أصلا، حيث لا يزال السيناتور اليساري بيرني ساندرز يصر على ترشحه، وسط دعوات حثيثة لإنهاء حملته. واللافت أن ساندرز ماض بالترشح، رغم خسارته غالبية الانتخابات التمهيدية التي أجريت، وثمة صعوبة بالغة في تمكنه من ردم الهوة مع بايدن لجهة الحصول على عدد كاف من أصوات المندوبين.
تعليقات أخرى اعتبرت مناورة ترمب، بأنها محاولة لتعميق الانقسام بين الفئات الشابة المؤيدة لساندرز والقاعدة الجماهيرية للحزب، ما قد يؤدي إلى امتناعها عن التصويت لبايدن في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، الأمر الذي سيصب حتما في مصلحة ترمب.

كومو ينافس ظهور ترمب
غير أن آخرين يعتبرون أن النجاح الذي يحققه حاكم نيويورك بسبب موقعه الرسمي، وصعود أسهمه وارتفاع عدد مؤيديه، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وظهوره الكثيف على شاشات التلفزيون، بات ينافس ظهور ترمب اليومي لمتابعة أنباء الوباء. ويعتقد معظم هؤلاء أن ظهوره أزعج الرئيس واعتبره تهديدا لاحتكاره موجات الأثير المرئي، بينما منافسه الرسمي بايدن قابع في منزله... يفتش عن وسيلة لخرق الحصار الذي فرضه انتشار الوباء.
في أي حال، يواصل ترمب التقليل من دور كومو في التصدي للوباء في نيويورك، قائلا إن نجاحه يعود إلى المساعدات التي قدمتها إدارته وتلبيتها كل طلباته، رغم الانتقادات العلنية والقاسية التي وجهها كومو لما اعتبره سلبية أداء الحكومة الفيدرالية في واشنطن. ورغم قوله إنه جاهز لمواجهة أي منافس سياسي، كرر كومو «إن الوضع خطير ومميت وإذا كنا منقسمين فسيهزمنا الفيروس».
كومو وفريق عمله ومسؤولو الولاية تعرضوا في البداية لانتقادات مكثفة، بعضها جاء من سكان الولاية «المنكوبة»، ومن جهات محسوبة أو مؤيدة لترمب والجمهوريين عموما، تحملهم مسؤولية البطء في اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة انتشار الفيروس.
أيضاً، تداول ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي تصريحات عدد من مسؤولي الولاية يقللون فيها من خطر الفيروس في يناير (كانون الثاني) الماضي، لتجنب إثارة الهلع بين السكان. لكن طبيعة المدينة الأكثر حضرية بين المدن الأميركية، لم تترك لكومو خيارا سوى تغيير أدائه على وجه السرعة. فغالبية السكان تستخدم النقل العام، من قطارات الأنفاق وحافلات النقل العام وسيارات الأجرة، بسبب ازدحام شوارعها القاتل، وكثافة السكان الذين يتنقلون سيرا على أقدامهم في شوارعها الشهيرة. ولا ننسى أنه في نيويورك «حي صيني» كبير، وكل هذه عوامل أدت كلها لتوفير الأجواء المناسبة لانتشار الفيروس بشكل لا مثيل له مع باقي المدن والولايات الأميركية.

العلماء... مع كومو
من جانب آخر، تلقى كومو المديح على نطاق واسع من علماء الأوبئة بعد إغلاقه الولاية والأعمال غير الضرورية لكسر منحنى صعود الفيروس. بل في 28 مارس (آذار) الماضي هدد كومو ولاية رود إيلاند برفع دعوى قضائية ضدها بشأن سياسة التمييز الصحي التي تريد تطبيقها، عبر منع سكان نيويورك من دخولها. وهذا ما كان من بين الأسباب التي منعت الرئيس ترمب أيضا من إصدار قرار فيدرالي بفرض الحجر الإلزامي على تنقل سكان عدد من الولايات، بينهم نيويورك، الأسبوع الماضي.
ونتيجة للسياسات التي اعتمدها كومو، والإجراءات القاسية التي فرضت إغلاقا كاملا لمدينة نيويورك، أظهر آخر استطلاع للرأي نشره معهد سيينا أن معدلات قبول الحاكم النشط ارتفعت هذا الشهر، بعدما استجاب للأزمة التي أطلقها انتشار الفيروس.
إذ أيد 87 في المائة ممن شملهم الاستطلاع طريقة تعامل كومو مع الوباء. كما أعرب 76 في المائة عن رضاهم عن كيفية استجابة قسم الصحة المحلي، وعبّر 74 في المائة عن رضاهم على الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، في حين نال ترمب ونائبه مايك بنس على رضى 41 في المائة فقط.
الاستطلاع خلص أيضاً إلى أن نسبة عدد سكان نيويورك الذين ينظرون إلى الحاكم بشكل إيجابي ارتفعت إلى 71 في المائة من 44 في المائة فقط في فبراير (شباط) الماضي.
وقال المتحدث باسم الاستطلاع ستيفن غرينبرغ إن الحاكم كومو يحظى «بدعم شبه عمومي»، حيث يوافق 85 في المائة على الأقل من الناخبين من كل منطقة على تعامله مع الأزمة، وكذلك على دعم 95 في المائة من الديمقراطيين و87 في المائة من المستقلين وحتى 70 في المائة من الجمهوريين.
على هذا الأساس، وبمقاييس ترمب، قرع آندرو كومو جرس إنذار كبير لديه، خصوصاً، وأن شخصيته وتاريخه ودوره السياسي وتجربته الطويلة في الشأن العام، مزايا تمنحه القدرة على أن يكون خصما عنيدا، له ولإرثه من بعده في مدينة نيويورك التي يتحدر منها الرئيس أيضا.

بطاقة هوية
آندرو مارك كومو من مواليد 6 ديسمبر (كانون الأول) 1957 في حي كوينز في مدينة نيويورك، لأسرة تتحدر من أصل إيطالي لجهتي الأب والأم. وهو سياسي ينتمي للحزب الديمقراطي ومؤلف ومحامٍ بجانب كونه الحاكم الـ56 للولاية، وهو يتولى هذا المنصب منذ 2011.
والده ماريو كومو كان قبله محامياً لامعاً وحاكماً ناجحاً لولاية نيويورك لثلاث فترات متتالية، وجرى تداول اسمه غير مرة كمرشح عن الحزب الديمقراطي لرئاسة الجمهورية. أما والدته فاسمها ماتيلدا نيرافا. ولآندرو خمسة أشقاء بينهم كريس كومو وشقيقته الدكتورة مارغريت عالمة الأشعة الشهيرة.
تخرج آندرو كومو في مدرسة سانت جيرارد ماجيلا في عام 1971 ومدرسة المطران مولوي الثانوية في عام 1975، ثم تابع تعليمه الجامعي وحصل على درجة البكالوريوس من جامعة فوردهام – إحدى أعرق الجامعات الكاثوليكية في الولايات المتحدة – عام 1979. ثم حاز على الإجازة في الحقوق من معهد ألباني للحقوق التابع لجامعة يونيون (ريف ولاية نيويورك) عام 1982.

تاريخ سياسي حافل
بدأ آندرو كومو حياته المهنية مديراً لحملة والده، ثم محامياً مساعدا لمنطقة في مدينة نيويورك. ثم أسس مؤسسة الإسكان «هلب يو إس إيه» (HELP USA) وعُيّن رئيسا للجنة نيويورك للمشردّين في المدينة، وهو المنصب الذي شغله من عام 1990 إلى عام 1993.
في عام 1993 انضم كومو إلى إدارة الرئيس بيل كلينتون كمساعد وزير التخطيط المجتمعي والتنمية في وزارة الإسكان والتنمية الحضرية بالولايات المتحدة. ومن 1997 إلى 2001. شغل منصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية خلفا للوزير هنري سيسنيروس.
في عام 2006 انتخب كومو مدعيا عاما لنيويورك، وفي العام 2010 انتخب حاكما للولاية، وأعيد انتخابه مرتين بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية ضد المنافسين الليبراليين زيفير تيتش أوت (2014) وسينثيا نيكسون (2018). وخلال فترة ولايته، أشرف كومو على تمرير قانون يشرّع زواج المثليين في نيويورك، وإنشاء تحالف الولايات المتحدة للمناخ، وهي مجموعة من الدول ملتزمة بمكافحة تغير المناخ باتباع شروط «اتفاقيات باريس للمناخ».

إجراءات بالجملة
بالإضافة إلى ذلك، مرّر كومو أكثر قوانين مراقبة الأسلحة صرامة في الولايات المتحدة، ودعم توسيع المساعدة الطبية وقانون ضرائب جديد يرفعها على الأغنياء ويخفضها على الطبقة الوسطى. وكذلك أقر منح إجازة عائلية مدفوعة الأجر وزيادة الحد الأدنى للأجور والمساواة في الأجور بين الجنسين وتشريع استخدام الماريغوانا الطبية.
وفي عام 2000 قاد كومو جهود وزارة الإسكان والتنمية الحضرية للتفاوض على اتفاقية مع شركة سميث اند ويسون، أكبر مصنّع للمسدسات والبنادق اليدوية، لتغيير تصميمها وتوزيعها وتسويقها لجعلها أكثر أمانا والمساعدة في إبعادها عن أيدي الأطفال والمجرمين. وتضمنت ميزانيات وزارته زيادة المعروض من المساكن الميسرة التكلفة وتمكين المواطنين من تملّك المنازل، وقوانين لخلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية. وشمل ذلك إعانات مساعدة الإيجارات الجديدة، وإصلاحات لدمج الإسكان العام، وقيودا أعلى على الرهون العقارية المؤمن عليها من قبل إدارة الإسكان الفيدرالية، وقمع التمييز في الإسكان وبرامج موسعة لمساعدة المشردين في الحصول على السكن والوظائف، وإنشاء مناطق تمكين جديدة.
في المقابل، يؤخذ على كومو أن طلبه بزيادة القروض لمنازل الفقراء في محاولة لإنهاء التمييز ضد الأقليات، عبر إجبار مؤسستي فاني ماي وفريدي ماك العقاريتين العملاقتين المدعومتين من الحكومة، على شراء القروض المشكوك بتحصيلها، ساعد في حدوث أزمة الرهن العقاري عام 2008.
وفي عام 1998 قالت المفتشة العامة التي عينها الرئيس بيل كلينتون في وزارة الإسكان سوزان غافني، أمام لجنة في مجلس الشيوخ إنها كانت ضحية «تصعيد» الهجمات على مكتبها من قبل كومو و«مساعديه الرئيسيين»، بما في ذلك الاتهامات بالعنصرية والتمرد والمخالفة. وفي عام 1999. خلص مكتب غافني إلى أن 15 من أصل 19 هدفا لمؤسسة «بناة المجتمع» التي كان خلفها كومو، كانت أنشطة وليست إنجازات فعلية وأن مبادراته «كان لها تأثير معوق على العديد من عمليات الوزارة القائمة». وفي مايو (أيار) 2001 تقاعدت غافني بعد فترة وجيزة من التوصل إلى تسوية بقيمة 490 ألف دولار مع موظف أسود اتهمها بالتمييز العنصري ومنعه من الترقي.

مع هيلاري... ضد أوباما
في عام 2008، قال كومو، الذي كان يدعم ترشح هيلاري كلينتون عن منافسها باراك أوباما: «لا يمكنك الرفض والركض في مؤتمر صحافي»، ما أدى لتعرضه لانتقادات عدة لاستخدامه عبارة كانت تطلق على الأميركيين الأفارقة خلال حقبة التمييز العنصري والعبودية.
ولاحقاً، في استطلاع رأي في فبراير 2019. أجري بعد توقيعه عددا من التشريعات التي وصفت بـ«التقدمية»، بينها التوسع في الإجهاض وقوانين الأسلحة أكثر صرامة، تراجعت شعبية كومو إلى 43 في المائة وهو الأدنى له، ورفضه 50 في المائة من «النيويوركيين»، ما يشير إلى أن تلك التشريعات أزعجت بعض الناخبين وساهمت في خفض شعبيته.
غير أن أسلوبه الحازم في التعامل مع الوباء الذي وضع نيويورك في عين العاصفة... أعاد له رضى الشارع، داخل ولايته وخارجها.



منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)

يسدلُ الستارُ على آخر مشاهد عام 2024 في منطقة الساحل الأفريقي، ورغم أن هذه الصحراء الشاسعة ظلت رتيبة لعقود طويلة، فإن المشهد الأخير جاء ليكسر رتابتها، فلم يكن أحد يتوقع أن ينتهي العام والمنطقة خالية من القوات الفرنسية، وأن يحل محلها مئات المسلحين الروس، وأنّ موسكو ستكون أقربَ من باريس لكثير من أنظمة الحكم في العديد من بلدان القارة السمراء.ورغم أن الفرنسيين كانوا ينشرون في الساحل أكثر من 5 آلاف جندي لمحاربة الإرهاب، بينما أرسل الروس بدورهم مرتزقة شركة «فاغنر» للمساعدة في المهمة نفسها، التي فشل فيها الفرنسيون، فإن الإرهاب ما زال يتمدد، بل إنه ضرب في قلب دول الساحل هذا العام، كما لم يفعل من قبل.

لم يكن الإرهاب حجةً للتدخل العسكري الأجنبي فقط، وإنما كان حجة جيوش دول الساحل للهيمنة على الحكم في انقلابات عسكرية أدخلت الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينا فاسو، في أزمة حادة مع جيرانها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، انتهت بالقطيعة التامة وانسحاب الدول الثلاث من المنظمة الإقليمية التي كانت حتى وقت قريب تمثّلُ حلماً جميلاً بالاندماج والتكامل الاقتصادي.

بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب والعزلة الإقليمية، حمل عام 2024 معه لدول الساحل تداعيات مدمرة للتغيّر المناخي، فضرب الجفاف كثيراً من المحاصيل الزراعية، وجاءت بعد ذلك فيضانات دمّرت ما بقي من حقول وقرى متناثرة في السافانا، وتسببت في موت الآلاف، وتشريد الملايين في النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو.

صورة وزعها الجيش الفرنسي لمقاتلين من المرتزقة الروس خلال صعودهم إلى مروحية في شمال مالي في أبريل 2022 (الجيش الفرنسي - أ.ب)

الخروج الفرنسي

الساحل الذي يصنّف واحدة من أفقر مناطق العالم وأكثرها هشاشة، كان يمثّلُ الجبهة الثانية للحرب الروسية - الأوكرانية، فكان مسرحاً للصراع بين الغرب وروسيا، وقد تصاعد هذا الصراع في عام 2024، وتجاوز النفوذ السياسي والاستراتيجي، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة من أجل الهيمنة على مناجم الذهب واليورانيوم وحقول النفط، والموارد الهائلة المدفونة في قلب صحراء يقطنها قرابة 100 مليون إنسان، أغلبهم يعيشون في فقر مدقع.

يمكن القول إن عام 2024 محطة فاصلة في تاريخ الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، خصوصاً أن الفرنسيين دخلوا المنطقة مطلع القرن التاسع عشر، تحت غطاء تجاري واقتصادي، ولكن سرعان ما تحوّل إلى استعمار عسكري وسياسي، هيمن بموجبه الفرنسيون على المنطقة لأكثر من قرن من الزمان، وبعد استقلال هذه الدول، ظلت فرنسا موجودة عسكرياً بموجب اتفاقات للتعاون العسكري والأمني.

ازداد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل بشكل واضح، عام 2013، بعد أن توجّه تنظيم «القاعدة» إلى منطقة الساحل الأفريقي، ليتخذ منها مركزاً لأنشطته بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق، ومستغلاً في الوقت ذاته الفوضى التي عمّت المنطقة عقب سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011. حينها أصبح الفرنسيون يقودون «الحرب العالمية على الإرهاب» في الساحل، وأطلقوا عملية «سيرفال» العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2013، التي تحوّلت عام 2014 إلى عملية «برخان» العسكرية التي كان ينفق عليها الفرنسيون سنوياً مليار يورو، وينشرون فيها أكثر من 5 آلاف جندي في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

على وقع هذه الحرب الطاحنة بين الفرنسيين وتنظيم «القاعدة»، وانتشار الجنود الفرنسيين بشكل لافت في شوارع المدن الأفريقية، تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في الأوساط الشعبية، ما قاد إلى انهيار الأنظمة السياسية الموالية لباريس، وسيطر عسكريون شباب على الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكان أول قرار اتخذوه هو «مراجعة» العلاقة مع فرنسا، وهي مراجعة انتهت بالقطيعة التامة.

حزمت القوات الفرنسية أمتعتها وغادرت مالي، ثم بوركينا فاسو والنيجر، ولكن المفاجأة الأكبر جاءت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حين قررت تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، وهي التي ظلت دوماً توصف بأنها «حليف استراتيجي» للفرنسيين والغرب في المنطقة.

وبالفعل بدأ الفرنسيون حزم أمتعتهم ومغادرة تشاد دون أي تأخير، وغادرت مقاتلات «ميراج» الفرنسية قاعدة عسكرية في عاصمة تشاد، إنجامينا، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين بدأ الحديث عن خطة زمنية لخروج أكثر من ألف جندي فرنسي كانوا يتمركزون في تشاد.

ربما كان تطور الأحداث خلال السنوات الأخيرة يوحي بأن الفرنسيين في طريقهم إلى فقدان نفوذهم التقليدي في منطقة الساحل، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن عام 2024 شكّل «لحظة الإدراك» التي بدأ بعدها الفرنسيون يحاولون التحكم في صيغة «الخروج» من الساحل.

صورة جماعية لقادة دول "الإيكواس" خلال قمتهم في أبوجا بنيجيريا يوم 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقد قرَّر الفرنسيون التأقلم مع الوضع الجديد في أفريقيا، حين أدركوا حجم الجهد الضائع في محاولة المواجهة والضغط على الأنظمة العسكرية المتحالفة مع روسيا، فهذه الأنظمة لا تتوقف عن «إذلال» القوة الاستعمارية السابقة بقرارات «استفزازية» على غرار اعتقال 4 موظفين بالسفارة الفرنسية في بوركينا فاسو، واتهامهم بالتجسس، وبعد عام من السجن، أُفرج عنهم بوساطة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 19 ديسمبر 2024.

وفي النيجر، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في يونيو (حزيران) 2024، إلغاء رخصة شركة فرنسية كانت تستغل منجماً لليورانيوم شمال البلاد، وسبق أن قرَّرت النيجر، على غرار مالي وبوركينا فاسو، منع وسائل الإعلام الفرنسية من البث في البلاد بعد أن اتهمتها بنشر «أخبار كاذبة».

يدخل مثل هذه القرارات ضمن مسار يؤكد أن «النقمة» تجاه الفرنسيين في دول الساحل تحوّلت إلى قرار نهائي بالقطيعة والخروج من عباءة المستعمِر السابق. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة هذه القطيعة لتشمل دولاً أفريقية أخرى ما زالت قريبةً من باريس، وضع الفرنسيون خطةً لإعادة هيكلة وجودهم العسكري في أفريقيا، من خلال تخفيض قواتهم المتمركزة في السنغال، وكوت ديفوار، والغابون، وجيبوتي.

أسند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة إعداد هذه الخطة إلى جان-ماري بوكل، حين عيّنه في شهر فبراير (شباط) 2024 مبعوثاً خاصاً إلى أفريقيا، وهي المهمة التي انتهت في نحو 10 أشهر، قدّم بعدها تقريراً خاصاً سلّمه إلى ماكرون، يوم 27 نوفمبر الماضي، ينصح فيه بتقليص عدد القوات الفرنسية المتمركزة إلى الحد الأدنى، وتَحوُّل القواعد العسكرية إلى «مراكز» أكثر مرونة وخفة، هدفها التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

الأميركيون أيضاً

حين كان الجميعُ يتحدَّث خلال العقدين الأخيرين عن الانتشار العسكري الفرنسي، والنفوذ الذي تتمتع به باريس في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، كان الأميركيون حاضرين ولكن بصمت، ينشرون مئات الجنود من قواتهم الخاصة في النيجر؛ لمساعدة هذا البلد في حربه ضد جماعات مثل «القاعدة»، و«بوكو حرام»، و«داعش». واستخدم الأميركيون في عملياتهم قاعدة جوية في منطقة «أغاديز» خاصة بالطائرات المسيّرة التي تمكِّنهم من مراقبة الصحراء الكبرى وتحركات «القاعدة» من جنوب ليبيا وصولاً إلى شمال مالي.

ولا يزال الأميركيون أوفياء لاستراتيجية الحضور العسكري الصامت في أفريقيا، على العكس من حلفائهم الفرنسيين وخصومهم الروس، ولكن التحولات الأخيرة في منطقة الساحل أرغمتهم على الخروج إلى العلن، خصوصاً حين بدأت مجموعة «فاغنر» تتمتع بالنفوذ في النيجر. حينها أبلغ الأميركيون نظام الحكم في نيامي بأنه لا مجال لدخول «فاغنر» إلى بلد هم موجودون فيه.

وحين اختارت النيجر التوجه نحو روسيا و«فاغنر»، قرَّر الأميركيون في شهر أغسطس (آب) 2024 سحب قواتهم من النيجر، وإغلاق قاعدتهم العسكرية الجوية الموجودة في شمال البلاد.

وأعلن الأميركيون خطةً لإعادة تموضع قواتهم في غرب أفريقيا، فتوجَّهت واشنطن نحو غانا وكوت ديفوار وبنين، وهي دول رفعت من مستوى تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، وتسلّمت مساعدات عسكرية كانت موجهة إلى النيجر، عبارة عن مدرعات وآليات حربية.

دبابة فرنسية على مقربة من نهر النيجر عند مدخل مدينة غاو بشمال مالي يوم 31 يناير 2013 (أ.ب)

البديل الروسي

لقد كانت روسيا جاهزة لاستغلال تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، وهي المتمركزة منذ سنوات في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، فنشرت المئات من مقاتلي «فاغنر» في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول.

لكن موسكو حاولت في العام الماضي أن ترفع من مستوى تحالفها مع دول الساحل إلى مستويات جديدة. فبالإضافة إلى الشراكة الأمنية والعسكرية، كان الروس يطمحون إلى شراكة اقتصادية وتجارية.

ولعل الحدث الأبرز في هذا الاتجاه كان جولة قام بها وفد روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، نهاية نوفمبر الماضي، وقادته إلى دول الساحل الثلاث: مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

كان الهدف من الجولة هو «تعزيز الشراكة الاقتصادية»، مع تركيز روسي واضح على مجال «الطاقة». فقد ضم الوفد الروسي رجال أعمال وفاعلين في قطاع الطاقة، وسط حديث عن اتفاقات لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، تتولى شركات روسية تنفيذها في الدول الثلاث.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّع رؤساء مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقاً مع وكالة الفضاء الروسية، ستقدم بموجبه الوكالة الروسية لهذه الدول «صور الأقمار الاصطناعية»؛ من أجل تعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاتصالات، أي أن روسيا أصبحت العين الرقيبة على دول الساحل بعد أن أُغمضت العين الفرنسية. هذا عدا عن نجاح روسيا في اللعب بورقة الأمن الغذائي، فكان القمح الروسي أهم سفير لموسكو لدى دول الساحل، وفي العام الماضي أصبحت موسكو أكبر مورِّد للحبوب لهذه الدول التي تواجه مشكلات كبيرة في توفير حاجياتها من الغذاء، فأصبح القمح الروسي يسيطر على سوق حجمها 100 مليون نسمة.

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة الساحل الأفريقي، فإن عام 2024 حمل معه أول هزيمة تتعرَّض لها مجموعة «فاغنر» الخاصة، منذ أن بدأت القتال إلى جانب الجيش المالي، قبل سنوات عدة.

جاء ذلك حين تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، إثر انسحاب مالي من اتفاقية الجزائر المُوقَّعة بين الطرفين عام 2015، ودخل الطرفان في هدنة بموجبها امتدت لقرابة 10 سنوات. لكن الهدنة انتهت حين قرر الماليون الزحف العسكري نحو الشمال حيث يتمركز المتمردون.

استطاع الجيش المالي، المدعوم من «فاغنر»، أن يسيطر سريعاً على كبريات مدن الشمال، حتى لم تتبقَّ في قبضة المتمردين سوى قرية صغيرة، اسمها تينزواتين، على الحدود مع الجزائر، وعلى مشارفها وقعت معركة نهاية يوليو (تموز) 2024، قُتل فيها العشرات من الجيش المالي و«فاغنر»، ووقع عدد منهم في الأسر.

كانت هزيمة مفاجئة ومذلة، خصوصاً حين نشر المتمردون مقاطع فيديو لعشرات الجثث المتفحمة، بعضها يعود لمقاتلين من «فاغنر»، كان من بينهم قائد الفرقة التي تقدّم الدعم للجيش المالي من أجل استعادة السيطرة على شمال البلاد.

طائرة ميراج فرنسية تُقلع من قاعدة في إنجامينا... (أ.ف.ب)

المفاجأة الأوكرانية

اللافت بعد هزيمة «فاغنر» والجيش المالي في «معركة تينزواتين» هو اكتشاف دور لعبته أوكرانيا في دعم المتمردين من أجل كسر كبرياء روسيا، من خلال إذلال «فاغنر»، وهو ما أكدته مصادر أمنية وعسكرية أوكرانية.

تحدَّثت مصادر عدة عن حصول المتمردين في شمال مالي على تدريب خاص في أوكرانيا، واستفادتهم من طائرات مسيّرة حصلوا عليها من كييف مكّنتهم من حسم المعركة بسرعة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية وفّرتها لهم المخابرات الأوكرانية وكان لها الأثر الكبير في الهزيمة التي لحقت بقوات «فاغنر» وجيش مالي.

لم يكن لأوكرانيا، في الواقع، أي نفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ولا يتجاوز حضورها سفارات شبه نائمة، لكنها وبشكل مفاجئ ألحقت بروسيا أول هزيمة على صحراء مالي، وأصبحت تطمح لما هو أكثر من ذلك. ولكن مالي أعلنت بعد مرور أسبوع على «معركة تينزواتين»، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وتبعتها في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، كما تقدَّمت مالي بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها أوكرانيا بدعم «الإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي.

رغم مكاسب روسيا في الساحل، إلا إن عام 2024 حمل معه أول هزيمة لمجموعة «فاغنر» منذ أن بدأت القتال إلى جانب جيش مالي

قادة مالي الكولونيل أسيمي غويتا، والنيجر الجنرال عبدالرحمن تياني، وبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري خلال لقاء لـ "تحالف دول الساحل" في نيامي، عاصمة النيجر، يوم 6 يوليو الماضي (رويترز)

خطر الإرهاب

في 2024 كثّفت جيوش دول الساحل حربها ضد التنظيمات الإرهابية، ونجحت في تحقيق مكاسب مهمة، وقضت على مئات المقاتلين من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد ساعدت على ذلك الشراكة مع روسيا، حيث حصلت جيوش الساحل على أسلحة روسية متطورة، كما كان هناك عامل حاسم تَمثَّل في مسيّرات «بيرقدار» التركية التي قضت على مئات المقاتلين.

لكن الخطوة الأهم في الحرب، جاءت يوم 6 مارس (آذار) 2024، حين أعلن قادة جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو إنشاء «قوة عسكرية مشتركة»؛ لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، خصوصاً في المناطق الحدودية، ما قلّص من قدرة التنظيمات الإرهابية على التنقل عبر الحدود.

في هذه الأثناء قرَّرت دول الساحل رفع مستوى هذا التعاون مطلع يوليو 2024، من خلال تشكيل «تحالف دول الساحل»؛ بهدف توحيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب، ولكن أيضاً مواقفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، قبل أن تتجه نحو تشكيل عملة موحدة وجواز سفر موحد.

في غضون ذلك، لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن شنِّ هجماتها في الدول الثلاث، ولعل الهجوم الأهم في العام الماضي ذاك الذي نفَّذه تنظيم «القاعدة» يوم 17 سبتمبر الماضي ضد مطار عسكري ومدرسة للدرك في العاصمة المالية باماكو. شكّل الهجوم الذي خلّف أكثر من 70 قتيلاً، اختراقاً أمنياً خطيراً، أثبت من خلاله التنظيم الإرهابي قدرته على الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق العسكرية حساسية في قلب دولة مالي.

في يوم 28 يناير 2024 أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي فرضت عقوبات ضد دول الساحل إثر الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وفي يوليو عادت لتُشكِّل «تحالف دول الساحل».

يؤكد التحالف الجديد رغبة هذه الدول في الانسحاب من المنظمة بشكل نهائي، ولكنه في المقابل يرسم ملامح الصراع الدولي في المنطقة. فتحالف دول الساحل يمثّل المحور الموالي لروسيا، أما منظمة «إيكواس» فهي الحليف التقليدي لفرنسا والغرب.

ورغم أن منظمة «إيكواس» في آخر قمة عقدتها خلال ديسمبر الحالي، تركت الباب مفتوحاً أمام تراجع دول الساحل عن القرار، ومنحتها مهلة 6 أشهر، إلا أن القادة العسكريين لدول الساحل ردوا على المنظمة بأن قرارهم «لا رجعة فيه».